الجزائر

محمد بن عمر المليكشي في "نيل الإبتهاج"



محمد بن عمر بن علي بن محمد بن ابراهيم عرف بإبن عمر الملكيشي البجاني ثم التونسي الجزائري كذا بخطه نسبة إلى جزائر إفريقية لا إلى بلد الجزيرة لأن النسب إليها جزيري.
قال الحضرمي في "مشيخته" كان صدرا في الطلبة و الكتاب فقيها كاتبا أديبا حاجا رواية متصوفا و إيثار و قبول حسن رحل و حج وروى عن جماعة بالحجاز و مصر و الإسكندرية كالرضي الطبري سمع عليه الكتب الخمسة و السراج محمد بن طراد قاضي المدينة و خطيبها و أبي محمد الدلاصي و النجم الطبري و غيرهم و له شعر رائق و نثر فائق و كتابة البليغة و تآليف مستظرفة توفي بتونس غرة المحرم فاتح أربعين و سبع مئة (740) اهـ .ملخصا و قد ذكره خالد في "رحلته" فأثني عليه فأنظره اهـ.
و عرفه في "نفح الطيب" بقوله: أبو عبد الله محمد بن عمر بن علي بن إبراهيم الملكيشي كاتب الخلافة و مشعشع الآدب الذي يزري بالسلافة كان بطل مجال ورب روية و ارتجال قدم على هذه البلاد و قد نبا به وطنه و ضاق ببعض الحوادث عطنه فتلوم به تلوم النسيم بين الخمائل و حل منها محل واسعة و ميرة يانعة ثم آثر قطره فولى وجهه شطره و استقبله دهره بالإنابة و قلده خطة الكتابة فاستقامت حاله و حطت رحاله و له شعر أنيق و تصوف و تحقيق و رحلة إلى الحجاز سعيها في الخير وثيق و نسبها في الصالحات عريق و من شعره قوله:
رضى نلت ما ترضين من كل ما يهوى
فلا توقفيني موقف الذل و الشـكوى
و صفـحا عن الجـاني المسيء لنفسه
كفاه الذي يلقاه من شـدة البـلوى
بمـا بننـا مـن خـلـوة معنـوية
أرق من النجوى و أحلى من السلوى
قفـي أتشـكـى لوعـة البين ساعة
و لا يـك هـذا آخر العهد بالنجوى
ففـي ساعة في عرصة الدار و انظرى
إلى عـاشـق مـا يستفيق من البلوى
و كـم قد سألت الريح شوقا إليكم
فـما حـن مسراهـا علي و لا ألوى
فيـا ريـح حـتى أنت ممن يغار بي
و يـا نجد حتى أنت تهوى الذي أهوى
خلقت و لي وقلب جليد على النوى
و لكـن عـلى فقـد الأحبة لا يقوى
و حدث بعض من معنى بأخباره أيام مقامه بمالقة و استقراره أنه لقي باب الملعب من أبوابها ظبية من ظبيات الأنس و قينة من قينات هذ الجنس فخطب و صالها و اتقى بفؤاد نصالها حتى همت بالإنقياد و انعطفت انعطاف الغصن المياد فأبقى على نفسه و أمسك و أنف من خلع العذار بعد ما تنسك و قال:
ثم أنـس وقفـتنا باب الملعب
بيـن الرجا و اليأس من متجنب
و عـدت فكنت مراقبا لحديثها
يـا ذل وقفـة خـائف مترقب
و تـدللت فـذلك بعـد تعزز
يـأتي الغـرام بكل أمر معجب
بـدوية أبدى الجمال بوجهـهـا
ما شئت من خد شريق مذهـب
تـدنو و تبعـد نفـرة و تجنـبا
فتكـاد تحسبـها مهاة الربـرب
و رنـت بلـحظ فاتن لك فـاتر
أنضى و أمضى من حسام المضرب
و أرتـك بـابـل سحرها بجفونها
فسـبت وحـق لمثلهـا أن تستبي
و تضـاحكت فحكت بنـير ثغرها
لمعـان نـور ضيـاء بـرق خلب
بمنظـم في عقـد سمـطـي جوهر
عن شبه نـور الأقحـوان الأشنب
و تمـايلت كـالغصن أخصله الندى
ريـان مـن مـاء الشبيبة مخصب
تثينـة أرواح الصبـابـة و الـصبا
فتـراه بـين مشرق و مـغـرب
أبـت الـروادف أن تميـل بميـله
فرست و جال كأنه في لـولـب
متتـوجا بهـلال وجسـه لأخ في
حـل السحاب لحاجب و محجب
يـا مـن رأى فيها محبـا معزما
لم نقلب إلا بـقـلـب قـلب
مـا زال مـذ ولى يحاول حيـلة
تدينـه مـن نيل المنى و المطلب
فـأجـال نار الفكر حتى أوقدت
في القلـب نار تشـوق و تلهب
فتـلاقت الأرواح قبل جسومها
و كذا البسيط يكون قبـل مركب
وقال:
أرى لـك يـا قـلبي بـقلبي محبة
بـعـثـت بهـا سـرى إليـك رسـولا
فقابـله بالبـشرى و أقبـل عشية
فقـد هـب مسـكي النسيـم علــيلا
و لا تعتـذر بالقـطر أو بلل الندى
فـأحسـن ما يـأتي الـنسيـم بـلـيلا
توفي عام 740 بتونس رحمه الله تعالى اهـ من "نفح الخطيب" للمقري نقله من "الإكليل الزاهر فيما فضل من نظم التاج من الجواهر" للشيخ لسان الدين محمد بن عبد الله بن الخطيب القرطبي المتوفى سنة 726 كما في "كشف الظنون عن أسامي الكتب و الفنون"



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)