الجزائر

مرض بومدين أثار سؤال من يخلف بومدين..الدولة أم الحزب؟!



أنت تقصد ميثاق 1976 بالدستور؟
لا، أقصد دستور بومدين، فبعد أن مرت 14 سنة من دون دستور وكان فيها الرئيس بومدين يشرع بواسطة الأمريات، قمنا سنة 1976 بالمصادقة على الميثاق الوطني أولا، ثم أقمنا الدستور بصيغته، وقمنا بالتصويت عليه جماعيا عن طريق الاستفتاء، وكان هذا الدستور طبعا يحصر الصلاحيات في الرئيس، ووقعت مشاكل ثورية فكان لابد على كل واحد من الثلاثة المكلفين أن يشكل طاقما يفكر معه في حل المشاكل، ومن جملة الحلول التي ارتآها العقيد محمد يحياوي هو أن يشكل لجنة صغيرة من 5 أفراد لتقوم بطرح كل القضايا التي تعترض سبل السير العادي لأمور الدولة، فتشكلت هذه اللجنة من الأستاذ عبد الحميد مهري، علي بن محمد، عبد الله شريط، السيد محمد بغدادي وعمر سراج، وكنا نجتمع كل مساء في قصر زيغود يوسف، في طابقه الرابع، في مكتب قريب من العقيد يحياوي، وذهبنا لرؤيته مرة أو مرتين ولم تكن لنا علاقة به، وكنا نتناول كل المشاكل المطروحة في الساحة السياسية…
من كلفكم بهذه المهمة دكتور؟
العقيد محمد يحياوي، بصفته مكلفا بجهاز الحزب، وكان عليه أن يطرح هذه المشاكل التي كنا نحن في اللجنة نعدها في مذكرات مع كل المقترحات، وقد أوردتها جميعا في الجزء الثاني من كتاب جبهة التحرير بعد بومدين، بعنوان حقائق ووثائق، والوثائق هي كل المذكرات التي قدمناها والاقتراحات في حالة ما إن لم يخرج بومدين من الغيبوبة، و إذا طالت غيبوبته، وكيف ينعقد المؤتمر، ومن الذي ينبغي أن يحضره وجوبا، وكيف نعالج قضية انتخاب الرئيس، وطرحنا في هذه المذكرات أشياء لم تكن تخطر على بال إنسان…
يعني حتى نفهم دكتور كنت أنت ضمن هذه اللجنة وكنتم مكلفين بإعداد مقترحات عن كيفية التعامل مع الوضع القائم؟
نعم، فمثلا طرحت قضية المؤتمر، ففي حالة الوفاة، هل يفترض أن نعقد المؤتمر أم ندوة وطنية؟. بعض الناس رفضوا فكرة المؤتمر، قائلين بعدم إمكانية عقد مؤتمر جبهة التحرير الذي لم يعقد منذ 14 سنة، في ظرف استثنائي كهذا، وبعد وفاة الرئيس يجب أن ينتخب رئيسا آخر في مدة لا تتعدى 45 يوما حسب الدستور، وريثما يتم انتخاب الرئيس الجديد يرأس رئيس المجلس الوطني نيابيا.
ماذا اقترحتم في حالة ما طالت الغيبوبة؟
إذا طالت الغيبوبة… أولا يكون المجال للرأي الطبي، ففي حالة ما إذا قال فريق من الأطباء المختصين بأنها حالة دائمة ولا يخرج منها الإنسان إلا نادرا ينبغي أن تعتبر مثل حالة الوفاة أو الاستقالة، أما إذا قال الرأي الطبي أن هذه الغيبوبة عادة يخرج منها الإنسان، فعلى القيادة هنا أن تستحدث نائبا أو مسؤولا يسير البلاد في انتظار خروج الرئيس من الغيبوبة، وفي حالة انعقاد المؤتمر. قمنا باستحضار كل هذه الحالات، ولكن كانت قضية الميزانية تطرح وتشتد كلما طالت أيام الغيبوبة، لأن البرلمان قائم على إعداد الميزانية، وكان المخرج أن الذي يمنع على أي أحد أن يعوض فيه الرئيس هو الإمضاء على الميزانية كاملة، لكن القانون لا يمنع أن تقسم الميزانية على 12 شهرا، فيستطيع وزير المالية مثلا أن ينوب عن الرئيس في توقيعها شهرا بشهر.
وهل كان هذا الحل منصوص عليه ومعمول به؟
نعم منصوص عليه ومعمول به، إلا أن الرئيس بومدين مات قبل رأس السنة، أي قبل موعد التوقيع على الميزانية.
لكن قبل الوفاة دكتور حدثني عن صراع الخلافة، فالإشاعة ملأت الحزب والشارع لأسابيع؟
خلفية الإشاعة كانت ترتكز على سؤال من يخلف بومدين، الدولة أم الحزب؟، وهذا هو محل الصراع، فالدولة بأجهزتها وإطاراتها ومؤسساتها الاقتصادية، ترى أن من يمثل بومدين هو الدولة التي أقامها بومدين، فالحزب لم يتح له أن يقيمه، رغم أنه عين مسؤولا ليعد اجتماعا وبدأ اجتماع ثلاث منظمات جماهيرية عقدت مؤتمراتها وغيرت قادتها، ولكن الحزب في تلك الفترة لم يكن في الحالة التي يستطيع فيها أن يعقد مؤتمرا عاديا، لأن القانون ينص على انعقاد مؤتمر استثنائي لجبهة التحرير، ويتم فيه المصادقة على الأمين العام الذي يكون مرشحا للرئاسة، هذا من منظور الدولة، أما الحزب بمنظماته ومحافظاته وخلاياه يرى بأن الرئاسة شأن حزبي، حسب ما نص عليه الدستور.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)