الجزائر - A la une

"مملكة الشواء" بمتاعب تنموية وتهميش متواصل




تمتاز قرية عين تحميمين، الواقعة بإقليم بلدية مجاز الصفاء شرق ولاية ڤالمة على الطريق الوطني رقم 16 الرابط بين عنابه وسوق أهراس، والتي تتوسط غابات وجبال ذات الأشجار المتنوعة والطبيعية الساحرة، بشواء لحم الخروف المشوي على جمر الفحم، والذي ظل ولايزال قبلة لشخصيات وسياح أجانب قدموا من كندا وأمريكا وإيطاليا وفرنسا للتلذذ بما تقدمه هذه المحلات من خدمات ومأكولات لذيذة.أول ما يشد انتباه الزائر لهذه المنطقة هو إغراء الطبيعة الخلابة وسط سحر الجبال والبساتين. تشتهر عين تحميمين بتربية المواشي ومحلات الشواء المنتشرة تقريبا على طول الشارع الرئيسي للقرية، حيث تستقبلك أعمدة الدخان المتصاعدة من المشويات المتناثرة هنا وهناك، إلا أن سكان القرية مازالوا يعانون من غياب التهيئة ومشاريع إنمائية قد تجعل من القرية قطبا سياحيا بلا منازع.زيارتنا لمحلات الشواء بقرية عين تحميمين، جعلتنا نقف على الاهتمام الذي توليه العائلات القادمة من كل حدب وصوب لخرجاتها التي أصبحت لها نكهتها الخاصة، فهناك من يفضل الاحتفال بمناسبة معينة خارج البيت، كعيد الميلاد أوأفراح النجاح. وهناك بعض العائلات اختارت أحد محلات الشواء للاحتفال بنجاح أبنائها في الدراسة. ويقول رب العائلة إن الاختيار لهذا المكان كان من طرف الأطفال الذين حرصوا على الخروج من زحام المدينة وضجيجها، والقدوم إلى هذه المناطق الساحرة أين يتنفس الإنسان هواء نقيا خاليا من التلوث وكسر الروتين اليومي، وهو ما يعتبر كذلك فرصة للتقرب أكثر من أفراد العائلة.الحاج السبتي ڤواسمية.. أول شواي بالقرية خلال تجوالنا بين محلات الشواء، استوقفنا أحد الأشخاص ليدلنا على أول شواي بالقرية وهو عمي السبتي ڤواسمية، 79 سنة، الذي فتح أول محل للشواء في بداية الستينيات، والذي أكد لنا مازحا بقوله: أين هي أيام زمان عندما كان عمود الشواء ب12 فرنك ليصبح الآن ب 30 دج؟!، مضيفا أن ”المنطقة معروفة منذ فجر الاستقلال بدأت ببرّاكة شواء واحدة كنت أنا صاحبها، إلى أن تحولت مع مرور الوقت إلى مملكة لألذ شواء بالشرق الجزائري، وقد علّمت الصنعة لأبنائي ولعدد من صبيان المنطقة الذين هم الآن أصحاب محلات للشواء”.توافد بالآلاف للعائلات خلال عطلة نهاية الأسبوع رغم أن القرية تفتقر للمرافق الترفيهية، إلا أن ذلك لم يمنع التوافد الكبير للعائلات، خاصة خلال العطل، والتي قدرها لنا فيصل وعمار صاحبا أحد المحلات بالآلاف لعائلات بكل أفرادها جاءت لتستمتع بما تقدمه محلات الشواء المقطع من لحم الخروف الذي يتم جلبه من أسواق سدراتة وسوق اهراس، وتبسة ومنطقة جبال بني صالح على الحدود مع تونس الشقيقة، والذي يرعى الشيح والرمرام، وتجد ”اللحم المفور” المأخوذ من الكتف والفخذين، ناهيك عن النظافة وحسن الاستقبال الرائع، حيث تصطف السيارات أمام المحلات على طول الشارع الرئيسي، ما يؤكد إقبال العائلات على تغيير نمط حياتها خلال العطل، حيث تفضل الأغلبية كسر روتين البيت والمطبخ لتناول وجبة العشاء خارج المنزل. شهرة الشواء يقابلها تهميش المسؤولينعبر لنا العشرات من سكان قرية تحميمين، عن تذمرهم الشديد من تهميش المعنيين بالأمر لقريتهم، رافعين عدة انشغالات تخص حياتهم اليومية من بينها البطالة الخانقة لشبان القرية، نتيجة غياب مشاريع إنمائية من شأنها امتصاص جزئي للشباب البطال الذي أصبح أغلبهم يهاجر إلى المدن المجاورة بحثا عن لقمة عيش، مضيفين أنه رغم أن المنطقة تعتبر فلاحية بالدرجة الأولى إلا أن أصحاب الأراضي التي تملكها مجموعات فلاحية تقوم باستهلاك الهكتارات في زراعة الخرطال الموجه لعلف الماشية فقط، وهو ما يجعل فرص العمل في المجال الفلاحي منعدمة تماما. كما اشتكى السكان من عدم تمكنهم من الاستفادة أراض لإنجاز سكنات خاصة بالبناء الريفي قريبة من المحيط العمراني بالقرية، رغم أن هناك جيوبا عقارية موجودة.النقل والغاز الطبيعي من بين أهم الانشغالاتيعتبر النقل والغاز الطبيعي من بين أهم انشغالات سكان القرية، أين تحدثوا إلينا عن معاناتهم من البحث المستمر عن قارورات غاز البوتان خاصة في فصل الشتاء، إذ يصل سعر القارورة الواحدة إلى 450 دج، مطالبين المعنيين بالأمر بربطهم بأنبوب غاز المدينة المار بالقرية. أما في ما يخص النقل فقد أكد لنا السكان أنه رغم أن القرية تعرف إقبالا كبيرا للسياح إلا أنه لا يوجد خط نقل يربط القرية بمدينة بوشڤوف، خاصة أثناء الليل، وتكون سيارة ”الفرود” هي الوسيلة الوحيدة للتنقل بمبالغ مرتفعة.التهيئة وقاعة العلاج ومركز بريد.. مطالب مستعجلةرغم شهرة المنطقة والتوافد اليومي للعائلات من كل جهات الوطن تقريبا، إلا أننا سجلنا عدة نقاط سوداء، فغياب التهيئة والمرافق الضرورية كقاعة العلاج التي من المفروض أن تشتغل على مدار الأسبوع، أكد بشأنها السكان أنها تعتبر غير موجودة في ظل تدني الخدمات المقدمة من طرف القائمين عليها، بالإضافة إلى غياب أماكن ترفيهية خاصة بالشباب كمقهى الأنترنت بسبب عدم ربط المنطقة بالنت. وحتى ملعب كرة القدم تم إنجازه وسط الجبال، فيتعذر على الاطفال اللعب فيه بسبب المخاطر التي من الممكن أن تحصل هناك. كما أن العائلات التي تأتي إلى القرية لم تجد لأطفالها أماكن للراحة واللعب ماعدا المطاعم للأكل. ويطالب أصحاب المطاعم بإنجاز حديقة بالجهة السفلى للطريق من أجل راحة السياح، كما طالبوا بإنجاز مركز بريد بالقرية لتمكين الزوار من سحب النقود في حالة الضرورة.للإشارة فإن سكان هذه القرية السياحية أقدموا خلال الأسبوع الماضي الاحتجاج وغلق الطريق الوطني رقم 16 الرابط بين ڤالمة وسوق اهراس، بالحجارة والمتاريس والعجلات المطاطية التي أضرمت بها النيران في وجه حركة المرور، مطالبين السلطات المحلية بالتكفل بمطالبهم الاجتماعية المتمثلة في ربطهم بشبكة الغاز والبناء الريفي وغيرها من متطلبات الحياة الكريمة.ويرى رئيس المجلس الشعبي البلدي لمجاز الصفاء، أن مطالب سكان تحميمين مشروعة، وأن هناك مشاريع مبرمجة من شأنها أن تخفف من معاناة السكان وتحسن أوضاعهم المعيشية، وأن مسؤولي البلدية يسعون إلى جعل هذه المنطقة سياحية بامتياز من خلال تجسيد بعض المشاريع المسجلة بالتعاون مع الولاية.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)