الجزائر

مئذنة المسجد الكبير



شيد مئذنة المسجد الكبير الأمير الزياني يغمراسن بن زيان، وهي متأخرة عن بناء المسجد بحوالي سبعين سنة، أي في حوالي 544-545هـ . وقد أمر يغمراسن ببناء مئذنة أقادير والجامع الكبير في مرة واحدة ورفض أن يخلد اسمه في هذين المعلمين كما كان الشأن عند السلاطين حين يشيدون العمائر.
تقع مئذنة المسجد الكبير في آخر الصحن في محور المحراب تقريبا وهي بهذا تخالف ما كانت عليه أغلب مآذن هذه الفترة، فهي تحتل الجهة الشمالية الشرقية من المسجد وتتألق من برجين:
البرج الكبير:
لقاعدة البرج شكل مربع ويصل ارتفاع البرج إلى 26.15 متر وضلعه يساوي حوالي 6.30م . وبذلك يكون هذا البرج واحدا من أطول الأبراج التي بناها بنو زيان في تلمسان، وهذه المئذنة من أطول مآذنهم تليها مئذنة أقادير. أما سطح برجها الأول فيمكن الوصول إليه عن طريق سلم يلتف حول نواة، خلافا للمآذن الموحدية والمرينية. ويبلغ طول ضلع النواة المركزية 2.80م ويبلغ ضلع البرج من الداخل 4.72م ، أما عدد درجات السلم فيصل إلى 130 درجة عرض الواحدة يبلغ 0.95م ، بينما يحتوي كل جناح على5 أو 6 درجات 1.
ويحتوي البرج كذلك على فتحات مستطيلة كما أنه ينتهي بحائط صغير كما هو الحال بالنسبة لكل الأبراج الرئيسية، ويصل ارتفاع هذا السور 1.36م وسمكه 0.52م وينتهي هذا الحائط بشرفات مسننة. وجدير بالذكر أن عدد شرفات الجامع الكبير بتلمسان يصل إلى 12 شرفة عادية و 4 شرفات زاوية. وقد اختصر الزيانيون عدد الشرفات في مآذنهم إلى النصف بسبب صغر أبعاد مآذنهم إذا ما قورنت بمآذن الموحدين.
زخرفت كل واجهة من الواجهات الأربع للبرج الرئيسي بشبكة معينات تكاد تكون متطابقة، يبلغ مجموعها 45 معينا في الجهة الجنوبية والشمالية و32 معينا في الواجهات الشرقية والغربية. ويتخذ القسم العلوي لهذه المعينات هيئة عقد رخو برأس واحدة يتناوب مع عقد رخو برأسين في الواجهة الشمالية والغربية. أما الجهات العليا فكانت مزينة بزهرية مطلية باللون الأخضر وهي تستند على بائكة من العقود على شكل حدوة الفرس تحملها أعمدة صغيرة لها شبيهاتها في أقادير 2.
البرج الأصغر (الجوسق):
يعلو البرج الرئيسي وأبعاده أقل من أبعاد ا لأول، يبلغ ارتفاع الجوسق 4.70م ابتداء من نهاية البرج الأول، وعرض قاعدته يساوي 2.90م. ينتهي الجوسق بقبة صغيرة يعلوها عمود معدني مثبت عليه تفاحتين كتب عليها عبارة "اليمن والإقبال" 3.
تأثرت زخرفة المآذن الزيانية بتقنيات الزخرفة التي استعملها الموحدون في إنشاءاتهم المعمارية وفي مساجدهم المشهورة مثل مسجد الكتبية بمراكش ومئذنة حسان بالرباط . فقد زين الزيانيون مآذنهم بشبكات المعينات في أوجه المئذنة الأربع، غير أنهم أغفلوا تلك النوافذ الكبيرة التي نجدها عل الواجهة الشمالية من مئذنة المنصورة. وقد استبدلت هذه النوافذ بفتحات صغيرة ومستطيلة أشبه بالمرامي منها إلى النوافذ ، 3-كانت تتخذ للإنارة وليس للحراسة والمراقبة كما كان الحال في مئذنة المنصورة.
وتتمثل قوام الزخرفة في جوسق مئذنة المسجد الكبير بتلمسان في إطار مستطيل مركب من عقد على شكل حدوة الفرس كما يحتوي الإطار على شبكة من المعينات. أما حافة هذا الإطار فقد زخرفت بإفريز من الفسيفساء الخزفية ، ويتم الصعود إلى غرفة الجوسق عن طريق درجتين توجدان على السطح الأول.
غير أن هذا الجوسق يعرف اليوم حالة من التدهور، فقد حدثت فيه بعض التشققات سمحت بمرور مياه الأمطار إلى أجزائه الداخلية ، فتأثرت بذلك الزخارف الفسيفسائية أفقدته حلته.
1 : Rachid Bourouiba: L’art religieux musulman en Algérie, 2ème ed., Alger: ANEP, 1981, p. 174.
2 : Georges MARCAIS : Collection les villes d’art célèbres: TLEMCEN, Paris : Laurens, 1950, p.302.
3 : صالح بن قربة: المئذنة المغربية الأندلسية في العصور الوسطى ، الجزائر: م.و.ك ، 1986، ص.96.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)