الجزائر

معرض «اشراقات زخرفية» ولقاء أجيال متعدّدة



تعدّ الزخرفة من الفنون التشكيلية الراقية التي عرفها الإنسان وسجّلت حضورها عبر التاريخ في معظم حضارات العالم، كما تتميز الزخرفة العربية الإسلامية عن غيرها من الزخرفات الغربية والآسيوية لأنها «نابعة ومستمدة من جمال الروح الإسلامية من جهة، وتنفرد بطابع موحد من حيث الأشكال والألوان والمواد المستعملة في كل البلدان التي دخلها الاسلام من جهة أخرى»..هكذا يعرف المتحف العمومي الوطني للزخرفة والمنمنمات وفنّ الخط بقصر مصطفى باشا بالقصبة، بفن الزخرفة من خلال المطوية التي يضعها في متناول زواره معرض «اشراقات زخرفية» الذي زارته «الشعب» ويحتضنه المتحف مند شهر أفريل الماضي، على أن تستمر فعالياته طيلة صيف 2022.
صمت يخيم على المكان الذي تسوده برودة تتناقض مع حرارة الجو المرتفعة خارج أبواب قصر مصطفى باشا في أزقة القصبة.. هدوء غريب يتخلله من حين إلى آخر وقع خطوات العمال القائمين على هذا المعلم التاريخي الأثري الجميل أو زواره، وحينا آخر تقلقه زقزقة العصافير وخرير مياه نافورة وسط الدار وكأنها تدعو الزائر إلى الاستراحة عند حوافها، قبل الولوج إلى قاعات العرض للسفر في عوالم «اشراقات زخرفية» المعرض الفني الذي نظمه المتحف العمومي الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط».
لقد سجل تاريخ الزخرفة أن الفنان المسلم قد أبدع بقوة في «استخدام التشكيلات النباتية من أوراق وفروع وأزهار وثمار، فعمل على تحوير وتجريد العناصر المستخدمة من صورتها الطبيعية، وتركيبها وفق قواعد محدّدة كالتكرار والتناظر والتناوب والتقابل والتعاكس، وظهر فيها ميله إلى شغل المساحات وملء الفراغ».
ويشير التقديم بالمطوية الخاصة بالمعرض الفني أيضا إلى أن الفنان المسلم «قد أستغل كذلك الأشكال الهندسية في إبداعاته كالمستقيمات والمربعات والمثلثات والدوائر والأطباق النجمية وغيرها، حتى أصبحت لهذه العناصر دورا مهما في الزخرفة العربية الإسلامية»، وبالتالي فإن ابتعاده عن التصوير «نظرا لكراهيته في الاسلام»، دفع به إلى تعويض ذلك بفنون أخرى منها الخط العربي الذي وجد فيه «حرية إشباع غرائزه الفنية وإظهار مواهبه ومهاراته، وأصبح الخط في عصرنا هذا يتماشي جنبا إلى جنب مع الزخرفة، حتى لا نكاد نرى لوحة خطية تخلو من الزخرفة أو العكس، فهما يؤديان معا مهمة جمالية في غاية الروعة والابداع».
وقد حاول المتحف بقصر مصطفى باشا من خلال هذا المعرض التعريف بتنوع وثراء المشهد الفني والثقافي عامة، وعالم الزخرفة والخط خاصة في الجزائر..
وقد فتح بذلك المجال أمام الفنانين الجزائريين لتقديم مهاراتهم وإبداعاتهم للجمهور، وتشجيعا لهم على الإبداع والابتكار، كما شكّل فرصة تلاقي بين عدة أجيال من فنانين مخضرمين ومبدعين شباب ليقدموا أعمالهم التي تندرج في إطار استمرارية التراث الفني الإسلامي». وسجل المعرض مشاركة أكثر من 30 فنانا جزائريا من مختلف الولايات، على غرار تلمسان، وهران، البليدة، تبسة، باتنة، جيجل، مسيلة، برج بوعريريح، قسنطينة والجزائر العاصمة بأكثر من 52 لوحة فنية تحمل كل واحدة منها مجموعة من الزخارف النباتية والهندسية، ممزوجة بألوان معبرة وتحاكي قصص وذكريات ورموز من التاريخ والتراث. وبذلك جمع بين الجيل القديم والجيل الجديد وأظهر مزايا وعراقة المدرسة الجزائرية وفي فن الزخرفة، كما ضمّ المعرض لوحات أعمدة الفن الجزائري أمثال الفنان اجاعوط مصطفى ولوحاته «النعجة وخروفها»، «البطيخ»، و»من جد وجد ومن زرع حصد»، ونجد أيضا الفنان علي كربوش ولوحة «تنميق» والفنان مزوان عبد الرزاق ب»فاتحة كتاب» و»باقة زهور»، وبن جيلاني علي ولوحته «مراكز عاصمي» والفنان سعيد بوطوبة ولوحته «زخرفة مملوكية».
وحضرت حواء المزخرفة المبدعة هي الأخرى المعرض بقوة، حيت نجد مريم دوري ولوحتها «جامع كتشاوة» وقاضي فاطمة ولوحة «القدس»، إلى جانب وهيبة بوضياف ولوحتها
«وسط الدار» وزمام مريم ولوحة «النحلة»، إضافة إلى الفنانة ليلى يونس ولوحتها «نافورة» وهدى مليك ولوحة «شمسية» وغيرهن من المبدعات الأخريات.. للإشارة يندرج تنظيم معرض «إشراقات زخرفية» في إطار النشاطات السنوية التي يسطرها المتحف العمومي الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط، الذي أصبح يشكل محطة قارة في مسار الجولات السياحية الثقافية لقصبة الجزائر العتيقة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)