فإن القائم مقام الفتوى يتجاذبه أصلان من أصول التشريع ووصفان من أوصافه ينزع إلى أحدهما تارة وينزع للآخر تارة أخرى حتى يكاد المفتي أن يقع متأرجحا بينهما وأعني بهما أصل النزوع للاحتياط والأخذ بالأشد والأغلظ على جهة الورع خشية الوقوع في المحظور أو مباعدة الحكم الشرعي، والأصل الثاني هو أصل التيسير ورفع الحرج والمشقة الذي يعتبر أحد مميزات التشريع الإسلامي ووصفا ثابتا من أوصاف الشريعة، فيأخذ المفتي بهما كُلاًّ في موضعه ومناسبته عند توافر أسبابه ومقتضياته وظروف تطبيقه أو ترجيحه، وذلك غاية في الأهمية والدقة يتطلب فقها عاليا ودراية فائقة من الفقيه لأنه دائر بين أصلين متعارضين في الظاهر وهو ملزم بسلوكهما لا يمكنه تجاوز أحدهما بحال إذ لكلٍّ من الأصلين أسبابٌ تدعو للأخذ به وأدلةٌ تدلُّ على مشروعيته وصحةِ الأخذِ به وسلامةِ فقهِ منتهجِه، وسيحاول هذا البحث تسليط الضوء على هذا المنهج تأصيلا وتمثيلا واستئناسا بمناهج أرباب الإفتاء قديما وحديثا
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 05/02/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - عبد القادر داودي
المصدر : مجلة الحضارة الإسلامية Volume 16, Numéro 26, Pages 71-100 2015-02-01