الجزائر - Juifs d'Algérie

مؤرخ إسرائيلي: لا وجود للشعب اليهودي و يهود إسبانيا بربر جاؤوا مع الفتح الإسلامي.



مؤرخ إسرائيلي: لا وجود للشعب اليهودي و يهود إسبانيا بربر جاؤوا مع الفتح الإسلامي.
طرح المؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند للنقاش في كتابه ”متى و كيف اختٌرِع الشعب اليهودي” العديد من الأساطير الرسمية للصهيونية.

حوار أجراه الصحفي الأسباني أوجنيو غارسية كاسكون Eugenio Garcia Gascon من تل أبيب في 2 يونيو 2008.

النظريات التي يدافع عنها شلومو ساند جمعها في كتابه الذي ظل على رأس قائمة الكتب الأكثر مبيعا طيلة شهر.

نشر مؤخرا شلومو ساند, أستاذ تاريخ أوربا في جامعة تل أبيب, كتابه "متى و كيف اختٌرِع الشعب اليهودي" و الذي تساءل فيه عن صحة بعض مبادئ التاريخ الصهيوني الرسمي.

الكتاب حافظ طيلة أربعة أسابيع على مكانته ضمن الكتب الأكثر مبيعا في إسرائيل, و هو شيء لم يفهمه ساند. في المقابل كان عليه تحمل الرسائل المجهولة التي تحوي تهديدات و شتائم تنعته ب”الكلب النازي النتن" و أشياء أخرى. لكنه لا يبدو مكترثا بذلك. يحوي الكتاب نظريتين اثنتين كانتا لهما تأثير في الماضي بين المؤرخين الصهيونيين, لكن اليوم أصبح مكانهما مقتصرا على الأرشيفات: النظرية الأولى تقول أن اليهود الحاليين ينحدرون من شعوب وثنية اعتنقت اليهودية بعيدا عن فلسطين و هم بذلك ليسوا من نسل اليهود الأوائل, أما النظرية الثانية فترى أن الفلسطينيين العرب هم الذرية الوحيدة لليهود الأوائل.

ألا يبدو استفزازا قولك بأن الشعب اليهودي هو بدعة تعود للقرن 19؟

برزت فكرة القومية في نهاية القرن 18 و بداية القرن 19, و في النصف الثاني من القرن 19 تبلورت فكرة القومية اليهودية. كان الفرنسيون يعرفون أن شعبهم موجود مند الغاليين, و كان الألمان يعرفون أن شعبهم موجود منذ التوتونيين, فبدأ اليهود في التفكير أنهم شعب منذ المعبد الثاني.

و هذا غير صحيح حسب رأيك.

أنا أرى هذا "بدعة". و بنفس الشكل لا أعتقد وجود شعب فرنسي قبل 250 سنة. إن أغلبية الذين كانوا يعيشون في مملكة فرنسا لم يكونوا على علم أنهم فرنسيون, و حتى النصف الأول من القرن 19 لم يكونوا يعلمون ذلك.

لكن كانت دائما لليهود هوية.

لا أعتقد وجود شعب يهودي حتى عهد قريب, بل أكثر من ذلك أقول أني لا أظن وجود شعب يهودي اليوم.

لماذا؟

الإنجيل هو كتاب لاهوتي و ليس كتابا تاريخيا. البروتستانت ثم اليهود هم من جعلوا الإنجيل كتابا تاريخيا.

تريد القول بأن الشعب اليهودي هو "بدعة" نصرانية؟

نعم. لنأخذ كمثال التهجير المزعوم لليهود. لم يكن هناك تهجير البتة. عندما دمّر الرومان المعبد سنة 70 ميلادية لم يطردوا اليهود بالقوة. لم يقم أبدا الرومان بتهجير الشعوب, عكس ما فعله الآشوريون و البابليون مع بعض النخبة.

متى بدأت إذن هذه النسخة من التاريخ؟

لقد أخذ التاريخ الصهيوني أسطورة نصرانية من الشهيد جوستين الذي كان في القرن الثالث أول من قال بأن الرب قد عذب اليهود بالتهجير لعدم قبولهم بيسوع. هذه أول مرة يُقال فيها أن اليهود قد هُجروا.

إذن لم يكن هناك تهجير…

من المؤكد أن الرومان لم يسمحوا لليهود بالعيش في القدس, لكن النصارى خلقوا كذبة عدم السماح لهم بالعيش في كل يهودا. إن جذور أسطورة التهجير نصرانية. لم يكن هناك تهجير. ليس هناك كتاب علمي يقول ذلك. رغم ذلك نقرأ في الورقة النقدية من فئة 50 شيكل "تيتو هجّر اليهود" و هذا مجرد أسطورة.

هذا رأي مناقض لما هو متعارف عليه.

الأمر كذلك, و إن كان هناك الآن بعض المؤرخين يقولون: "حسنا, لم يكن هناك تهجير, لكن كانت هناك هجرة". الأكيد أن اليهود سافروا عبر البحر المتوسط على غرار اليونانيين و الفنقيين.

لعل كلامك غير صحيح. لقد كان هناك يهود في إسبانيا في تلك الفترة.

قبل يسوع كان في فلسطين ما بين نصف مليون و مليون يهودي. الغالبية العظمى منهم, حوالي 90 بالمئة أو 95 بالمئة, امتهنوا الفلاحة. لم يكن اليهود مثل الفنيقيين أو اليونانيين يسافرون بنفس الكثافة عبر البحر. لهذا نسبة الذين خرجوا هي جد قليلة.

حتى بعد تدمير المعبد سنة 70 م؟

حتى بعد تدمير المعبد. ما حدث قبل سنة 70م, و تحديدا في الفترة ما بين الماكبيين و حكم أدريانو, أن اليهودية بدأت في الانتشار. انتبه! اليهودية هي التي انتشرت و ليس اليهود. أكيد أن هناك تجارا و جنودا خرجوا حاملين فكرة التوحيد معهم لكنهم لم يكونوا بالعدد الوافر. لقد احتل الماكبيون إيدوم Edom و أجبروا أهلها على اعتناق اليهودية بالقوة. نفس الأمر حدث مع غاليليا . Galilea لقد شكلت اليهودية, منذ القرن الثاني قبل الميلاد و حتى القرن الثاني بعده, أول دعوة توحيدية.

هل حدث نفس الأمر في الشتات؟

لقد وصل عدد اليهود في البحر المتوسط في نهاية القرن الأول بعد الميلاد إلى 4 ملايين. في هذه الفترة الدعوية انتشرت اليهودية في البحر المتوسط.

تريد القول أن غالبية اليهود بالبحر المتوسط لم يأتوا من فلسطين؟

بالفعل, الغالبية العظمى لم تأت من فلسطين. إنهم متحولون لليهودية. منذ عهد أدريانو في القرن الثاني حدث انخفاض شديد في عدد اليهود بسبب تحول الكثيرين إلى النصرانية. لقد انخفض عددهم من 4 ملايين إلى حوالي المليون.

تحولوا إلى النصرانية؟

ما سأقوله الآن مرتبط بإسبانيا. في بداية القرن الرابع انتصرت النصرانية بفضل قسطنطين فانخفض عدد اليهود. ظلت اليهودية متفوقة في عموم فلسطين, بابل و شمال إفريقيا. في شمال إفريقيا, و تحديدا في القرن السابع الميلادي لمّا وصل الإسلام, كان اليهود هم من حاربوا ضد الإسلام. كانت هناك ملكة بربرية يهودية تدعى داهية الكاهنة حاربت المسلمين. ذكر المؤرخ العربي ابن خلدون أن تلك المنطقة عرفت تواجد قبائل يهودية كثيفة. لقد ماتت الملكة الكاهنة سنة 694م و هي تحارب المسلمين. طارق بن زياد, فاتح إسبانيا سنة 711م, كان بربريا. و هناك العديد من الشهادات النصرانية القديمة التي تقول أن الفاتحين كانوا يهودا و مسلمين. لقد انضم العديد من اليهود للجيش المسلم نظرا لمعاناتهم خلال حكم القوط الغربيين.

لم يدخل اليهود إلى إسبانيا بصفة كثيفة إلا في هذه الفترة؟

تساءلتُ مرارا عن سبب تواجد هذا العدد الكبير من اليهود في إسبانيا دون فرنسا أو إيطاليا. لماذا هذا العدد الهائل من اليهود في المكان الأكثر بعدا جغرافيا عن فلسطين؟ من البديهي تحول بعض التجار و الجنود إلى اليهودية في فرنسا و إيطاليا, لكن, لماذا, فجأة, هذا العدد الكبير من اليهود في إسبانيا؟ أظن أن الجواب يوجد في الفتح البربري على يد اليهود و المسلمين. إن الفاتح طارق بن زياد ينتمي لقبيلة نفزة, و هي نفس قبيلة الملكة الكاهنة. فإذا كان طارق يحتل منصبا كبيرا سنة 711م, فمن المحتمل أنه في سنة 694م كان جنديا في جيش الكاهنة اليهودي. لا يمكن تصور الأمر بشكل آخر. يمكن القول بنفس مطمئن أن طارق هو يهودي تحول إلى الإسلام. عند قراءة الشهادات القديمة, يُلاحظ اتهام النصارى للمسلمين و اليهود باحتلال إسبانيا. أظن أن هذا هو سبب ارتفاع عدد يهود إسبانيا مقارنة مع يهود فرنسا و إيطاليا.

إذن, أغلب يهود إسبانيا ينحدرون من نسل البربر المتحولين لليهودية؟

بالفعل. أعطيكم مثلا آخر يتعلق بيهود اليمن. في نهاية القرن الخامس و بداية السادس, و طيلة 120 سنة, كانت هناك مملكة يهودية أسستها قبيلة اعتنقت اليهودية.

ذكرتم أيضا مملكة الخزر المنحدرين من آسيا الوسطى و الذين تحولوا كذلك لليهودية.

بالفعل. لقد طردهم المغول من أراضي الخزر إلى أوربا. لا يمكن أن يكون يهود بولونيا منحدرين من ألمانيا, لأن في ألمانيا القرنين 12 و 13 بالكاد تجد بضعة مئات من اليهود, فلا يمكن بين عشية و ضحاها أن يصير عددهم 3 ملايين في بولونيا, هذا ببساطة أمر مستحيل. لا يمكن أن ينحدر يهود بولونيا و دول أوربا الشرقية إلا من الخزر. حتى حدود سنة 1961, كان هناك مؤرخ إسرائيلي مرموق يجزم أن الخزر هم أجداد يهود أوربا الشرقية. و هذا يعني أنه لازال من غير المقبول انحدارهم من ألمانيا.

نظريتك تقول أن الغالبية العظمى من اليهود اليوم لا تنحدر من فلسطين و لكن من شعوب أخرى تحولت إلى اليهودية.

بالفعل. لكن هناك سؤال آخر مهم؛ إذا لم يحدث تهجير من فلسطين لعدم طرد الرومان لليهود, فماذا حدث ليهود فلسطين؟ العديد من المؤرخين الإسرائيليين, بينهم إسحاق بن زيفي, و الرئيس الثاني لإسرائيل دافيد بن غوريون, ظلوا إلى حدود سنة 1929م يؤكدون أن الفلسطينيين العرب هم الأحفاد الحقيقيون لليهود. هذه الأطروحة التي دعمها أكبر الصهاينة أُقبرت سنة 1929م. سنة 1918 كتب بن زيفي و بن غوريون كتابا أكدا فيه أن الفلسطينيين هم الأحفاد الحقيقيون لليهود. لكن قول هذا اليوم مدعاة للغضب.

الصهيونية لا تقبل بهذا.

من الضروري معرفة وجود روايتين للقومية: واحدة من وادي الرين إلى الغرب و أخرى من الرين إلى الشرق. بدأت القومية في جميع المناطق كظاهرة عنصرية إثنومركزية, لكن في الغرب انحرفت نحو حركة سياسية مدنية. في المقابل, تفوق طابع القومية الإثنومركزي شرق الرين. في كلتا عدوتي الرين كانت هناك عنصرية. في فرنسا, إذا كنت تحمل الجنسية الفرنسية فأنت فرنسي و هذا يرجع لقيم الجمهورية. لكن في ألمانيا, رغم حملك للجنسية فأنت لست بالضروري ألماني. في بولونيا, و منذ سنة 1919م, إذا لم تكن كاثوليكيا فأنت لست بولونيا. لقد وُلدت الصهيونية بين ألمانيا و بولونيا لهذا اتخذت شكلا وسطا نصف ألماني و النصف الآخر بولوني.

لكن اليهودي هو ابن الأم اليهودية.

حسب الشريعة الدينية أوافقك الرأي. لكن بالنسبة للصهيونية اليهوديةُ هي شعب و أمة. إنها حلقة لا يمكن الدخول إليها كما لا يمكن أبدا الخروج منها. يمكنك فقط الدخول إذا تحولت دينيا. لم تكن الصهيونية دينا لكنها استعملت الدين لأنها لا تملك وسائل أخرى لتحديد اليهودية. نظرتي تنبني على تحمل الصهيونية للمكونات الإثنو-دينية للبولونيين و الإثنو-بيولوجية للألمان فخلقت نوعا مغلقا من القومية ليس سياسيا ولا مدنيا مثل باقي القوميات الغربية.

و ماهي توقعاتك للمستقبل؟

لازالت الصهيونية تحتفظ إلى حدود اليوم بطابعها الإثني الديني, و أعتقد أن هذا سيدمر دولة إسرائيل.

لماذا؟

تقول دولة إسرائيل أنها دولة للشعب اليهودي و أنها دولة ديمقراطية و يهودية, و هذا تناقض و تعارض. الدولة الديمقراطية هي ملك لكل مواطنيها. بيد أن ربع مواطني إسرائيل ليسوا يهودا, و الدولة تقول أنها ملك لليهود فقط. هناك قوانين تقول أن الدولة يهودية, و أن الدولة ليست مفتوحة للباقي. إن الصهيونية لا تعترف بالإسرائيليين الغير يهود, و هذا لا يمكنه الاستمرار. حتى لو غادرت إسرائيل الأراضي المحتلة فالوضع لن يهدأ. يعيش العرب في دولة تقول أنها ليست لهم, و نشيدها الوطني يتغنى بالروح اليهودية. كم من الوقت سيستمر هذا الوضع؟


: Publico.es رابط الحوار من المجلة الإسبانية

http://www.publico.es/internacional/121692/el-pueblo-judio-es-una-invencion


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)