الجزائر

ما مشكلة سعداني مع المخابرات؟!



ما مشكلة سعداني مع المخابرات؟!
خبر مفرح هذا الذي زفه إلينا، أول أمس، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عمار سعداني.سعداني قال في تصريح ل”رويترز”، إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مقبل على تعديلات دستورية، من شأنها إنهاء صلاحيات جهاز المخابرات ودوره في صناعة الرؤساء (الملوك)، وقال إن الرئيس قرر تشكيل مجتمع مدني قوي، للحد من دور المخابرات التي تلعب دورا مركزيا في الحياة السياسية منذ 1962.
إن صح قول سعداني، فإن الجزائر تكون حققت بالفعل نقلة نوعية في مسارها الديمقراطي. فقد كان وما زال الكل يعيب على مخابراتنا دورها الضالع في الحياة السياسية، وأنها منعت ظهور طبقة سياسية قوية من شأنها قيادة البلاد.
قلت إن صح هذا القول، ليس لأنني أكذّب الأمين العام للأفالان، وإنما لأن الرجل ومنذ توليه قيادة الجبهة، لا هم له إلا توجيه الطعنات إلى جهاز المخابرات، وكأنه غريمه السياسي، حتى أنه تساءل مؤخرا وعن خطأ لماذا تحقق المخابرات في الفساد؟!
نعم ليس من صلاحيات المخابرات صناعة الرؤساء، ولا أية جهة أخرى أيضا من صلاحياتها التلاعب بقوانين البلاد ودستورها وتفصيل الدستور على المقاس لغلق اللعبة السياسية وتسييرها كيفما شاءت، سواء كانت هذه الجهة المخابرات أو أية مؤسسة أخرى.
لكن - ودائما إن صح ما يقوله سعداني - يمكننا التساؤل مرة أخرى، لماذا انتظر بوتفليقة حتى هذه الأشهر الأخيرة من حكمه ليجري تعديلات بهذه الأهمية؟ لماذا لم يبادر إلى تقويض صلاحيات الجيش والمخابرات في فترته الرئاسية الأولى، أو حتى الثانية؟!
ولماذا أخر الاهتمام ببناء مجتمع مدني قوي، مع أن المجتمعات المدنية في كافة البلدان هي الضمان لبناء ديمقراطية حقيقية، وهي من تمد الأحزاب بالرجال، والأنظمة بالأفكار، وتحمل عن المؤسسات الكثير من الأعباء، في تأطير المجتمع وتربيته، إلى جانب الاهتمام بأوجه الحياة، من رياضة وبيئة وصحة وتكافل اجتماعي.
لكن وللمفارقة، في الجزائر، فالملاحظ أنه خلال السنوات الأخيرة، عرف المجتمع المدني تراجعا كبيرا، وتحول شيئا فشيئا إلى تنظيمات لا هم لها إلا المساندة والتأييد، مقابل اقتسام الريع، فكم هو عدد الجمعيات المساندة لبرنامج الرئيس على سبيل المثال، وفي المقابل كم هو عدد الجمعيات التي تدافع عن البيئة؟
لا شك أن المقارنة غير متاحة لكثرة جمعيات المطبلين والمهللين للرئيس حتى وإن لم يفقهوا جملة واحدة في برنامجه.
ثم هل بإمكاننا توجيه سؤال إلى الأمين العام لحزب السلطة، عن الكيفية التي سيدخل بها الرئيس التعديلات في الدستور لإقصاء المخابرات من “صناعة الرؤساء”؟ وهل هناك أصلا مواد في الدستور تقر هذه الصلاحيات للمخابرات؟ أم تراه - سعداني - لم يطلع أبدا على الدستور ليقول كلاما كهذا؟
ثم إنه مجرد هكذا تصريح، يشكك أصلا في شرعية الرئيس نفسه، لأن كلام سعداني يفهم منه أن الرئيس نفسه هو صناعة المخابرات. أم أنه ولكثرة تحامله هذا الجهاز، صار يقول أشياء طالما تمناها في قرارة نفسه؟!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)