الجزائر

ملتقى علمي حول إدماج الاقتصاد الموازي



* email
* facebook
* twitter
* google+
دعا المشاركون خلال أشغال اليوم الأول من الملتقى الوطني حول الاقتصاد غير الرسمي بالجزائر، أمس، إلى الاهتمام بمعالجة هذه الظاهرة ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة عوض اللجوء إلى محاربتها، وأوضحوا أن أحسن طريقة للوصول إلى ذلك، هو العمل على إدماج النشاط الاقتصادي الموازي ضمن النشاط الرسمي من خلال إعادة النظر في النصوص التشريعية، معتبرين الاقتصاد الموازي ثروة مهملة وربحا ضائعا للخزينة العمومية بما يقدّر بحوالي 50 مليون دولار سنويا.
افتتح بجامعة بومرداس، أمس، الملتقى الوطني الأول حول «الاقتصاد غير الرسمي في الجزائر .. واقع الممارسة وحتمية المعالجة»، بمشاركة أساتذة وباحثين من عدة جامعات يحاولون خلال يومين من النقاش تشريح الظاهرة وتحليلها عملا على معالجتها، حيث ينتظر الخروج بعدة التوصيات ترفع إلى الجهات المختصة لتبنيها وبالتالي حماية الاقتصاد الوطني.
في هذا السياق، اعتبر الأستاذ الهادي خالدي، أنّ «التسميات والمصطلحات قد اختلفت ما بين الحديث عن اقتصاد غير رسمي، أو غير شرعي أو موازي، لكنها تتفق في المعنى حيث أن كل الأنشطة والأعمال غير المصرح بها لدى منظومة التأمينات الاجتماعية تعتبر أنشطة غير رسمية»، كما أن وضعية الاقتصاد الموازي تدخل ضمن عدة مجالات سواء تعلقت بالإنتاج أو صيرورة العمل المأجور أو في التسويق، متحدثا في هذا الصدد عن عدة أسباب تتقاطع لتجعل من هذه المجالات غير رسمية، موضحا أنّ هذا الأمر يحتاج إلى دراسة أسبابه للخروج بنتائج تكون عبارة عن حلول تحمي الاقتصاد الوطني، ضاربا مثلا بلجوء الخباز إلى بيع الخبز في الأسواق بسعر غير ذلك المطبق بالمخبزة، ما يجعل نشاطه يدخل ضمن النشاط غير الرسمي والسبب حسبه - يكمن في مشكل الأسعار المطبقة والمتداولة وهامش الربح، متحدّثا كذلك عن العمل الذي بموجبه يتقاضى العامل أجرا لا يتماشى مع الواقع المعيشي في ظل ارتفاع الأسعار، ما جعل المحاضر يشير إلى أهمية إدماج هذا السوق غير الرسمي ضمن الفضاء الرسمي عوض الحديث عن محاربته كظاهرة مضرة بالاقتصاد الوطني، يقول «على الدولة البحث في الدوافع التي جعلت العامل يفضّل العمل بطريقة غير شرعية مع إعادة النظر في منظومة الأجور كأحد الحلول لمعالجة هذه المسألة»، ويضيف في هذا السياق «إنها حلقة مفرغة تدور ما بين منظومة الأجور والأسعار الحقيقية في الأسواق».
معتبرا أنّ تنظيم هذا الملتقى للبحث في تشخيص ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي «قد جاء في وقته للبحث في إشكالية واقع الاقتصاد الموازي، ولكن صياغة الحلول لا بد ألاّ تكون من واقع صاحب القرار وإنّما من واقع المتضرّر لتكون أكثر واقعية»، يختم الهادي خالدي مداخلته. من جهته، اعتبر الأستاذ عبد الله بلونيس من جامعة بومرداس أنّ الأنشطة الموازية هي كلّ الأنشطة غير المصرح بها وغير المسجّلة في الحسابات الوطنية، أي لدى أجهزة الإحصاء وأجهزة المحاسبة، متحدثا في هذا المجال عن الاقتصاد الخفي الذي استفحل بقوّة حتى صار حجمه يوازي الاقتصاد الرسمي، حيث تحدّث الأستاذ عن حجم 50% من الدخل الوطني الخام يمثّل حجم الاقتصاد الموازي حسب أرقام 2018، مرجعا ذلك إلى جملة من الأسباب لخّصها في تقلّبات أسعار النفط المتحكّم في المداخيل، إضافة إلى الرشوة والفساد الإداري وصعوبة الحصول على رخص لممارسة النشاط الرسمي، إضافة إلى انخفاض المداخيل مقارنة بارتفاع مستوى المعيشة ما يعبد الطريق - حسبه - نحو اقتصاد الأسواق الموازية، كما تحدث المتدخل عن كون 30 % من المؤسسات المصغرة تنشط في السوق غير الرسمي و50% من اليد العالمة تُشغل بطريقة غير رسمية، معتبرا الدروس الخصوصية وأنشطة الأسر المنتجة تدخل في هذا النشاط غير الرسمي: «وهي ظواهر جديرة بالدراسة والاهتمام للبحث في أسبابها في محاولة لإدماجها ضمن النشاط الرسمي»، يقول المتدخل، مفضّلا عدم اللجوء لاستعمال مصطلح الردع أو القضاء الجذري على هذه الظواهر وإنّما تفضيل مصطلح الإدماج بما يفضي مزيدا من الثقة بين الطرفين، ومنه جلب ما بين 40 إلى 50 مليون دولار سنويا لخزينة الدولة والتي تعتبر حجم النشاط غير الرسمي بالجزائر الذي وصفه بالثورة المهملة أو الربح الضائع. كما أعطى في هذا الصدد بعض الحلول التي رآها عملية ومنه محاولة جلب الكتلة النقدية الراكدة لدى العائلات التي تقدّرها المعطيات بحوالي 53 مليار دولار، معتبرا أمر إعادة النظر في منظومة الفوائد المطبقة بالبنوك ضروريا لإنجاح ذلك، تماما مع توسيع اعتماد الصيرفة الإسلامية لجلب تلك الأموال النائمة. ودعا المحاضر أيضا أجهزة الدولة لتبني الليونة من أجل خلق الثقة مع متعاملي الاقتصاد الموازي لجلبهم نحو النشاط الرسمي مع ضرورة تجسيد الحكم الراشد الذي يفضي لتطبيق القوانين على الجميع، إضافة إلى أهمية تطبيق نظام اللامركزية في الإدارات وضبط مصالح الضرائب واعتماد الشفافية في التعاملات «لأنّ الشعور بالحقرة من الأسباب الرئيسية للجوء إلى الاقتصاد الموازي»، يختم الأستاذ بلونيس محاضرته خلال أشغال الجلسة الأولى من الملتقى الوطني «الاقتصاد غير الرسمي في الجزائر واقع الممارسة وحتمية المعالجة» الذي تم تقسيمه على أربعة محاور تتلخص إجمالا في البحث في ماهية وأسباب وآثار الاقتصاد غير الرسمي، أشكاله ومظاهره وتعامل مختلف هيئات الدولة معه، وكذا نظرة المتعاملين الاقتصاديين لهذه الظاهرة السلبية للخروج أخيرا بتوصيات هدفها حماية الاقتصاد الوطني.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)