الجزائر

محامون جزائريون يوثقون جرائم إسرائيل في حق الأسرى الفلسطينيين



بابتسامة الواثقين من أنفسهم والذين لم تؤثر عليهم سنوات وعقود من الأسر والتعذيب، تحدث وفد من الأسرى الفلسطينيين المحررين، حلّوا ضيوفا على ركن ''فطور الصباح'' ب''الخبر''، أمس، عن معاناتهم في سجون الاحتلال وتعرضهم لألوان من العذاب لا يختلف كثيرا عن التعذيب الذي تعرض له الجزائريون في معتقلات الاستعمار الفرنسي إبان الثورة التحريرية. وحتى بعد تحررهم من الأسر، يصر هؤلاء المحررون على مواصلة المعركة ضد العدو الإسرائيلي بأشكال مختلفة لاستعادة كامل حقوقهم.اليهود قالوا لأم أسير مبعد ''لن تري ابنك أبدا'' حتى بعد تحريره
الأسرى المحررون يتعهدون بملاحقة الإسرائيليين في المحاكم الدولية
تعهد وفد الأسرى الفلسطينيين المحررين الذين شاركوا، أمس، في ''فطور الصباح'' في ''الخبر''، بمتابعة سجانيهم والمحققين الإسرائيليين الذين قاموا بتعذيبهم، لدى المحاكم الجنائية الدولية. وقال الأسير المحرر، أيمن قفيشة: ''بدأنا في محاكمة الإسرائيليين الذين شاركوا في تعذيبنا وشكلنا لجنة من المحامين الجزائريين من أجل توثيق مختلف أساليب التعذيب الإسرائيلية في حق الأسرى الفلسطينيين، تحت إشراف القاضي أشرف نصر الله''. وأضاف ''سنذهب إلى القضاء الفرنسي لمحاكمتهم''.
وشدد الأسير المحرر أيمن قفيشة، الذي يزور الجزائر رفقة عدد من الأسرى المحررين بدعوة من حركة الدعوة والتغيير (حزب قيد الاعتماد)، على ضرورة مطاردة المجرمين الإسرائيليين في المحاكم الدولية سواء في فرنسا أو بريطانيا أو حتى أمريكا. وقال: ''لا ننوي التخلي عن حقنا في محاربة إسرائيل التي كانت تمارس علينا أبشع أساليب التعذيب الممارسة في العالم''. وأضاف مستدركا: ''لكن أخطر ما في الأمر، أن هذا التعذيب يمارس باسم اتفاقية جنيف لحماية حقوق أسرى الحرب''.
وفي هذا السياق، أوضح الأسير المحرر توفيق عبد الله أبو نعيم أنه ينسق مع لجنة المحامين الجزائريين لتوثيق جرائم التعذيب، رغم تعمد الإسرائيليين طمس كل الوثائق والصور والأدلة التي تدينهم، ومنع المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية من الوصول إلى الأماكن التي يتم فيها التعذيب بشكل منظم، والتحايل على القوانين الدولية والإنسانية بشكل خبيث، من خلال معاقبة أسير بمنع زيارة أهله له مثلا لمدة أسبوع أو أكثر لمجرد اتهامه برفع صوته في الليل.
وشدد أبو نعيم على ضرورة أن يكون للأسرى المحررين نفَس أقوى من نفس الإسرائيليين لمتابعتهم قضائيا ولو لسنوات طويلة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن ''اليهود لازالوا إلى اليوم يطاردون النازيين لمحاكمتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد اليهود''، رغم مرور عقود على نهاية الحرب العالمية الثانية.
ودعا الأسير المحرر توفيق عبد الله أبو نعيم الجزائر حكومة وشعبا إلى دعم الأسرى المحررين ماديا ومعنويا، من خلال توفير فرص للدراسة وإعادة التأهيل لفائدتهم وتوجيه لهم دعوات لزيارة الجزائر. أما الأسرى الذين مازالوا في السجون فهم بحاجة أكثر لدعمهم إعلاميا ومعنويا حتى يشعروا بأن إخوانهم خارج فلسطين يقفون إلى جنبهم وأنهم ليسوا وحدهم في مواجهة سجون الاحتلال.
من جانبه، أثار الأسير المحرر عبد الرحمان أحمد شديد (10 سنوات في السجن)، قضية الأسرى المبعدين من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، واعتبرها أمرا مؤلما، واصفا إياها ''بسلخهم من أهلهم وأصحابهم وذكرياتهم، ولكنه منقذ من آلام السجن الشديدة''. مضيفا: ''لم نكن مخيرين بل مجبرين، فاخترنا المرّ بدل الأمرّ منه''.
واعتبر عبد الرحمان أحمد شديد أن إسرائيل لجأت إلى خيار إبعادهم من الضفة الغربية هدفه التقليص من حجم انتصار حماس في صفقة تحرير الأسرى، رغم أنها بررت رسميا ذلك بسعيها للحفاظ على أمنها. وأضاف المتحدث أن حكومة حماس توفر لهم إقامات في الفنادق وشققا مؤجرة، ولكنهم يجدون صعوبات في مقابلة أهاليهم في الضفة الغربية غير المسموح لهم بدخول قطاع غزة، كما أنها تمنعهم من الخروج إلى الأردن للذهاب إلى غزة لمقابلة ذويهم المحررين. وفي هذا الصدد، أشار أيمن قفيشة إلى أنه لم يتمكن من رؤية زوجته التي انتظرته طيلة 15 سنة بسبب إبعاده من الضفة الغربية إلى غزة، وحتى والدته التي تجاوز سنها السبعين عاما لم يسمح لها العدو الإسرائيلي بدخول غزة لرؤية فلذة كبدها الذي قضى 18 سنة في الأسر، بل أمعنوا في تعذيبهم معنويا عندما قالوا لها بحقد: ''لن تري ابنك أبدا''.
قال ضيوف ''الخبر''
توفيق عبد الله أبو نعيم
''الإسرائيليون يمنعون زيارة الأطفال الذين تجاوز عمرهم 13 سنة، الأمر الذي منعني من رؤية أبنائي بمجرد بلوغهم هذه السن، ومع قضائي 23 سنة في سجن العدو، لم أشاهد بعضا من أطفالي طيلة سنوات، والصراحة أنني لم أصدق أنني سأشاهدهم من جديد، وبالرغم من الشوق الكبير للعائلة إلا أننا أصبحنا نشعر أننا أصحاب قضية، وهي قضية الأسرى المتبقين في السجون الإسرائيلية، وأنه لا بد من حملها للعالم ليساهم في فك أسرهم''.

أحمد عبد الرحمن شديد
''العدو الإسرائيلي أكد لنا على مرّ التاريخ عدم احترامه لأية مواثيق دولية، وبالرغم من أن صفقة الإفراج عن الأسرى تتضمن بندا يقر بضرورة تحسين ظروف بقية السجناء، خاصة الذين يقبعون في السجن الانفرادي، إلا أننا على يقين بأن الطرف الإسرائيلي لن يلتزم بهذا الاتفاق ولا بغيره من الاتفاقيات، وعليه لا بد من استمرار المقاومة لأنها الوحيدة التي أتت بنتائج إيجابية وملموسة''.

أيمن قفيشة
''بالرغم من حالة الفرح التي يعيشها كثير من الأسرى المحررين، إلا أن الكثيرين منا لم تكتمل فرحته، خاصة المبعدين، على اعتبار أن العدو الإسرائيلي لم يسمح لذويهم بمقابلتهم، ويستمر في رفض منحهم تراخيص تسمح لهم بمغادرة الضفة الغربية للدخول إلى قطاع غزة أو الأردن، لأنهم يسعون إلى الانتقام بأي شكل من الأشكال. وأعتقد أن فرحة كثير منّا لن تكتمل إلا بعد إطلاق سراح كل الإخوة المعتقلين ورؤية أقاربنا''.
الأسير المحرر أبو نعيم يروي شجون سجون الاحتلال
الحصول على حق قراءة جريدة يتطلب سنتين من الانتظار
تحدث توفيق عبد الله أبو نعيم، المشرف على اللجنة القانونية للأسرى سابقا، عن أساليب التعذيب التي تعرض لها هو ورفاقه من السجناء الفلسطينيين، مشيرا إلى أن الكيان الصهيوني ''تفنن في أنواع التعذيب، حيث مارس كل التقنيات المعروفة وغير المعروفة، فقد كان السجين الفلسطيني بمثابة حقل التجارب بالنسبة له''، مشيرا إلى أنه رفع 120 قضية أمام القضاء الإسرائيلي للحصول على بعض الحقوق الأساسية للسجناء، على غرار حقهم في مشاهدة التلفزيون أو قراءه الجريدة: ''رفعنا قضية من أجل الحصول على حق قراءة جريدة ''القدس'' الفلسطينية، وبالرغم من منحنا هذا الحق من طرف القاضي الإسرائيلي، إلا أن تنفيذه من طرف المؤسسة العقابية الإسرائيلية تطلب أكثر من سنتين، في حين أن قرار مشاهدة قناة ''الجزيرة'' استلزم حكما قضائيا وإضرابا من طرف السجناء ليتم تنفيذه بعد مرور أربع سنوات''. وفي سياق متصل، أكد ضيف ''الخبر'' أن اللجنة التي شكلها مجموعة من السجناء بإشراف من محامين من ضمنهم إسرائيليون مدافعون عن حقوق الإنسان، ساهمت في الدفاع عن السجناء ولو بقسط، مؤكدا أن القائمين على السجون الإسرائيلية كانوا يلجأون في كل مرة إلى التحايل على القانون، من خلال إيجاد ثغرات وتفاصيل من المستحيل التفكير فيها: ''أحيانا كانوا يحرمون السجين من حقه في زيارة ذويه له لمجرد أن صوته ارتفع في ساعات النوم بالليل''.
وبخصوص التعذيب، أكد أبو نعيم أن بعضا من الأساليب والتقنيات التي مارسها الإسرائيليون في حق السجناء الفلسطينيين، تم منعها من طرف المواثيق والمنظمات الدولية، على غرار أسلوب الهز الذي كان يتسبب في خلل يصيب المخ، وبالتالي احتمال حدوث عاهات عقلية. من جانب آخر، أشار المتحدث إلى أن الجانب الفلسطيني مقصر في الجانب القانوني، مؤكدا أنه ''على عكس اليهود الذين يستمرون في المطالبة بحقهم في محاكمة مرتكبي جرائم الحرب النازية، نحن مقصرون في الشق القانوني، على اعتبار أنه جانب يتطلب النفس الطويل، وهو ما لا نملكه''، ليشير أن هناك مساعي يعتزم الأسرى المحررون الشروع فيها من أجل توثيق ممارسات الإسرائيليين، في محاولة لمحاكمة المتسببين في هذه الجرائم.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)