ملتقى التقاطعات والاختلافات

إن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو هل انقسم الحراك الشعبي إلى مسيرات جمعة رافضة للمسار الانتخابي من جهة ، و مسيرات مؤيدة للرئاسيات و الجيش الوطني الشعبي التي نظمت في عدد من الولايات ،و يتزامن هذا التطور في الأحداث مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المحدد بيوم 12 ديسمبر ،و كذا الحملة الانتخابية التي أضافت إلى المشهد السياسي الكثير عبر خطابات ووعود المترشحين الخمسة لهذا الاستحقاق المهم كما أن مسيرات تأييد الانتخابات جاءت بعد كرد فعل لشعارات رفض الانتخابات التي ميزت مسيرات الجمعة خلال الأسابيع الأخيرة ، وإن كان هناك من تعليق أو ملاحظة حول هذا التطور فإنه لا يخفى على أحد ما جاء في تصريحات و خطابات المترشحين للرئاسيات من وعود بحل كل المشاكل ، والاهتمام بجوانب اجتماعية هامة و محاربة البطالة واسترجاع الأموال المنهوبة و غيرها ،و لا يمكننا هنا إغفال حدث مهم و هو استجابة الدولة لمطالب القضاة الذين نظموا إضرابا عن العمل ، فيما لا يزال احتجاج المعلمين قائما و لم تتم الاستجابة لمطالب أساتذة التعليم الابتدائي فضلا عن تعهد الحكومة بتسوية العمال والموظفين العاملين بصيغة عقود ما قبل التشغيل و هي إجراءات ساهمت في تحريك حالة و ركود وانسداد الوضع نوعا ما و هي تهدف إلى تهدئة وطمأنة الجبهة الاجتماعية بالاستجابة إلى تحقيق بعض مطالبها .و من جهة أخرى لا يمكننا تجاهل مطالب سياسية للحراك الشعبي تخص إبعاد كل رموز النظام السابق ، والحيلولة دون وصولها إلى سدة الحكم ليبقى الوضع على ما هو عليه و كأن شيئا لم يحدث و لم يكن مع أن التغيير كان هو المطلب الأساسي للحراك الشعبي ،و من هذا المنطلق تعتبر مسيرات الجمعة الرافضة لاستكمال المسار الانتخابي بالوجوه الحالية التي ترشحت كرد فعل للمطالبة بضمانات وشفافية أكبر للموعد الانتخابي المقبل ، وفي هذا المقام نشير أيضا إلى الفئة المطالبة بالفترة الانتقالية وتأجيل الانتخابات إلى موعد لاحق ضمن ظروف تستجيب لمطالب الحراك ، وفي خضم هذا التباين في الآراء والمواقف حيال الانتخابات الرئاسية التي لا تفصلنا عنها سوى أقل من عشرين يوما سيتواصل الصراع على المشهد السياسي .