الجزائر

مقام الآمان والاطمئنان


زاوية سيدي عبدالرحمان الثعالبي موجودة في قلب حي القصبة العتيق بالجزائر العاصمة، تطل شامخة على البحر بصومعتها المربعة الشكل ذات الهندسة المغاربية، مفتوحة على مدار أيام السنة لاسقبال زوارها القاطنين بمختلف أحياء المحروسة وسكان المدن والقرى الداخلية وحتى القادمين من خارج الوطن، ما هو أكيد أن الفضول هو أكبر دافع يدفع الناس إلى معرفة المكان الذي وري فيه الثرى العلامة والفقيه سيدي عبدالرحمان الثعالبي ومن ثمة انتهاز فرصة الصلاة بجوار ضريحه والتضرع لله عز وجل لحل مشاكلهم وكرباتهم، ألم يقال إن حلم ملكة بريطانيا إليزابيت الثانية التي كانت تعاني من عقم طال أمده قد تحقق ؟ جريدة الجمهورية التي زارت زاوية الفقيه والعلامة عبدالرحمان الثعالبي لاحظت مدى تعلق سكان العاصمة بزاويتهم وهذا من خلال الخدمات اليومية التي يقدمونها للزوار وهي على شكل صدقات عينية، هذه الحركة الخيرية تبدأ منذ الساعات الأولى من الفترة الصباحية، حيث تبدأ العائلات التي ترغب في تقديم الصدقات التوافد إلى عين المكان وهي محملة بكل أنواع المأكولات، داخل الزاوية، وفي مكان خاص توضع الصدقات على طاولة مهيئة لذات الغرض، ليجد الزوار أنفسهم أمام أطباق من الكسكسي الجزائري بلحم الخروف تارة أو لحم الطيور تارة أخرى، كما يجدون ما يشتهونه من أطباق الحلويات بمختلف أنواعها التقليدية والمصنعة ، في المقابل هناك من يختار تقديم صدقته على شكل الخبز الساخن والفطائر ... ما هو أكيد في هذا المكان لا يجوع ولا يغضب فيه أحد، الكل يعود إلى بيته وهو مفعم بأحاسيس الآمال والرغبة القوية في حياة متجددة خاصة النسوة اللواتي يرغبنا في الإنجاب وحل مشاكلهم العائلية والاجتماعية، حيث يقدمنا وهن محملات بالشموع، الحنة والصدقات النقدية التي يضعنها في صناديق محصنة . زاوية سيدي عبدالرحمان الثعالبي إن كان يؤمها الناس بهذا العدد وتقدم في القابل صدقات لكل من اختار تجاوز عتبتها فهي كذلك بحاجة إلى ترميم عميق، فبالرغم من أن مصالح الجزائر الوسطى أخضعت المكان إلى برنامج ترميم (2005/2009) إلا أن تصدعات جدرانه لا زالت بارزة للعيان ناهيك عن تهميش وتكسير عشرات الشواهد لمقابر شخصيات كبيرة في تاريخ الجزائر مدفونة بذات المكان على غرار ضريح سيدي والي دادا الذي أوقف بعصاه حملة شارل كان سنة 1541، سيدي بوقدور، لالا عائشة حفيدة سيدي عبدالرحمان الثعالبي، خذر باشا، يوسف باشا الذي كان دايا على الجزائر قبل الداي حسين، أحمد باي قسنطينة... ما هو أكيد أن زاوية سيدي عبدالرحمان الثعالبي وبالرغم من مرور أكثر من ستة (06) قرون عن بنائها إلا أنها لا تزال قبلة لكل من ضاقت بهم سبل الحياة .من هو سيدي عبدالرحمان الثعالبي ؟
الاسم الحقيقي لسيدي عبدالرحمان الثعالبي الذي ولد سنة 1384 بمنطقة القبائل (يسر) هو أبو زيد عبدالرحمان بن مخلوف الثعالبي، ينتمي إلى قبيلة ثعلبة، هو كذلك مفكر وعالم دين بشمال افريقيا، احتك بأكبرعلماء زمانه على غرار أبي يزد الوغليسي، أبو قاسم المشدالي، أبي قاسم البوغزالي، محمد ابن خالف ... لتعميق معارفه التي دامت 20 سنة رحل للبحث عنها إلى تونس ، القاهرة ، تركيا ثم مكة المكرمة، بعدها عاد إلى الجزائر العاصمة واستقر بها سنة 1414 ، حيث كلف بأداء دور القاضي الأعلى لمدينة الجزائر العاصمة ، كان له شرف تأسيس مدرسة الثعالبية التي كانت تدرس مختلف المواد العلمية والدينية منها التاريخ، الأداب ، الصوفية ... قبل وفاته ستة 1471 ترك سيدي عبدالرحمان الثعالبي أكثر من 90 كتاب .
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)