الجزائر - In Salah

معارك المقاومة الشعبية ومراحل توغل المستعمر { تقرت, ورقلة , الأغواط , المنيعة , عين صالح }



معارك المقاومة الشعبية ومراحل توغل المستعمر { تقرت, ورقلة , الأغواط , المنيعة , عين صالح }
مع مطلع النصف الثاني من القرن 19م شهدت الصحراء الجزائرية العديد من الثورات و التي امتدت من اولاد سيدي الشيخ غربآ إلى منطقة وادي سوف شرقآ، وكان الوضع يساعد على ذالك وانه ليصعب مراعات التسلسل التاريخي لهذه المعارك لكونها متداخلة و متزامنة مع بعضها في كثير من الاحيان و قبل تجديد ذالك أود الاشارة إلى الوضع السياسي الذي كانت عليه المناطق الصحراوية الواقعة جنوب بسكرة (الاغواط تقرت ورقلة).
_ ففي سنة 1850م توفي الحاج أحمد بن بابية سلطان ورقلة و كانت السلطة في يد الزهرة وولد عبد الله بن خالد ، فعرضت السيدة زهرة السلطة في ورقلة على الشريف إبراهيم فقبلها و سمي نفسه سلطان ورقلة وكان ابن الحاج باية يطمح الى ان يكون هو سلطان أما في تقرت فإن بني جلاب كانوا منقسمين على انفسهم إذا كان سلطان عبد الرحمن ينافسه سلمان الذي تعاون مع الشريف كما كان زعيم الارباع ابن ناصر بن شهرة ناقما على تعاون الخليفة احمد بن سالم بالاغواط مع الفرنسيين و أما ميزاب فقد كانت السلطة فيها للعزابة ، وكانت تفضل الحياد و لكنها في الكثير من الاحيان كانت تمقت أخبار التوسع الفرنسي نحوها.
_ في ظل هذه الظروف أعلن شريف ورقلة عن ثورته وبدأ في مهاجمة المتعاونين مع العدو وكانت غايته الاستيلاء على تقرت و الاغواط ففي صيف 1851م وصل نشاطه الى تقرت واستولى على نفوسة و تماسين و كثر جيشه من واد ريغ و الشعانبة و سعيد عتبة ولكن سلطان تقرت "عبد الرحمن " تصدى للشريف وهو ما جعله يعود إلى ورقلة ، وكان موقف ناصر بن شهرة ابن الاحرش في الجلفة طالبا منه الوقوف إلى جانبه كما انظم اليه أولاد يعقوب بجبل عمور ، ومع مطلع سنة 1852م هاجم الاغواط الا ان المدافعين عنها أوقفوه نواحي ميزاب و لم يستطيع ابن جرش الذي رد هجومه الشريف ان يواصل عملياته فرجع دون نصر كما هرب احمد بن سالم من الاغواط إلى المدية محتميآ بالسلطة الفرنسية التي عينته قائدآ ولكن بانضمام زعيم أولاد سيدي الشيخ الأغآ حمزة اكتسب الشريف قوة هائلة في الوقت الذي قضى فيه سلمان الجلابي على ابن عمه عبد الرحمن و تولى سلطنة تقرت بدله الذي يعني أنتصارا للشريف أيضآ.
_ و في اثناء غياب الشريف عن ورقلة حل بها او حفص بن بابية و ادعى انه خليفة الفرنسيين عليها إلا انه لم يستطيع الثبات أمام الثورة فهرب الى تيارت تاركآ ورقلة للشريف ، هذا الأخير تمكن من بناء قصبة لإدارة حكمه و ترتيب جيوشه و منها بعث رسائل إلى الزعيم أولاد سيدي الشيخ حمزة أغا ، و أثناء هجومه على تقرت واجه عبد الرحمن الجلابي ، ولكنه تمكن من دخول تماسين التي وجد بها محمد العيد التيجاني وافقا على الحياد من هذه الأحداث المؤلمة.
_ و ساعدت هذه الظروف الشريف على افتكاك مدينة الاغواط و قطع الطريق أمام التوسع الفرنسي باتجاهها ، و ذلك من خلال تمكنه من رد هجمات ضباط المكاتب العربية المتتالية نحوها ، و هما هجوم كل من "بان" و "دينو" و في شهر اكتوبر 1852م اشتبك مع طلائع الجيش الفرنسي على مشارف المدينة بقيادة "بيليسية" و "يوسف" المملوك و تمكن من السيطرة على المدينة بكاملها خلال شهر نوفمبر و بمساعدة ابن شهرة و هو ما دفع بالفرنسيين الى تعزيز قدراتهم العسكرية و الدخول في المعركة حاسمة "معركة الاغواط" ضد الثوار يوم 04 . ديسمبر 1852م معركة اضطر خلالها الشريف إلى الانسحاب و خلف وراءه مصرع عدد كبير من الفرنسيين و عملائهم و ضابطين فرنسيين أحدهما برتبة جنرال و هو "بوسكارين" و "موران" و على إثرها تمكنت القوات الفرنسية من إحتلال الاغواط و لاشك ان الفضل في هذا الانتصار يعود إلى تلك الامداداتالتي وصلت من الجزائر و وهران و المقدرة ب: 8فيالق عسكرية مزودة بالمدفعية و هو السلاح الذي يفتقده الثوار.
_ إن إحتلال الاغواط قد سمح للمارشال "راندون" ان يجعل منها نقطة ارتكاز استراتيجية باعتبارها بوابة الصحراء كلها و أملا في استمالة سكان الصحراء عمد الفرنسيون إلى أسلوب الاتفاقيات مع شيوخ المنطقة و من بين ذلك الاتفاق الذي وقع بينهم وبين اهل ميزاب في 29افريل 1853م والذي رضوا بموجبه بدفع ضريبة للفرنسيين قدرها 4500فرنكا والاعتراف بحمايتهم مقابل عدم التدخل في شؤونهم الداخلية و استمرارهم في تجارتهم بالمغرب و تونس و ان يتعهد المزابيون بعدم فتح ابوابهم لأعداء فرنسا

_ لأسف الشديد ان هذه الاتفاقية ساهمت في توغل القوات الفرنسية حتى مشارف مدينة تقرت و تحت غطاءات عدة ، و لم تكد تمضي سنة واحدة عليها حتى هاجموا تقرت و نواحيها بحجة مطاردة الثائر الشريفالذي ظهر عند صديقه سلمان الجلابي السابق الذكر ، و خلال الخريف 1854م جهزت السلطات الفرنسية حملة عسكرية كبيرة بقيادة كل من "مارمية" و "ديفو" و "بان" و اشتبكت مع ثوار المنطقة في معركة جرت في المقرين "معركة المقرين" يوم 28نوفمبر 1854م و كانت قوات الشريف تقدر بحوالي 800فارسا و 2000 من الفنطازية و تدعي فرنسا أنه خسر في المعركة 500 قتيلا و كل الرايات و 1000 بندقية و عدد هائلمن السيوف.
_و على إثر ذلك إنسحب الشريف و رفيقه سلمان من تقرت التي تمكنت القوات الفرنسية من دخولها يوم 05ديسمبر 1854م و عينوا عليها فرحات بن سعيد عائلة "بوعكاز" حاكما على تقرت و سوف ونواحيها بلقب علي باي و خلال هذه الفترة التجأ الشريف الى تونس المتداوي جراء الجروح التي اصيب بها و ام يثنه ذلكمن عودته الى المنطقة وقيام بتحريض سكانها الذين لم يصلهم العدو الفرنسي و خاصة الشعانبة و المخادمة و سعيد عتبة و الارباع ....الخ و بواسطتهم ظل يكرر هجموه بين الحين و الاخر على الاغواط و تقرت إلى ان استقر نهائيا في خريف 1861م بورقلة و أخذ في تحصينها من جديد إلا أن العدو لم يهمله و جهز له جيش قويآ من المرتزقة و من بين الذين قادوا الجيش ضده الباشاغا حمزة بن بوبكر من أولاد سيدي الشيخ الذي جاء من البيض ، و في يوم 08 اكتوبر 1861م خرج الشريف الى نقوسة حيث اشتبك بالعدو الفرنسي "معركة نقوسة"و بعد القتال عنيف و خسائر فادحة للطرفين اعتقل الشريف وأخذ أسير الى قارة الحاج " رمال بوبروال" ثم نقل ابى وهران و منها الى كورسيكا وفي سنة 1863م أعيد إلى عنابة شبه ميت حيث توفى في نفس العام.
_ و اذا كان باشاغا حمزة بن بوبكر قد لعب دورا كبيرا في وضع حد لثائر الشريف محمد بن عبد الله في معركة نقوسة ، قامت السلطات الفرنسية بتعينه خليفة عنهم على إقليم الصحراء الممتد بين البيض و ورقلة و ذلك بمساعدة الكابتن كولومب "ضابط في مكاتب الشؤون العربية" و استغلته في أدارة هذا الاقليم إلى ان استتب لها الأمن فقامت بعزله من منصبه.
لقد تضاربت الروايات التاريخية حول مصير حمزة بن بوبكر و حسب السلطات الفرنسية أنه أغتيل على يد أحد نسائه لخيانته ، و بوفاته تولى قيادة القبيلة من بعد ابنه سي سليمان و لكن هذا الأخير كان عكس أبيه إذ سرعان ما أعلن الثورة ضد الفرنسيين في سنة 1864م .
_ و شملت هذه الثورة أنحاء واسعة من الصحراء و كبدت العدو خسائر فادحة و خاصة في الاقليم الممتد من فقيق إلى تافيلالت و أملا في المزيد من التوسع أنشأت السلطة الفرنسية عدة مراكز عسكرية بين ورقلة و المنيعة و ظلت اتفاقيتها مع بني ميزاب تعيق تحركاتها العسكرية المشبوهة ، و عندما أدركت بعدم جدوها معهم قامت بالزحف على بني ميزاب سنة 1882م وهو مافتح الباب لمواجهات دامية بين المزابيين و الفرنسيين ، و لكن الغلبة كانت للعدو الفرنسي الذي تمكن في سنة 1891م من اقتحام المنيعة و تأسيس مركز العسكري دائم بها ، ومن المنيعة قررت احتلال عين صالح وواحات توات ، و لتحقيق ذلك شرعت في تشييد العديد من المراكز العسكرية و الحصون المنيعة في قلب الصحراء و التي من أهمها: "حصن ماريبال" في حاسي شبابة على بعد 135كم جنوب المنيعة على طريق عين صالح عبر تادميت و " حصن ماكماهون" في حاسي عمار على بعد 165كم جنوب غرب المنيعة في "واد مقيدات"على طريق قورارة.
_ و إذا كانت القوات الفرنسية تمكنت سنة 1895م من إحتلال الابيض سيدي الشيخ و جنان بورزق في الجنوب الوهراني فإنها قامت في سنة 1897م بنقل مركز دائرة أقصى الجنوب من غرداية إلى المنيعة و من هناك بدأت ترسل في بعثاتها نحو الجنوب فعلى سبيل مثال أرسلت يوم 28 نوفمبر 1899م بعثة من ورقلة نحو عين صالح و التي وصلت يوم 09 ديسمبر 1899م إلى حاسي إينفل ، و في يوم 15 ديسمبر وصلت حاسي سوقي ، و غادرته يوم 18لتلتحق بحاسي المقر و منه إلى رڨ اجماد و واد مسين و في يوم 26 ديسمبر و صلت الى" فقارة الزوى" و من الغد حطت رحالها بواحة ايقسطن.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)