الجزائر - A la une

مسنو دار العجزة يفتحون قلوبهم ويعبرون عن مرارة الفراق وعذاب الاشتياق



مسنو دار العجزة يفتحون قلوبهم ويعبرون عن مرارة الفراق وعذاب الاشتياق
دار المسنين أو العجزة، هو المكان الوحيد الذي يلجأ إليه الكثير من المسنين بعد نكران فلذات أكبادهم لكل التضحيات التي قاموا بها في حياتهم من أجلهم حتى يصلوا إلى ما هم عليه، والسبب هو إما إرضاء للزوجة أو لشعورهم بأنهم أصبحوا عبئا ثقيلا عليهم، خاصة في حالة الأمراض المزمنة وهم الذين لم يضيقوا بأبنائهم ذرعا وهم أطفال واعتبروا بكاءهم نغمة ومرضهم صدمة وضحوا براحتهم من أجلهم.
تتخلى عنه عائلته بعد عجزه عن توفير طلباتهم
معاناة أخرى لمسناها من خلال وجه مسن لم يرتكب أي ذنب في حق عائلته سوى أنه ضيع سنوات عمره في العمل، وبعد أن كبر في السن لم تعد له أهمية في نظرهم فضاقت به الدنيا وامتلأت عيونه بالحزن بعد أن غدرت به عائلته وكافأته بوضعه وحيدا بين أربعة جدران، وجدناه جالسا في الساحة يتكلم بمفرده، وكأنه يفرغ ما تراكم بقلبه من آلام زرعها في قلبه أفراد عائلته،اقتربنا منه لعل نفسيته ترتاح بعد أن يجد أحدا بجانبه يفضفض له ما يكبته من مشاكل، وتبدأ قصته عندما عمل لسنوات طويلة من أجل إرضاء زوجته وتعليم أبنائه وتوفير متطلبات زواج بناته ومصاريف البيت، وبعد أن تعرض لحادث، قست عليه وتغيرت معاملتها معه، حيث يؤكد أن زوجته لم تتقبل جلوسه في المنزل دون تلبية طلباتها، ويضيف "أخبرتني بأن لا قيمة لي ورفضت خدمتي، وما زاد من حزني أن حتى بناتي رفضن رعايتي في بيوتهن، متحججات بأنهن غير قادرات على تحمل مصاريفي، مع أن أزواجهن ميسورو الحال، واليوم لا أحد من عائلتي يسأل عني حتى في الأعياد".
من الصعب أن يجد الإنسان نفسه من دون عائلة ولا منزل بعد عودته من ديار الغربة، والسبيل الوحيد المتاح أمامه هو دار المسنين، وهو ما حدث مع السيد كمال البالغ من العمر 70 سنة الذي وجدناه جالسا بغرفته، وقد أخبرنا عن سبب تواجده في هذه الدار، وتبدأ حكايته عندما ترك عائلته وأراد أن يكون مستقبله في الخارج، ولكنه ضيع سنوات شبابه في العمل، ولم يتمكن من تكوين أسرة، وكان يعتقد أنه عند عودته إلى أرض الوطن سيجد عائلته، ولكنه لم يجد أحدا منها بعد أن توفي جميعهم في نشوب حريق، وحتى بيت عائلته ضاع في هذه الحادثة، وهذا ما جعله يقصد الدار لرعايته خصوصا بعد مرضه وكبر سنه".
خرجنا إلى الساحة فوجدنا مسنا من ذوي الاحتياجات الخاصة جالسا على كرسي متحرك فاقتربنا منه لنعرف قصته التي بدأت عندما توفيت زوجته فأعاد الزواج مرة أخرى من امرأة كان يظن أنها سترعاه بقية عمره وقبل تربية أطفالها حتى ضمن لهم مستقبلهم، وتكفل بمصاريف دراستهم لتتغير تصرفاتها معه بعد كبر سنه واستغلت ضعفه بعد مرضه وعاملته بقسوة وتعرض للضرب والشتم من قبل أولادها لإرغامه على إمضاء التنازل عن أوراق ملكية البيت لصالحها، ثم وضعته بدار المسنين فأصيب بشلل بعد أن ارتفع ضغطه بسبب الصدمة التي تلقاها منهم".
فضل البحث عن عمل في الخارج على رعاية والده
وهناك من الأبناء من يفضل البحث عن مستقبله في الخارج على البقاء مع أحد والديه ويتركه دون رعاية بعد كبر سنه، وهذا ما يضطره أن يلجأ إلى دار المسنين ليلقى الرعاية، وهذا ما حدثنا عنه "عمي فريد" البالغ من العمر 69 سنة والذي وجدناه جالسا في ساحة الدار بمفرده يغني "يارايح وين مسافر تروح تعيا وتولي"، وهو الذي غطت التجاعيد وجهه، كل واحدة تعبر عن ألم عاشه في حياته، ليجد نفسه يقضي بقية حياته وحيدا داخل دار العجزة يحن إلى فراق ابنه الوحيد بالرغم من أنه تركه وقطع الزيارة عنه لسنوات طويلة، بنظراته الحزينة أراد أن يطلعنا عن بقية قصته الحزينة التي تبدأ عندما تركه ابنه وهاجر بعد أن تعب لسنوات طويلة من أجل تربيته وحصوله على شهادات، ثم إيصاله إلى منصب مرموق في المجتمع، وعند موت زوجته، وكبر سنه، طلب من ابنه أن يبحث عن عمل داخل الوطن ليكون بجانبه لرعايته، وبالرغم من توسلاته له، إلا أنه طمع في حصوله على منصب شغل خارج الوطن نظرا لارتفاع مرتبه، وترك والده بمفرده وهو بأمس الحاجة إليه، وتعرض لحادث مؤلم بسبب وقوع قدر من الحليب المغلى عليه بعد أن عجز عن إمساكه عندما لازمه المرض، ويقول أنه لولا تدخل الجيران لإنقاذه لكان قد فقد حياته مما جعله يغلق بيته ويلجأ إلى دار المسنين لرعايته، وبالرغم من رفض ابنه البقاء معه إلا أنه سامحه وهو ينتظر اليوم الذي يعود فيه ابنه ويراه قبل موته.
دار المسنين تضمن الرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن
تقول "نعيمة بلحي"، مديرة دار المسنين بدالي إبراهيم: "إن الدار تتكفل بجميع المسنين الذين ليس لديهم أحد من أفراد عائلتهم يتكفل برعايتهم أو ليس لهم بيت، وقد حرصت الدار على توفير أجواء تليق بهم، فهي تحتوي على غرف مهيأة بجميع اللوازم التي يحتاجها المسن، بالإضافة أن لكل منهم حق في تلبية طلباته وتوفير احتياجاته الخاصة، كما نوفر لهم أخصائية نفسية تعالجهم وتهتم بمشاكلهم وطبيبة تعالج أمراضهن، خاصة أن الكثير من المسنات في الدار مصابات بأمراض مزمنة وهناك من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يتطلبون عناية خاصة وأدوية باهظة الثمن وحفاظات، وهناك مصابات بأمراض عقلية بسبب الصدمة الكبيرة التي تعرضن لها بسبب ما عانينه من فلذات أكبادهن، كما يتوفر داخل كل غرفة مسنة تلفزيون يسليهن وتتكفل العاملات بالدار بأمور نظافتهن وتلبية حاجاتهن اليومية، كما تحرص الدار على القيام بأنشطة متنوعة تكسر الملل عليهن كالخياطة والطرز وأخرى خاصة بالترفيه، بالإضافة إلى تخصيص جولات للتنزه خارج الدار إلى الغابات للترويح عليهن وكسر الروتين الذي يعانين منه، ونحاول إضفاء جو عائلي ليشعرن أنهن مازلن هناك، كما نحاول ملء أوقات الفراغ من خلال الخرجات الترفيهية إلى مراكز أخرى للاحتكاك مع قريناتهن، كما نقيم حفلات خاصة بعيد المرأة أو الأم ونكرم من خلالها المسنات التي أصبحن نعتبرهن بمثابة أمهات لنا ويحضر بهذه الحفلات جمعيات خيرية هدفها إدخال الفرحة على المسنات، وليشعرن أن هناك أشخاصا مهتمون بهن مما يبعث فيهن التفاؤل، ومثل هذه الزيارات ترفع من معنوياتهن، خاصة أنهن بحاجة إلى الدفء العائلي الذي تحتاج إليه معظم المقيمات بهذه الدار، كما أن هناك من فاعلي الخير الذين يقدمون مبادرة متمثلة في استضافة مسنة لمدة أسبوع كامل لتعيش أجواء الأعياد مع عائلتها ولم شملها معهم لخلق أجواء تحس فيها وكأنها مع عائلتها التي حرمت منها لسنوات طويلة خصوصا أن الكثير منهن محرومات من زيارة أقاربهن أو أبنائهن الذين لا يكلفون أنفسهم عناء الاتصال لمعرفة من حملنهن وربينهن، كما أن بعضهم يريدون أن يتكفلوا بمسنة في بيوتهم بعد أن حرموا من أمهاتهم ويعتبرونها في مكانتها بشرط أن يكتبوا تعهدا بعدم الإساءة لها، وهناك الذين يتبرعون لهن بالملابس أو وجبات كل يوم جمعة كوعدة أو رحلة للعمرة، وبالرغم من أجواء الراحة والظروف المهيأة لكل النزيلات بدون استثناء لينعمن بحياة هادئة، تبقى بعض المقيمات بالدار يحتجن إلى حنان الأسرة الذي دائما يرددنه على مسامعنا أنه هو الشيء الوحيد الذي ينقصهن ولا يمكن شراء الحنان النابع من قلب ابن أو بنت، كما أن هناك العديد من الجمعيات الخيرية التي تحاول إدخال الفرحة على المسنات بإقامة حفلات تقدم بها الهدايا، وقد أدخلت هذه المبادرة الفرحة على المسنات اللواتي عبرن عن إحساس مملوء بالسعادة التي لا تعوض بثمن رغم المعاناة اليومية التي يعشنها بسبب فراق أبنائهن والشوق للأهل والأقارب، وقد استطاعت هذه المبادرات في رسم ابتسامة عريضة على قلوب رقيقة رغم أنها ظاهرية على تلك الوجوه البريئة التي تملك قلوبا مازالت متمسكة بالأمل رغم الجرح العميق الذي أحدثه فراق أبنائهن لهن في مقابلتهم في يوم من الأيام قبل أن يفارقن الحياة".
قانون تجريم الأبناء الذين يتخلصون من أوليائهم في دار العجزة يجني ثماره
تضيف "نعيمة بلحي"، "إن وزارة التضامن وضعت جهودا للحد من هذه الظاهرة التي عرفت انتشارا كبيرا في السنوات الأخيرة، وقد أعلن وزير التضامن أن السلطات مستعدة لتقديم يد العون للأبناء غير القادرين على الإنفاق على والديهم لكي لا يحرموا من حنانهم ويعيشوا في كنف عائلتهم دون أي مشاكل ويتمكنوا من الاعتناء بوالديهم لإعادة إدماج النزلاء في أسرهم، كما أن هناك بعض المسنات اللواتي هربن من البيت ويخفين هويتهن خوفا من إعادتهن إلى عائلاتهن بسبب المشاكل التي أحدثها لهن أبناؤهن، وهذا ما يدفعنا إلى إجراء تحقيقات اجتماعية معمقة مع البلدية من أجل تزويدنا بكافة المعلومات عن النزيل لإعادته إلى أسرته، كما أن العديد من المسنات لا يجدن أبناءهن إلى جانبهن عند المرض مما يجعلهن يحتمين بالدار بحثا عن الرعاية والأنيس لاسيما وهن في سن كبير ويحتجن إلى عناية خاصة، مما دفع بوزارة التضامن إلى التفكير للتكفل بهؤلاء المسنات من خلال العمل على تكوين فرق متعددة الاختصاصات متكونة من طبيب نفساني ومساعدة اجتماعية ومنظفة إن لزم الأمر تنتقل إلى منزل المسنة بصفة دائمة ومنتظمة لتقديم ما تحتاج له من تكفل سواء طبي أو نفسي أو اجتماعي، كما أن نص القانون يتحدث عن معاقبة كل من يطرد والديه ويتهاون في التكفل بهما بأحكام السجن قد تصل الى 10 سنوات إلى جانب غرامات مالية كبيرة، ويعاقب مشروع القانون الأبناء الذين يطردون آباءهم إلى الشوارع، وكذلك الذين لا يتابعونهم في مراكز المسنين بالسجن لمدة تتراوح بين عام و10 أعوام مع غرامة مالية بين 100 ألف و500 ألف دينار، كما أن وزارة التضامن نصبت لجنة مهمتها تطبيق المادة 25 من القانون المذكور والشروع في تجسيد مشروع دور رعاية يومية للمسنين ستفتح مبدئيا أبوابها على مستوى دور العجزة بالعاصمة قبل تعميمها على باقي المناطق لاحقا، وتنص المادة على إعانة الأشخاص المسنين والمعدومين على مستوى مصالح البلدية بالإضافة إلى إمكانية وضع المسنين الذين تكون وضعيتهم صعبة أو دون روابط أسرية لدى عائلة أو مؤسسة متخصصة أو هيكل استقبال في النهار، كما تشير المادة الى أن دور الرعاية اليومية تفتح أبوابها للمسنين المعدومين والذين ليس لديهم من يكفلهم في البيت لتفادي وقوع الحوادث المنزلية، وبالرغم من أن هذه الظاهرة مازالت منتشرة، إلا أن هذا القانون سيزرع الخوف عند بعض الأبناء ويمنعهم من وضع أحد أوليائهم في دار المسنين".
المسن يتطلب رعاية نفسية خاصة
تقول الأخصائية "منال.د" متخصصة في علم النفس الاجتماعي بدار المسنين: "انتشرت هذه الظاهرة بشكل كبير في مجتمعنا، وقد أصبح بعض الأبناء يتخلون عن والديهم بكل سهولة دون أن يضعوا في اعتبارهم صلة الدم بينهم أو التضحيات التي قدموها لسنوات من أجلهم عند شقائهم في العمل أو تعبهم في التربية، ويرتكبون أبشع الأفعال في حقهم من أجل المال أو الاستيلاء على الأملاك، وأصبح المال يطغى على القيم وتسود الأنانية ويغيب التكافل والتضامن، ومن جملة المشاكل التي يصادفها المسنون في بداية دخولهم أنهم لا يستطيعون التأقلم مع هذا الجو خصوصا بعد أن تعودوا على العيش إلى جانب أقاربهم أو أبنائهم، فلا يستطيعون التكيف مع الحياة اليومية الجديدة بعيدا عن دفء الأبناء ويرفضون رفضا قاطعا أنهم متخلى عنهم، وبعض الحالات المتابعة مني في الدار ترفض حتى الآن فكرة وجودها بهذه الدار، بينما البعض الآخر من الذين طالت فترة مكوثهم في الدار رضخوا للأمر الواقع، وأغلب المسنين في الدار يعانون من أمراض نفسية نتيجة الصدمة التي تلقوها من أبنائهم أو أقاربهم مما يجعلهم يشعرون بإحباط شديد وحالات من القلق الشديد والدائم والاكتئاب والحزن نتيجة الوحدة والملل من الروتين الذي سيطر على حياتهم اليومية داخل الدار، والبعض منهم تنتابه صدمة نفسية شديدة نتيجة الضغوطات النفسية التي تعرضوا لها أثناء عيشهم مع أبنائهم في البيت، ولا يتقبلون فكرة تخليهم عنهم أو تركهم لبيتهم الذي يحمل ذكريات السنوات التي ضاعت منهم فيصيبهم انهيار عصبي يصل إلى حد إصابتهم بالجنون، ويصيبهم اليأس وفقدان الأمل من الحياة، كما أن سبب تخلي بعض الأبناء عن أوليائهم هو أنهم يحاولون الانتقام من والديهم بعد أن تلقوا تربية خاطئة منهم في الصغر مما يزرع لديهم عقدا نفسية يخرجونها على شكل تصرفات عدوانية تجاههم، كما أن بعض الأبناء الذين يتخلون عن آبائهم أو أمهاتهم المسنين في دور العجزة قد عايشوا ذكريات سيئة معهم في الصغر، سواء من الناحية المادية أو العاطفية، وهذا ما يجعلهم يتخلون مع مرور الوقت عن ضميرهم ويفقدون كل شعور بالمسؤولية أو تأنيب الضمير تجاههم، ولا ينتابهم أي شعور بالذنب لما ارتكبوه في حقهم بعد أن تخلوا عنهم وهم في أمس الحاجة إليهم، كما أن بعضهم يرتكب هذا الفعل بعد تعرضه إلى ضغوطات نفسية نتيجة مساومات من زوجة الإبن أو زوج البنت في حال تمسكهم برعاية أحد الوالدين، وتزداد حدة هذه المساومات إذا لم يكن للوالدة مسكن أو دخل ثابت، والأبناء المتوازنون نفسيا والذين يملكون شخصية قوية قادرون على أخذ قرارات عادلة يستطيعون من خلالها التوفيق بين رضا الوالدين، وتماسك عائلتهم، وتعتبر الأنشطة والخرجات الترفيهية التي تنظمها الدار من الأشياء الإيجابية التي تبعث الراحة النفسية عند المسن وتكسر الملل وتفك عزلته التي يعيشها بعيدا عن أقرب الناس إليه، فكل المسنين يحتاجون إلى عناية خاصة، فبعد كبر سنهم يتحولون إلى طفل صغير يجرح قلبه أي شيء يمس كرامته، ولذلك نحاول أن نقيم لهم جلسات للاسترخاء النفسي لكي يفضفضوا عما بداخلهم من مشاكل وتراكمات الحالة النفسية السيئة التي مروا بها، وبالرغم من جهود الدار في إشعار المسنين بالحنان والعطف، إلا أن الكثير منهم يشعرون بالحزن بعيدا عن حنان فلذات أكبادهم ويتنظرون اليوم الذي يأتي أحد منهم لزيارتهم أو لإرجاعهم إلى المنزل".
ديننا الحنيف يعتبر عقوق الوالدين من الكبائر
يقول الدكتور "عبد الله بن عالية"، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الخروبة "إن ابتعاد الإنسان عن قيمه الإسلامية وغياب الوازع الديني في مجتمعنا أدى به إلى نكران الأبناء لجميل والديهم والتفريط في واجباتهم تجاههم وقد وضع الإسلام مكانة كبيرة للأولياء، وحذر من جحود الأبناء لهم أو عصيان أوامرهم، فديننا الحنيف يحثنا على العناية بالوالدين كما جاء في القرآن الكريم: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا". وقد شدد الإسلام على واجبات الأبناء تجاه أوليائهم أن يحسنوا معاملتهم وينفقوا عليهم عند كبرهم ويردوا لهم ولو جزءا من الجميل الذي لا يساوي شيئا أمام التضحيات التي قدموها من أجلهم، ومهما كانت ظروفهم فيجب الاعتناء بوالديهم، وأن لا يوكلوا المهمة لغرباء يجدوا في كنفهم ما فقدوه في أولادهم الذين هم من لحمهم ودمهم، وأن لا يرموا بهم في المراكز الخاصة بالمسنين مهما فعلوا بهم، فلا يجب أن يتعامل معهم الأبناء، بالمثل ويجب مسامحتهم واحترامهم وعدم جرح مشاعرهم أو كرامتهم، واعتبر الإسلام عقوق الوالدين من الكبائر وجعل مكانة كبيرة للأم، فالجنة تحت أقدام الأمهات، وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع مكانة الأم في المرتبة الأولى في قوله عليه الصلاة والسلام "أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك"، ولا يدخل الجنة من أساء معاملة والديه ولم ينل رضاهما في الدنيا وتوفي أحدهما وهو غير راض عليه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قلنا بلى يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقول شهادة الزور". وقال رسول الله "ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والمدمن على الخمر والمنان بما أعطى". وبالرغم من أن الله حذر من عقوق الوالدين، إلا أن بعض الأبناء يرتكبون أبشع الأفعال في حق والديهم ويقطعون الزيارة عنهم دون أن يرتكبوا أي ذنب في حقهم بالرغم من أن الإسلام حث على صلة الرحم".
انتهى




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)