الجزائر

محمد بن عبد الكريم الفكون "جذوة الاقتباس"


الشيخ الفقيه المسارك العلامة الفهامة سيدي محمد بن العلامة الفهامة الناسك الخاشع الجامع بين علمي الظاهر و الباطن سيدي عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الفكون هكذا وصفه أبو سالم في "رحلته ثم قال فيه: و ممن لقيته بطرابلس الخاشع الجامع بين علمي الظاهر و الباطن رضي الله عنه نفعا و نفعنا به قدمها حاجا و هو أمير ركب الجزائر و قسنطينة و تلك النواحي على نهج أبيه و عادته محافظا على سلوك سيرة والده من التؤدة و الحلم و الوقار فأحبته القلوب و مالت إليه النفوس و لم يطلع أميرا إلا في هذه السنة و قبل ذلك إنما كان يطلع بالركب والده رضي الله عنه فلما توفي قام ولده هذا مقامه أعانه الله و سدده و كانت وفاته رضي الله عشية الخميس ذي الحجة سنة 1073 شهيدا بالطاعون و كانت لنا به رضي الله عنه و صلة و انتساب بالخدمة و الولاء و الاعتقاد الصالح لما حججنا معه في سنة 64 و قال رضي الله عنه لما طلبت منه الاتصال بحضرته و الانخراط في سلك أهل خدمته: إني أقول لك كما قال الإمام الشاذلي رضي عنه: لك من الناس الحرمة و عليك ما علينا من الرحمة و كان رضي الله عنه في غاية الانقباض و الانزواء عن الحق و مجانبة علوم أهل الرسوم بعد ما كان إماما يقتدي به فيها و له فيها تآليف كثيرة شهد له فيها بالتقدم أهل عصره و ألقى الله في قلبه ترك ذلك و العكوف على حضرته بالقلب و القالب و التردد إلى الحرمين الشريفين مع كبر السن و كان يقول إذا ذكر له شيء من هذه العلوم قرأنها لله و تركناها الله و قنعت منه رضي الله و قنعت منه رضي الله بالكلمة التي قالها لي لما علمت حاله و خشيت أن أثقل عليه و أكفله بما لا تطيب به نفسه فإنه رضي الله عنه أهل القلوب.
و مروياته رضي الله عنه مستوفاة في "فهرسة" شيخنا أبي مهدي عيسى الثعالبي فنحن نروي عنه جميعها بواسطة فلما لقيت ولده هذا تقربت له و انتسبت إليه بمعرفة والده فوجدت عنده بعض علم بي و قال لي: أنت الذي وصل إلى الوالد كتابك المبعوث من وادي أم ربيع قبل موته بسنة؟فقلت: نعم و رجب بي وبش و هش و أنس و وجدت عنده عدة من مؤلفات والده بعضها بخطه رضي الله عنه فأعارها لي مدة إقامته هناك و لم تطل إقامته فمنها "شرحه على أرجوزة المكودي" في التصريف و هو مجلد أجاد فيه غاية الإجادة و أحسن كل الإحسان و أعطى النقل و البحث فيه حقهما و لم يمهل شيئا مما يقتضيه لفظ المشروح و معناه إلا تكلم عليه و أجاد كما هو شأنه و أول خطبته: الحمد الله الذي أجرى تصاريف المقادير بواسطة أمثلة الأفعال و أوضح البيان افتقارها إليه بتغيير حالاتها من حركة و صحة و إعلال و نوع و إشكال و عين وجودها إلى ضم الانظام إليه و كسر الانكسار لديه و فتح الانفتاح في مشاهدة العظمة و الجلال اهـ.
و لا يخفي عليك ما اشتمل عليه هذا المطلع من براعة الافتتاح و لطيف الإشارة إلى أنواع الإعراب و التصريف وقد فرغ من تأليفه أوائل صفر عام 1048 و شرح صاحب الترجمة هذا أوسع نقلا و أكثر بحثا و أتم تحريرا من شرح العلامة سيدي محمد المرابط الدلائي و لا أدري أيهما سبق إلى شرحه و من تآليفه ديوان مدح النبي صلى الله عليه و سلم و جزء من التحريم الدخان سماه "محدد السنان في نحو إخوان الدخان" و هو في عدة كراريس مشتمل على أجوبة عدة من أئمة ثم قال في الرحلة المذكورة و قد كثر خوض المتأخرين من علماء هذا القرن في أمره هذا الدخان بين مبيح و محرم و الأكثر على التحريم منهم علامة زمانه الشيخ إبراهيم القاني و شيخنا المحقق الشيخ السالم السنهوري و ممن ألف إباحته الشيخ ابو الحسن الأجهوري انظر تمامه فقد أطال في الرد على من أباحه و أجاد.
قلت: و الشيخ علي الأجهوري رجع عن تأليفه المذكور في إباحة الدخان إلى تحريمه حدثنا شيخنا العلامة الثبت الضابط الحجة سيدي محمد المدعو الكبير بن محمد السرغيني العنبري عن الشيخ العلم الضابط الثبت الضابط الحجة سيدي أبي بكر بن محمد الدلائي عن الشيخ محمد التركي أحد كبار تلامذة الشيخ الأجهوري المذكور أن الشيخ الأجهوري المذكور رجع عن القول بحلية طابة إلى القول بتحريمها حدثنا عن بذلك شيخنا السؤغيني المذكور و حدثنا شيخنا المذكور عن شيخه السيد الخير الثقو سيدي محمد بن عبد الرحمن الصومعي التادلي أنه أما حج و دخل مصر لقي بها الشيخ محمد الخرشي شارح "مختصر خليل" و سئل بحضرته عن طابة فقال المسائل: دعنا من الخبائث حدثنا بذلك بالسندين المذكورين إلى الشيخين المذكورين مرارا و أذن لنا في التحديث عنه بدلك و قد وقع خبط كثير من ظهور هذه العشبة إلى الآن و لم يزل الخلاف في ذلك بين المتأخرين و لم يقع كلام فيها في التقديم لحديث ظهرورها و الذي ندين الله به هو المنع و كفى دليلا لمنعها كونها تغيب الحواس سألنا عن ذلك حتى تحققناه ممن نراه يتعاطاها و الشيخ العافية و أخوه الشيخ محمد المذكوران في السند كلاهما من أعيان العلماء لمن تحقق ضبطه و ثقته اهـ.
و في "الصفو" محمد بن عبد الكريم البكون بفتح الباء و ضم الكاف المشددة القسنطيني من العلماء المنتفعين بعلمهم حصل طرفا من الفنون و درس فيها مرة ثم ألقى الله قلبه تركها و العكوف على حضرته بالقلب و كان يقول إذا ذكر له شيء من هذه العلوم: قرأنها لله و تركناها لله و كان رحمه الله في غاية الانقباض و الانزواء عن الخلق و له تأليف منها: "شرح نظم الشيخ الكودي" في علم التصريف و هو في غاية الإتقان معنى و إعرابا و أول خطبته: الحمد الله الذي أجرى تصاريف المقادير بواسطة أمثلة الأفعال و أوضح بيان افتقارها إليه بتغيير حالاتها من حركة و صحة و اعتلال و نوع إشكال عين وجودها إلى ضم الانظام إليه و كسر الانكسار لديه و فتح الانفتاح في مشاهدة العظمة و الجلال و لا يخفي عليك حسن هذا المطلع و لطف منزعه و له أيضا " محدد السنان في نحور إخوان الدخان كراريس اشتمل على أدلة عقلية و نقلية على الجزم بتحريمه، وقال منها: إن الدخان تنفر منه طبائع الحيوان البهيمي كالنحل فكيف بأعقل الحيوانات قال: وقد ورد علينا جراد عام أربع و خمسين سد الأفاق كثرة و كسا السهل و الجبال حتى كان قنطرة على الوادي يعبر الناس عليها و تغير منه ماء الوادي ما زيد على شهر وصار كالقطران ففقو الماء و علا و لم يندفع إلا بالدخان وله "شرح على الشواهد الشريف على "الاجرمية" و التزم عقب كل شاهد ذكر حديث مناسب له و "شرح الجمل" للمجرادي و "كتاب في "حوادث فقراء الوقت" و غير ذلك و قد ذكره في "نفح الطبيب" و أثنى عليه أخذ عن والده عن سيدي عمار الوزن القسنطيني و توفي عام ثلاث و سبعين و ألف اهـ.

سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)