الجزائر

منتجات تقليديّة جزائرية تساهم في إنجاح الصّناعة السّياحية


أجمع مختصّون في الاقتصاد، على أنّ السياحة واحدة من أهم الصناعات الحيوية التي تُساهم في دعم اقتصاديات الدول، لاسيما تلك التي نجحت في الجمع والتوفيق بين المؤهلات الطبيعية والتاريخية وحتى الثقافية والعلمية، ووضعت استراتيجية واضحة في تحويل السياحة إلى قطاع منتج للثروة، وعامل لرفع الدخل الوطني وحتى الفردي، وهو ما يمكن تحقيقه في الجزائر نظرا للمؤهلات التي تزخر بها من بينها البعد البيئي ،الذي يعتبر عامل جذب للسياح محليا وعالميا، يستدعي الاهتمام به أكثر، دون المساس بمميزات كل منطقة.قال الدكتور عبد القادر لحول، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة سعيدة، إن زيادة الاهتمام بقطاع السياحة، الذي انتهجته دول العالم لتدارك خسائرها الاقتصادية بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية والجائحة الصحية، هو توجّه حتمي للجزائر في الوقت الراهن، المتّسم بمنافسة عالمية رهيبة في المجال السياحي، أمام المؤهلات والإمكانيات التي تتمتع بها الجزائر، حتى يكون قطاع السياحة بديلا حيويا لمداخيل الاقتصاد الوطني، موضحا أنّ عوائد السياحة في الجزائر التي بلغت في العام الماضي حوالي 209 مليون دولار فقط، تستدعي البحث عن السبل والآليات التي من شأنها رفع أداء السياحة وطنيا ومحليا، وتوظيفها كبديل للمحروقات، من حيث خلق المداخيل وزيادة فرص العمل، وجلب العملة الصعبة في ظل الاستراتيجيات والتوجهات الاقتصادية الجديدة للحكومة الجزائرية.
قوّة السّياحة الجزائرية
يستدعي النّهوض بالسّياحة في الجزائر حسب الدكتور لحول، إلى تشخيص وتحليل عراقيل السياحة الجزائرية، وضبط نقاط القوة والضعف، من خلال تشخيص استراتيجي واقعي وموضوعي، ورفع مكانة قطاع السياحة ضمن الخطط التنموية وطنيا ومحليا، ووضعها ضمن الأولويات لجني ثمار القطاع السياحي عن طريق الاستثمار والاهتمام أكثر بهذا القطاع من خلال الإبداع والابتكار والتطوير في هذا المجال.
واقترح في هذا السياق إنشاء خلايا متخصّصة على المستويات المحلية، تهتم وتتكفّل بالقضاء على معوقات الاستثمار السياحي، وتحفيز رجال الأعمال للإستثمار أكثر في مختلف مجالات السياحة، فضلا عن وضع خطط واضحة المعالم لدعم الثقافة السياحية، تراعي عادات وتقاليد وخصوصيات كل منطقة من الوطن، وهنا نركّز على تثمين الميزة السياحية والتنوع الكبير سواء كان جغرافيا أو ثقافيا أو غير ذلك.
من قطاع مستهلك للنّفقات..إلى جاذب لرؤوس الأموال
قال الدكتور لحول، أنّه لا بد من التفكير في الانتقال من قطاع سياحي ثانوي مستهلك لنفقات كبيرة، إلى قطاع جالب للعوائد المالية والاستثمارات الأجنبية وجاذب لرؤوس الأموال، وهذا الأمر يمكن تحقيقه في الجزائر نظرا للمؤهلات التي تزخر بها، من بينها البعد البيئي الذي يعتبر عامل جذب للسياح محليا وعالميا يستدعي الاهتمام به أكثر، دون المساس بمميزات كل منطقة، إلى جانب إقامة الصالونات والمعارض التي تعرف بالسياحة الوطنية وتسويق المنتجات الوطنية بنوعية عالية من شأنها المنافسة عالميا، وهذا ما حققته بعض المنتجات الجزائرية في المسابقات العالمية من خلال إحرازها للمراتب الأولى كأحسن منتج تقليدي مثلا أو منتج طبيعي قابل للاستهلاك والاستعمال الذاتي.
كما يرى المختص الاقتصادي، أنّ الحرص على تحسين نوعية الخدمات السياحية المقدمة في مختلف الأماكن والفضاءات المخصصة لذلك، وتسخير وسائل الإعلام والاتصال للترويج للسياحة الوطنية محليا ودوليا، زيادة على رقمنة السياحة في الجزائر حتمية لا مفر منها، من خلال تسهيل الولوج إلى تصفح المواقع والتعرف على الوجهات السياحية ومعرفة طبيعة الخدمات المقدمة، وأسعارها التنافسية وكذا توفير الدفع الإلكتروني، وغير ذلك من الخدمات الرقمية، مؤكّدا أن تطوير الصناعة السياحية في الجزائر، يستدعي تقسيم السياحة إلى شعب محددة، والاهتمام بكل شعبة على حدى من مبدأ التنافسية والقدرة على تحصيل المداخيل، على غرار السياحة الحموية، السياحة الصحراوية، السياحة التاريخية، السياحة الدينية، السياحة الثقافية، السياحة العلاجية والعلمية، وحتى السياحة الرياضية.
وأكّد الدكتور لحول، أنّ اهتمام الحكومة بالقطاع السياحي سيؤدي إلى جذب المستثمرين الأجانب، وزيادة تدفق رؤوس الأموال نحو الداخل وكذا جذب العملة الصعبة ورفع احتياطات الصرف الأجنبي وزيادة فرص العمل، ورفع القدرة الشرائية لشرائح محدودة ومنعدمة الدخل، وهذا الاهتمام يكون نتاج تشخيص الاختلالات والنقائص التي تحول دون تطوير القطاع، والرقي به كبديل اقتصادي عن المحروقات.
تحقيق التّنمية المستدامة
من جهته، قال رئيس المنظمة الجزائرية للسياحة ماهر حمور، إنّ قطاع السياحة يحتل أهمية بارزة في تنمية المجتمعات واقتصادات الدول، نظرا لكونها عامل مهم في توسع الافق السياحي من خلال استقطاب المداخيل من العملات الصعبة، ترقية المناطق وامتصاص البطالة، وهي آفاق تحقق رهان الحد من الفقر والفوارق الاجتماعية تبنتها الكثير من الدول، التي تعتمد على قطاع السياحة لتحقيق الاستدامة السياحية، وتعتبرها جوهر ناتجها المحلي الخام نظرا لارتباطها مع العديد من القطاعات الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية.
وأضاف حمور، أنّ قطاع السّياحة في الجزائر يمكن أن يصبح من أكبر القطاعات نموا عن طريق الاهتمام المتزايد به، خاصة وأن الجزائر تتميز بالتنوع المناخي والجغرافي، الذي يؤهّلها أن تدخل قلب المنافسة وتفوز بلقب القبلة السياحية، مشيرا إلى أنّ الشريط الساحلي الجزائري لوحده يشكّل مكسبا وميزة سياحية عظيمة يتطلب العناية، ضمن خطط اختيار سنة 2025، كآفاق للنهوض بالسياحة الجزائرية نحو التنمية بناء على دراسات، من أجل استثمار الوقت في الميدان السياحي مع توفير الشروط، الامكانيات والوسائل المادية، المالية والبشرية التي يتطلبها القطاع السياحي.
ويرى رئيس المنظمة الوطنية للسياحة التي تحمل شعار "السياحة رؤية استشرافية وتنمية اقتصادية"، أنّ الجزائر تسعى إلى تنمية القطاعات الاقتصادية خارج قطاع المحروقات، من أجل مواجهة مرحلة ما بعد البترول، لذا انتهجت سياسة جديدة وملائمة لقيام الصناعة السياحية بالجزائر، تهدف إلى تنمية وتطوير وترقية قطاع السياحة، الذي يمتلك مؤهلات ومقومات الجذب السياحي، ولكن عوائده تعتبر جد ضعيفة مقارنة مع إمكانياته، وهو الأمر الذي ولّد زيادة الاهتمام بقطاع السياحة في الجزائر في السنوات الأخيرة، ودعما له اشتملت البرامج التنموية على مخططات للتنمية السياحية لتحقيق آثار تنموية ايجابية في الجانب الاقتصادي، كتحقيق التنمية المحلية او امكانية تحقيق فائض في ميزان السياحة، وجلب العملة الصعبة من جهة، والمساهمة في حل مشكلة البطالة في الجانب الاجتماعي من جهة أخرى، موضحا أنّه يبقى العمل على تجسيد هذه المخططات وتحسين الخدمات السياحية والتنسيق مع قطاع النقل والصحة والقضاء على مختلف الصعوبات، هو الأساس لتنمية قطاع السياحة وتوسيع السوق السياحي في الجزائر.
التّنسيق مع كل القطاعات وفتح آفاق الاستقطاب السّياحي

ثمن رئيس المنظمة الوطنية للسياحة، ماهر حمور، حزمة التسهيلات التي قدّمتها السلطات العليا للبلاد، بشأن إطلاق التأشيرة السياحية للأجانب، وتخفيض سعر تذاكر الطيران، وفتح العديد من الخطوط الجوية مع الدول والقارات الخمس وربطها، دعما للقطاع وفتح آفاق استقطاب السياح للمساهمة في رفع نسبة الدخل السنوي السياحي، مشيرا إلى أن هذه التسهيلات تندرج ضمن التجسيد الفعلي لالتزامات الرئيس عبد المجيد تبون، بشأن توفير كل الظروف الملائمة في النهوض بهذا القطاع الاستراتيجي، والذي لديه آثار إيجابية بالغة على الاقتصاد الوطني، والذي يعتمد أكثر على الجالية الجزائرية، التي يعول عليها أن تكون في قلب التنمية السياحية.
وأشار ماهر حمور، إلى أنّ أحد ركائز التنسيق بين جميع القطاعات لتنمية سياحية قادرة على إحداث فارق اقتصادي بشكل ايجابي وفعال، تقوم على فعاليات المجتمع المدني، لاسيما بعد التعديلات التي أجراها رئيس الجمهورية بشأن تنظيم وهيكلة المجتمع المدني، من أجل دور كفؤ في العملية التنموية الشاملة، موضّحا أن الترويج السياحي من طرف المجتمع المدني بات ضرورة ملحة، تماشيا مع مساعي وجهود الدولة في إشراك الجمعيات والشباب في تنمية القطاعات التي تحتاج إلى المرافقة المجتمعية، فضلا عن التظاهرات السياحية والرياضية والمحافل التي أعطت للمجتمع المدني مكانة سامية، في التنظيم والتأطير والترويج والتسويق للجزائر كوجهة سياحية.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)