الجزائر

معاناة الأساتذة والمعلمين في الجزائر


معاناة الأساتذة والمعلمين في الجزائر
أستاذة في الأدب العربي من المستوى الرفيع والنوع النادر تنهي مشوارها المهني بالبكاء على أطلال أيام زمان والحسرة على واقع حاضرنا المر، والمستوى المتدني الفكري والثقافي للطلبة والطالبات وخاصة الانحطاط التي آلت إليه المدرسة الجزائرية والمنظومة التربوية عامة. هذه الأستاذة الفاضلة كرست حياتها للتعليم والتدريس بكل أمانة وإخلاص ومهنية جد عالية .لكن للأسف الشديد ظهر جيل جديد غريب الأطوار والسلوك راح يقلد كل شيء تافه وساقط ويحب كل شيء يجيء به من وراء البحار والأقطار ما عدا المدرسة والثقافة والعلوم والفنون.
هذه الأستاذة الموقرة التي عانت كثيرا مع هذا الجيل الجديد وبعد جهد كبير وعطاء وافر من رصيدها الأدبي والثقافي، ها هي اليوم متقاعدة مرغمة على ذلك نظرا لصعوبة المهام في سلك التعليم بالجزائر وخاصة السياسة والمنهجية الفاشلة والغير فعالة التي ينتهجها البعض بوزارة التربية.
يشاء القدر أن تصاب هذه الإنسانة الطيبة بمرض السرطان بعد أشهر قليلة من تقاعدها ليدخلها عالم المعاناة والآلام والأحزان ويبقيها عليلة كئيبة في منزلها لا يحلو لها شيء في هذه الحياة.
هذه حالة من بين الآلاف من الحالات المماثلة أو الأسوأ منها أو الأكثر معاناة ومأساة تمس أساتذتنا ومعلمينا في بلد غني بثرواته وفقير بسياساته الخاطئة ومخططاته الواهمة.
الكثير من هؤلاء المدرسين يعانون اضطرابات نفسية وعقلية خطيرة ناجمة عن المحيط العدواني والرهيب الذين يعملون فيه ويتعاملون مع تلاميذ منحرفين وإدارة غير مؤهلة بيداغوجيا ولا علميا ولا فكريا. أصبح المعلم عندنا في هذا الزمان يحتل المرتبة الأخيرة في سلم تقييم الإنسان والمهن والوظائف، إذ صار التلميذ البريء والطالب الغبي والتاجر الجاهل والشارع الضائع يستهزئون به ويعاملونه كأنه شيء غير مرغوب فيه في محيطهم المادي الوضيع.
أيعقل أن يهمش السيد صاحب الفضل في نشر العلوم والثقافة والمعارف والفنون! أيعقل أن نزدري مربيا ناضل من أجل تعليمنا وتعليم أبناءنا وبناتنا! أيعقل أن تنقلب موازيننا في عصر الدقة والسرعة ! هذا شيء لا يعقل ولا يسمح عند أمة تحترم نفسها وتقدر رجالاتها.
والأمر الخطير والفتاك الذي استفحل والذي يجب مقاومته هو ظاهرة الرشوة التي انتشرت وامتدت إلى مختلف مؤسساتنا التربوية والتعليمية. لنسمي الأشياء بمسمياتها، نعم الرشوة هي حقيقة مرة مست الكثير من الإطارات في المنظومة التربوية كمدراء ومفتشين وأصحاب قرار و و و ....
هكذا هي الأمور لدينا، يكرم الوضيع ويهان النبيل. أصبح الكثير من أساتذتنا ومعلمينا يتعاطون المهدءات نظرا لمتاعبهم اليومية كالأرق والكآبة وفقدان الأمل ومشاكل أخرى كمشكل السكن والصحة والجوار وسلب الحقوق و و و ... أصبح الآلاف منهم بل مئات الآلاف يطلبون التقاعد المبكر هروبا من واقعهم المزري والمتعب الذي يعيشونه بمرارة يوميا.
جزاء سنمار! هكذا يكون مصير الصالح المصلح والوطني في أمة مريضة قال عنها الشاعر:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
بارك الله فكم في يا قناديل الوطن ومنارات العلوم. أنتم دوما مفاخر لنا وعز للوطن والسلام عليكم.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)