الجزائر - A la une


ما بعد الصندوق
ما هو مفيد للحكومة.. ولكل الذين حكمونا على مدى ألف عام (يومنا ليس كيوم الحكومة طبعا).. أعني منذ منذ الاستقلال إلى اليوم.. ليس مفيدا بالضرورة لنا نحن صف المواطنين.. بل قد يكون أشد ضررا مما نتصوره.
فسلوك الحكومة وأحلامها وهندستها الفكرية.. لا تنطبق على أفكارنا وأحلامنا وتموجات واقعنا.. فنحن نتحرك على مستوى مسطح كما علمنا أقليدس.. أما هي فتقفز على تضاريس مستوحاة من عالم المريخ.. كما يوحي به المهندسون الجدد.
نحن نرى في نتائج الانتخابات التشريعية نكبة.. لا بمعنى التزوير.. بل بمدلول هؤلاء الذين سيشرعون لنا.. أما الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني .. فيراه تصويتا (للأمان والاستقرار واستمرار السيادة.. وبما يثبت أن الشعب وفي لرسالة نوفمبر).. ومن ثم يملك الأمين العام حق (التباهي).. ولم لا.. إعلان الانتصار بالضربة القاضية على الأعداء.
كلام.. لا يصدقه إلا من يفكر بأسلوب الحزب الواحد.. ولا يستسيغه إلا يتدفق في حناياه طوفان من الحنين إلى الماضي.
***
الآن.. وقد أعيدت الصناديق الشفافة إلى مخازنها.. وتلاشى الحبر الفسفوري من أصابعنا.. نتساءل: ماذا بعد؟
أستخلص الإجابة من تجربة عشرين عاما من الدوران في حلقة مفرغة.. تلك التي ترتد بنا في كل مرة إلى نقطة الصفر.. لتسقط بنا في ألف ثقب أسود سحيق.. فنجد أنفسنا عالقين في شباك الشك والهواجس.. الشك المزمن في كل شيء.. حتى في قدرتنا على تحقيق أي مستوى من التغيير.. الشك في مدى قابليتنا للانسجام مع العالم الذي يتفاعل من حولنا.. الشك في صدق الكلمات التي تنتقل بنا إلى أفق عصري.. تجري صياغته بخصب الأفكار لا بدفق النفط والغاز.
نحن محبطون جدا.. ويائسون من توبة السياسيين العصاة.. والمتشائمون منا يقولون.. أنتم تسعون خلف السراب.. لأنكم لا تستطيعون دحرجة المزورين سنتيمترا واحدا.. فهم هنا منذ زمن بعيد.. مغروسون كالأوتاد.. ولا فائدة من الاقتراب منها أو مناجزتهم.. والمتفائلون يجزمون أن دوام الحال من المحال.. وإلا كانت نهاية الدنيا.. ومن فيها.
***
لا شيء يبرع فيه مناهضو التغيير.. إلا حبس آمال الراغبين في غد جديد .. وإضاعة الفرص بالجملة.. وهذا يحدث عقب كل استحقاق انتخابي.. حيث يردد الناس.. فرصة أخرى ضائعة.. وزمن آخر ضائع.. وانتظار يليه انتظار.. وتكريس لفشل.. يعقبه فشل.
ما بعد الصندوق.. يتحول إلى انتظار ممل لصندوق قادم.. لا ندري ما فيه.. على ذمة أن تقع المعجزة المستحيلة..
لكن الناس لا يستفيدون من المحاولات الفاشلة.. فالمعجزة لا تقع.. والنائمون مستمرون في نومهم.. و الحالمون في حلمهم.. والليل مستبد بالنهار.. والشياطين ترقص على ركام الجماجم الفارغة.. أما الأمل فمنوط بمن ينهض بعد كل سقوط.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)