الجزائر

منظمة الصحة العالمية تضع ''الشيخوخة'' ضمن أولوياتهاالرعاية الصحية والتكنولوجيا لتحسين حياة المسنين




موضوع ''الشيخوخة'' اختير هذه السنة لإحياء اليوم العالمي للصحة، من طرف منظمة الصحة العالمية خلال الشهر الجاري، واعتبرت المنظمة أنه من الهام جدا التطرق إلى مسألة صحة المسنين وتداعياتها على المجتمعات الدولية، من باب أن تشيخ المجتمعات أمر لامفر منه، لكن لايجب أن يُرى من جانبه السلبي فقط، بل كذلك من جوانبه الإيجابية. وهي بذلك حاولت أن توعي الناس بأن المسنين ليسوا بالضرورة عالة، وإنما هم جزء من المجتمع، ويمكنهم المساهمة في تنميته بفعالية إن تم الاهتمام بهم، خصوصا بصحتهم.
لذلك، فإن سنة 2012 اختيرت لتكون سنة المسنين بامتياز، من طرف هذه الهيئة الأممية التي دعت بالمناسبة إلى الاهتمام أكثر بهذه الشريحة على المستوى الصحي، من أجل تمكينها من المساهمة الدائمة في المجتمع، وعدم عزلها بالنظر إلى الطاقات التي تمتلكها.
في السياق، أشارت مديرة منظمة الصحة العالمية، السيدة مارغريت تشان، إلى أنه يجب أن تكون الصحة الجيدة في صميم أية استجابة ناجحة لمقتضيات الشيخوخة. وقالت: ''إذا تمكنا من ضمان أن يعيش الناس في صحة أفضل ولمدة أطول، فإن الفرص ستكون أكبر والتكاليف أقل بالنسبة للمجتمع''. وهو ماجعل المنظمة -كما أضافت- تضع صحة هذه الشريحة من أولوياتها.
وحسب معطيات المنظمة، فإن ظاهرة تشيّخ السكان التي كانت تمس أوروبا واليابان بالدرجة الأولى، أي البلدان مرتفعة الدخل، انتقلت حاليا إلى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. ولأنها تؤكد على أن هناك علاقة وطيدة بين تشيخ السكان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإن المنظمة تعتبر أن الوسيلة الوحيدة لتجاوز المشاكل، هي تكيف المجتمعات بطريقة تعزز صحة المسنين.
ومن أهم المشاكل المطروحة، نجد زيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية، مما يتسبب في إجهاد نظم المعاشات، الضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية طويلة الأمد. كما أن النظرة النمطية للمسن تساهم في زيادة عزلته، بالمقابل، فإن لفئة المسنين دورا كبيرا يمكن أن تلعبه داخل وخارج الأسرة، سواء عبر التطوع أو المشاركة بنشاط في القوى العاملة. كما أنها تمثل موردا اقتصاديا واجتماعيا هاما.    
وتركز منظمة الصحة العالمية على مسألة الصحة، لأن تدنيها لايشكل عبئا على المعنيين فقط، بل على كل عائلاتهم والمجتمع برمته، ويسوء الأمر إذا كانت الأسرة فقيرة، أو إذا تعلق الأمر  ببلد منخفض الدخل، حيث مازالت النظم الصحية غير مناسبة لتلبية احتياجات هذه الفئة.
من جانب آخر، ترى أن ارتفاع سن السكان سيغير مع الوقت نظرة الناس إلى مسألة التشيخ ذاتها، فعندما يزداد عمر الإنسان بعشر أوعشرين سنة، يتغير أسلوب عيش الناس وطريقة تخطيطهم لحياتهم.
ولحل المشكلات التي تنتج عن ظاهرة تشيخ السكان، فان منظمة الصحة العالمية التي تؤكد عدم إيمانها بوجود ''حل سحري''، تشير إلى مجموعة من الخطوات الواجب اتخاذها منها: تعزيز الصحة والسلوكيات الصحية في جميع مراحل العمر، كاجراء وقائي. ويشمل ذلك؛ ممارسة النشاط الرياضي، اتباع نظام غذائي صحي وتجنب الكحول والتبغ، الرعاية الصحية الجيدة التي تسمح بالاكتشاف المبكر للأمراض، لاسيما المزمنة، والتي يمكن تفاديها باتباع الإجراءات السابقة الذكر، تهيئة بيئات اجتماعية ومادية لتعزيز صحة المسنين، وإشراكهم في المجتمع، وكذا تغيير النظرة إلى الشيخوخة التي تعني تغيير السلوكات الاجتماعية، لتشجيع مشاركة المسنين في المجتمع.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية، إلى أن كبار السن هم أكبر الفئات السنية نموا حول العالم. وبحلول عام ,2050 سوف يتجاوز شخص من بين كل أربعة أشخاص، سن الستين. وتشيخ السكان على هذا النحو يحدث بوتيرة أسرع في البلدان الأقل نموا التي لم تحظ بمتسع من الوقت، كالذي حظيت به البلدان المتقدمة في تهيئة البنية الأساسية والأدوات المناسبة للتعامل مع هذا التحول الاجتماعي الكبير. فبحلول عام ,2050 سوف تحظى هذه البلدان بـ 80 % من كبار السن في العالم على أراضيها. ومع تقدم الناس في السن، يصبحون أكثر عرضة لمواجهة صعوبات في التنقل والحالات الصحية المزمنة مثل؛ السرطان، السكتة الدماغية والخرف، ويكونون أيضاً عرضة للاكتئاب، حيث يعيش الكثيرون منهم في الوحدة والفقر.
ويمكن للتكنولوجيا أن تحسّن من الصحة البدنية لكبار السن واستقلاليتهم، على حد قول الخبراء، فمثلاً، يمكن لأجهزة الهاتف النقال الربط بين المختصين الطبيين وكبار السن، لرصد وجمع المعلومات حول الحالات المرضية المزمنة. وتتوافر التكنولوجيات من أجل مساعدة كبار السن على الالتزام بالأدوية، الأنظمة الغذائية والتمارين، في حين أن هناك تكنولوجيات أخرى تفيد في تحديد المختصين وتنبههم بشأن المشاكل الصحية المحتملة. فمثلاً، يمكن للأجهزة التي ترصد سلوكيات النوم واستخدام دورات المياه، أن تمد القائمين على الرعاية بإنذار مبكر حول إصابات المسالك البولية، وهو حالة شائعة بين كبار السن.
ويمكن للأجهزة أن تساعد كبار السن في الحفاظ على سلامتهم؛ فأجهزة كشف الحركة والاهتزاز يمكنها كشف حالات السقوط الذي يعد سبباً في العجز والوفاة بين كبار السن، ومن ثم، يطلبون النجدة. وهناك أجهزة أخرى تراقب استخدام المواقد، وترسل تنبيهات إذا سهى على كبار السن إطفاؤه.
غير أن البعض يشككون في القدرة على تطبيق الكثير من هذه التكنولوجيات في البلدان النامية. والمشكلة هنا مزدوجة؛ ويتمثل شقها الأول في قضية التكلفة، فأغلب السكان بهذه البلدان ذات دخل ضعيف، والشق الثاني من المشكلة هوالملاءمة؛ لاسيما في التجهيزات والمنازل بهذه البلدان التي لاتستجيب وحاجيات هذه الشريحة. كما أن كبار السن قد لا يشعرون دائماً بالراحة في التعامل مع التكنولوجيا، كما أن الحالات الصحية مثل؛ الخرف والإعاقة السمعية قد تمنع البعض من ذلك.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)