الجزائر

مصر الثورة تغرق في مخاض ما بعد الثورة مئات القتلى والجرحى وعودة شعارات تدعو لإسقاط النظام


مصر الثورة تغرق في مخاض ما بعد الثورة مئات القتلى والجرحى وعودة شعارات تدعو لإسقاط النظام
بعد عامين من اندلاع الثورة المصرية وسقوط نظام مبارك الذي عمّر أكثر من ثلاثة عقود، يجد المصريون أنفسهم يبحثون عن الطريق الصحيح لقيادة بلادهم نحو برّ الأمان وتحقيق أهداف الثورة، كتحقيق العدالة والديمقراطية وأن تكون مصر لكل المصريين، لكن اختلاف الرؤى وتصادم المشاريع السياسية جعل هذا الحلم مؤجلا إلى حين. مصر، حاليا، تغرق في دوّامة من العنف، ولايزال دم المصريين يُهدر خلال الاحتجاجات، ما جعل البلاد مفتوحة على كل الاحتمالات، وسط تبادل الاتهامات بين طرفي المعادلة، سلطة يديرها الإخوان ومدعومة من قبل التيار الإسلامي، ومعارضة تريد إسقاط ''حكم الإخوان''.

أزمة التوافق الوطني تهدّد المشروع الديمقراطي
من ثورة ضد الاستبداد إلى انتفاضة ضد الإخوان في مصر

تبدو صورة الوضع في مصر أشبه بتكرار لسيناريو ثورة 52 جانفي، فقد تجدّدت المظاهرات والاحتجاجات بما تحمله من حصيلة مأساوية لأعداد من القتلى والجرحى، إثر احتدام الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن، بل بلغ الأمر خروج الجيش في عدد من المحافظات وإعلان حالة الطوارئ وفرض حظر التجوّل، في محاولة أخيرة لاحتواء غضب الجماهير وتهدئة الأوضاع، غير أن السخط كان أكبر، إذ خرج سكان المحافظات الثلاث المعنية للتظاهر ليلا في تحدّ صارخ لقرار حظر التجوّل، رافعين هذه المرة شعارات تطالب ب''إسقاط حكم الإخوان''.
الحال أن جبهة الإنقاذ المشكلة من تيارات وأحزاب المعارضة طالبت هي الأخرى الإطاحة بالنظام، بعد ارتفاع حصيلة القتلى من المتظاهرين في ''جمعة الخلاص'' وما تبعها من أحداث، ما استدعى رئاسة الجمهورية إلى الدعوة للحوار لإنهاء حالة الفوضى التي تشهدها مصر. ومع أن المعارضة، على اختلافها، وافقت على وثيقة الأزهر الرافضة للعنف، إلا أن مسعى الحوار لم يتحقق، والسبب الرئيسي يعود إلى إصرار جبهة الإنقاذ على ضرورة مراجعة عدد من مواد الدستور التي ترى فيها أنها منافية لمبادئ الديمقراطية التي انتفض من أجلها الشعب، فيما ترى الرئاسة ومن يحالفها في حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين وعدد من أحزاب تيار الإسلام السياسي، أن الشعب صوّت على الدستور بالأغلبية، وبالتالي لا تملك الرئاسة إعادة النظر في قرار الشعب، ليبقى الخلاف قائما في مصر المنقسمة بين التيار المدني والتيار الديني.
وقد أثّر التوتر السياسي سلبا على الوضع الاقتصادي، إذ تراجعت السياحة وفرّت رؤوس الأموال، ما تسبب في تراجع سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وانخفاض حجم احتياطي العملة الصعبة، وارتفاع نسبة البطالة لمستويات ساهمت في تزايد الشعور بالسخط من الوضع العام. وبينما يرى المراقبون ضرورة استتباب الوضع الاقتصادي والتوصل إلى الاستقرار لدفع العجلة الاقتصادية، تجد حكومة الرئيس محمد مرسي نفسها في مأزق حقيقي، في ظل العجز عن التوصل لحل توافقي مع المعارضة ينهي حالة الغليان التي يعيش على وقعها الشارع المصري، ومن ثمة التفرغ لإيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية للمواطن المصري.
بهذا الخصوص، دعت أحزاب المعارضة إلى ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية من أجل الخروج من الأزمة وتحقيق التوافق الوطني، مشترطين، قبل ذلك، إعادة النظر في مواد الدستور المتنازع عليها، غير أن مقولة ''الشعب صوّت على الدستور ولا يمكن الاستيلاء على صوت الشعب''، التي يقول بها تيار الإسلام السياسي، حالت دون التوصل لمثل هذا التوافق، ما يجعل مصر تدور في حلقة مفرغة من التجاذب السياسي المؤدي للفوضى. ما جعل المراقبين يُحذّرون من ثورة جديدة قد تطيح بالنظام، ثورة يقودها، هذه المرة، 40 بالمائة من الشعب المصري ممن يعيشون تحت خط الفقر. وحذّر وزير الدفاع، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، من انهيار الدولة في حال استمر الوضع على ما هو عليه الآن.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)