الجزائر

مفاجآت الإصلاح


الاقتراحات التي تتقدم بها الأحزاب والشخصيات التي لبت دعوة هيئة المشاورات بدأت تحمل مفاجآت، ولعل الإجماع الذي بدأ يتبلور حول مسألة ضرورة تحرير الإعلام السمعي البصري مؤشر على أن سقف الإصلاحات قد يرتفع أكثر مما توقعه أكثر المتابعين تفاؤلا.غدا سيتحدث عبد الحميد مهري إلى أعضاء الهيئة، وقبل أن يذهب إلى الرئاسة فضل أن يذكر الجميع بأن أفكاره لن تخرج عن نطاق الرسالة التي كان قد بعث بها إلى الرئيس بوتفليقة في شهر فيفري الماضي، والمهم هنا ليس ما سيقوله مهري ولكن المهم هو قراره بتلبية الدعوة، فقد سجل تحفظاته لكنه يرى أن الأمر يستحق المشاركة، وهذا يعني أن الرجل، بخبرته السياسية ومعرفته بالنظام القائم، يشعر بأن هناك حدا أدنى من الإرادة في الإصلاح يجعل الأمر جديرا بالاهتمام.
عندما تحدث الرئيس أول مرة عن الإصلاحات كانت الآفاق غير واضحة، وفي خطابه إلى الأمة وضع بعض الشروط، وقد صياغات بدت وكأنها ملامح لمشروع جاهز يبحث عن تزكية، لكنه لم يلبث أن رفع السقف عاليا عندما فتح الباب أمام مراجعة كل شيء عدا الثوابت التي أخرجها الدستور من دائرة التعديل، وكان لابد أن نلاحظ منذ البداية أننا أمام عملية أخذ وعطاء، وأن الخطوط تتغير، والحدود تتمدد، وأكثر من هذا التزم الرئيس الصمت ولم يفصح عن نواياه، ولعله فعل هذا من أجل دفع الجميع نحو التنافس على تقديم الاقتراحات الأكثر جرأة، فالسعي إلى الانسجام مع الرئيس هو محرك الرأي الواحد الذي كان يقدم تحت عناوين مختلفة دون أن تحمل شيئا من الثراء والتنوع والتعدد.
تحرير الإعلام السمعي البصري الذي كان خطا أحمر في خطاب الرئيس تحول الآن إلى مطلب يكاد يلقى الإجماع، وهذا يعني أن مسؤولية الذهاب بالإصلاحات إلى أبعد مدى تقع على عاتق من شاركوا في هذه المشاورات، وبدل الحديث عن إرادة السلطة في الإصلاح يجب أن يتحلى كل واحد بهذه الإرادة بعيدا عن حسابات التزلف للسلطة القائمة التي لن تكون دائمة.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)