الجزائر

محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي التلمساني التواتي "نيل الإبتهاج"


خاتمة المحققين الإمام العالم العلامة الفهامة القدوة الصالح السني أحد الأذكياء ممن له بسطة في الفهم و التقدم متمكن المحبة في السنة و بغض أعدائها وقع له بسبب ذلك أمور مع فقهاء وقته حين قام على يهود توات و ألزمهم الذل بل قلتهم و هدم كنائسهم و نازعه في ذلك الفقيه عبد الله العصنوتي قاضي توات و راسله في ذلك علماء فاس تونس و تلمسان فكتب في ذلك الحافظ التنسي كتابة مطولة كما تقدم بصواب رأي صاحب الترجمة و وافقه عليه الإمام السنوسي فما كتب السنوسي له: من عبد الله محمد بين يوسف السنوسي إلى الأخ الحبيب القائم بما اندرس في فاسد الزمان من فريضة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر التي القيام بها لا سيما في هذا الوقت علم على الاتسام بالذكورة العلمية و الغير الإسلامية و عمارة القلب بالإيمان السيد أبي عبد الله بن عبد الكريم المغيلي حفظ الله حياته و بارك في دينه و دنياه و ختم لنا وله و لسائر المسليمين بالسعادة و المغفرة بلا منحة يوم نلقاه بعد السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته فقد بلغني أيها السيد ما حملتكم عليه الغيرة الإيمانية و الشجاعة العلمية من تغير أحداث اليهود أذلهم الله كنيسة في بلاد الإسلام و حصركم على هدمها و توقف أهل الأهواء فبعثتهم إلينا مستنهضين همم العلماء فيه فلم أر من وفق لإجابة المقصد و بذل وسعه في تحقيق الحق وشفاء الغلة و لم يلتفت لقوة إيمانية ونصوع إيقانه لما يشير إليه الوهم الشيطاني من مداهنة من يتقي شوكته سوى الشيخ الإمام القدوة الحائط المحقق علم الإعلام أبي عبد الله محمد بن عبد الجليل التنسي أمتع الله به إلى آخر كلامه المتقدم بعضه و ممن أجب في المسألة الرصاع مفتي تونس و أبو مهدي الماوسي مفتي فاس و ابن زكري مفتي تلمسان و القاضي أبو زكرياء يحي بن أبي البركات الغماري و عبد الرحمن بن سبع التلمسانيان و حين وصل جواب التنسي و معه كلام السنوسي لتوات أمر صاحب الترجمة جماعته فلبسوا آلات الحرب و قصدوا كنائسهم و أمرهم بقتل من عارضهم دونها فهدموها و لم يتناطح فيها عنزان،ثم قال لهم: من قتل يهوديا فله علي شبع مثاقيل و جري في ذلك أمور فنظم في تلك القضية قصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم و ذم اليهود و من ينصر اليهود ثم دخل بلاد أهر و دخل بلاد تكده و اجتمع بصاحبها و أقرأ أهلها و انتفعوا به ثم دخل بلاد كنو و كشن من بلاد السودان و اجتمع بصاحب كنو و استفاد عليه و كتب الرسالة في أمور السلطنة بحضه على إتباع الشرع و أمر بالمعروف و النهي على المنكر و قرر لهم أحكام الشرع و قواعده ثم رحل لبلاد التكرور فوصل إلى بلدة كاغو و اجتمع بسلطانها ساسكي محمد الحاج و جرى على طريقته من الأمر بالمعروف و ألف له تأليفا أجابه فيه عن مشائل وبلغه هناك قتل ولده بتوات من جهة اليهود فانزعج لذلك و طلب من السلطان قبض أهل توات الذين بكاغو حينئذ فقبض عليهم و أنكر عليه ذلك سيدنا أبو المحاسن محمود بن عمر إذ لم يفعلوا شيئا فرجع عن ذلك و أمر بإطلاقهم و رحل لتوات فأدركته المنية بها فتوفي هناك سنة تسع و تسع مئة (909) و يقال: إن بعض الملاعين اليهود أو غيرهم مشى لقبره فبال عليه فعمي مكانه و كان رحمه الله مقدما على أمور جوار جريء قلب فصبح اللسان محبا في السنة جدليا نظارا محققا.
له تآليف منها: البدر النير في علوم التفسير" و "مصباح الأرواح في أصول الفلاح" "كتاب عجيب في كراسين أرسله السنوسي و ابن غازي فقرظاه و شرح "المختصر خليل" مزجا سماه" مغني النبيل" اختصر فيه جدا و صل فيه: القسم بين الزوجات وله عليه قطع آخر من البيوعات و غيرها بل قيل إنه شرح ثلاثة أرباع المختصر و حاشية سماها "إكليل المغني" و قفت منها إلى التميم و "شرح بيوع الآجال" من ابن الحاجب فبحث فيه مع ابن عبد السلام و خليل و تأليف في "المنهيات" و مختصر "تلخيص المفتاح" و شرحه و "مفتاح النظر" في علم الحديث فيه أبحاث مع النووي في تقريبه و "شرح الجمل" في المنطق و مقدمة فيه و منظومة فيه سماها "فتح الوهاب" و "ثلاثة شروح عليها" و قد شرحها والدي بشرح حسن استوفى فيه و له أيضا "تنبثيه الغافلين عن مكر الملبسين بدعوى مقامات العارفين "و شرح خطبة المختصر" و "مقدمة في العربية" و كتاب "الفتح المبين" و "فهرسة مرواياته " و عدة قصائد كالميمية على وزن البردة و ربها في مدحه عليه الصلاة و السلام.
أخذ عن الإمام عبد الرحمن الثعالبي و الشيخ يحي بن يدير و غيرهما و أخذ عنه جماعة كالفقيه أيد أحمد و الشيخ العاقب الانصمني و محمد بن عبد الجبار الفجيجي و غيرهم و وقع له مراسلة مع الجلال السيوطي في علم المنطق فمما كتب للسيوطي فيه قوله:
سمـعت بــأمر سمـعت بمثلـه
و كـل الحديث حكمه حكم أصله
أيمكن أن المـرء في العلـم حجـة
وينـهى عـن الفرقان في بعض قوله
هـل المنـطق المـعني إلا عبـارة
عن الحـق أو تحقيقـه حين جـهله
معانيه في كل الكلام و هل تـرى
دلـيلا صحيحـا لا يـرد لشكلـه
أريـني هـداك الله مـنه قضـية
عـلى غـير هـذا تنفـها عن محله
ودع عنـك أبـداه كفور وذمـه
رجـال و إن أثبـت صحـة نقـله
خـذ الحق حتى من كفور و لا تقم
دلـيلا عـلى شخـص بمذهب مثله
عـرفناهم بالحق لا العكس فأستبين
بـه لا بهـم إذ هـم هـداة لأجـله
لئـن صح عنهم ما ذكرت فكم هم
و كـم عـالم بالـشرع بـاح بفضله
فيأبيات تركتها فأجابه السيوطي بقوله:
حمـدت إلاه العرش شكرا لفضله
و أهـدي صـلاة للنبي و أهـله
عجـبت لـنظم مـا سمعت بمثله
أتـانـي عـن حـبر أقر نبـله
تـعجب مـني حين ألفت مبدعا
كتـابـا جمـوعا فيه جـم بنقله
أقـرر فيـه النهي عن علم منطق
و مـا قـاله الأعلام من ذم شكله
و سمـاه بالـفرقان يا ليت لم يقل
فـذا وصـف قـرآن كريم لفضه
و قـال بـه فبـما يـقرر رأيـه
مـقالا عـجيبـا نـائيا عن محله
و دع عـنك أبداه كفور و بعد ذا
خـذ الحـق حـتى من كفور بختله
و قـد جاءت الآثار في ذم من حوى
علـوم يهـود أو نصــارى لأجله
يـعزز بـه عـلـماء لـديه و إنه
يعـذب تعـذيبا يـليـق بـفعل
و قـد منـع المختار فاروق صحبه
و قـد خـط لوحا بعد توراة أهله
و قـد جـاء مـن نهي أتباع لكافر
و إن كـان ذلك الأمـر حقا بأصله
أقمـت دليلا بالحديـث و لم أقـم
دليـلا عـلى شـخص بمذهب مثله
سـلام عـلى هـذا الإمام فكم له
لـدي ثنـاء و اعتــراف بفضـله

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)