الجزائر

مسرح الهواية ..موقف وخيار



انطلق المسرح من هوية الهواية ثقافيا واجتماعيا وفكريا، فالهواية في المسرح هي المنطلق والمؤسس لفن واع داخل بنية مجتمعية وحضارية تنشد التغيير الإنساني وتطمح نحو الأرقى والأفضل .فالهواية في المسرح تعني الحيرة وعدم الرضى والبحث الدائم من أجل الإجابة عن سؤال « لماذا المسرح ؟ ، طبيعي أن نسأل عن هذا الفن في داخل عمقنا في عواطفنا في مجمل الفنون التي يتعايش معها ويتأثر بها ويؤثر فيها، وذلك عبر علاقة متناغمة أحيانا أو متناقضة ومتوترة أحيانا أخرى..
فالمسرح أب الفنون وهو متعة فكرية وجمالية، ومن هذا المنطلق نحتاج كهواة لفهم المسرح فهما جيدا عبر التكوين و الرسكلة والأعمال المخبرية ، لنعرف المسرح في أعماقه في شتى مستوياته وأبعاد مدارسه، بواسطة المتابعة والفرجة والاطلاع والدرس، وذلك لتأكيد وتجذير الفهم والمعرفة السليمة فينا كهواة لتعميق جذور الحب والهيام بهذا الفن النبيل، وهنا تتأكد المعادلة الصعبة في هذا المجال، وذلك بالسؤال عن صلة الانتساب إلى الهواية المسرحية ،فالهواية فلسفة قائمة بذاتها وهي موقف وخيار حسب وجهة نظري وهي أعمق بكثير من احتراف المسرح كمهنة وقطع مع مفهوم سائد يضع قطاع الهواية في مرتبة دونية ويصنف أعمالهم على أنها ملامسة واشتغال بدائي على المسرح وجب تشجيعه.وهو مفهوم سطحي وغير دقيق وجب تكذيبه واثبات أن مسرح الهواة هو نموذج للمثقف العضوي الذي غايته الفن من أجل الفن والمجتمع، بعيدا عن التكسب المادي و المسرح الشعبوي التجاري الرخيص، فمسرح الهواية هو مسرح حامل لمشروع ثقافي وطني غايته فتح أفق رحبة للتعبير عن إرادة التغيير ، وتوعية المجتمع والرقي به إلى الأفضل والأسمى ..
أعتقد أن أي مجموعة مسرحية هاوية تكون منطلقاتها في مرحلة التأسيس على الثوابت التالية :
_ قدرة المجموعة على توضيح الأهداف التي تؤمن بها
_ اعتماد النقد والتنظير في الممارسة المسرحية
_ تبني الضوابط الفكرية والاجتماعية باقتناع
_ تناسق المجهودات وتفاعلها في العملية المسرحية
فمجالات التأسيس المسرحي تحتاج إلى شجاعة لربط المسار بأسس ثقافية بحتة منفتحة على المجتمع والعصر ومواكبة له ،فالعمل المسرحي من خصائصه التعمق في الجوهر والهدف من خلال المنطوق والمسموع والمشاهد وهذا يتم عبر المخزون الحضاري وإبعاد العطاء والبذل لدى أفراد المجموعة المسرحية، وبالتالي نحو استكمال شروط المعرفة المسرحية عبر مباحث وورشات عمل تبني الرؤى الفكرية والإبداعية لمنجز مسرحي هادف وواعي بمشاغل وهموم المجتمع ، أخيرا يمكن القول أن مسرح الهواية هو حركة واعية وهو موقف فني مبني على إدراك صلب وخيار مسؤول .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)