ملامح المواجهة التشريعية لتحديات ما بعد المحروقات في الجزائر

إن البحث في موضوع التحديات الاقتصادية التي يحتمل أن تواجهها الجزائر في حالة نضوب المحروقات من إقليمها هو بحث يندرج بالدرجة الأولى في إطار الدراسات المستقبلية، وهذا قد يثير التساؤل عما يمكن أن تساهم به الدراسات القانونية في هذا الشأن. إن أي تساؤل من هذا القبيل يعد تساؤلا مقبولا إلى حد كبير، ذلك لأن القانون بطبيعته لا ينظم إلا ما هو قيد الممارسة والتنفيذ، ولا يتحرك إلا في حدود الواقع، غير أن الواقع الذي ينظمه القانون ليس منقطع الصلة بالمستقبل، فأحداث المستقبل ستكون بالتأكيد محلا لتأثير مجريات الحاضر، كما أن هذا الحاضر ليس إلا نتاجا لما صنعه الماضي، وتلك هي طبيعة وقائع الحياة مهما تنوعت مجالاتها، فهي تتلاحق دائما في شكل حلقات متناسقة الأدوار. وبناء على ما سبق، ينبغي الاعتراف أن كل ما يفرضه القانون حاليا في قطاع المحروقات ستكون له في المستقبل انعكاسات على مصير هذا القطاع، ومصير كل القطاعات المرتبطة به، والمعتمدة عليه، ولذلك فإن تحديات ما بعد المحروقات ينبغي ألا تكون غائبة عن واضعي القوانين ذات الصلة بهذا القطاع، وانطلاقا من ذلك يصح التساؤل عن مدى تأثير تحديات ما بعد المحروقات على مضامين النصوص التشريعية التي وضعت لتسيير قطاع المحروقات والمحافظة عليه، فهل كانت هذه التحديات محل اعتبار عند وضع التشريعات السارية حاليا في هذا القطاع، أم اقتصر الأمر على تنظيم استغلال المحروقات حاضرا دون أي اعتبار آخر متعلق بالمستقبل.