الجزائر

ليس كل ما يستورد ذا جودة و''البربر'' المحلي مطلوب لدى السفارات الجزائريون يتهافتون على أثاث ''طايوان'' مصنوع من بقايا الـ ''نجارة''



يكثـر إقبال الجزائريين، خلال السنوات الأخيرة، على شراء الأثاث المنزلي المستورد من عديد الدول خاصة ماليزيا والصين، رغم أن تجربة هؤلاء كشفت لهم أن غالبية هذا الأثاث لا يصمد إلا لفترة قصيرة، قبل أن يتآكل ويستبدل بأثاث آخر رغم ثمنه الباهظ.
 أكدت مصادر مختصة في مجال صناعة الخشب لـ الخبر ، في جولة استطلاعية لصناع الأثاث بالعاصمة، أن واردات الأثاث في مجملها تخص جلب النوعية الرديئة، لارتفاع أسعار الأثاث ذي الجودة العالية والذي يتفادى التجار استيراده لعدم ربحيته، نظرا لتدني القدرة الشرائية للجزائريين.
في نفس السياق، أكد هؤلاء أن معظم أسعار الأثاث المستورد متدنية، مثله مثل الأثاث المحلي ذي النوعية الرديئة، وهو مصنوع من بقايا الخشب النجارة ممزوج بالغراء، لتعاد رسكلته واستعماله في صنع الأثاث الذي يكثر إقبال الجزائريين عليه، رغم أنه لا يتلاءم وطبيعة الرطوبة المتواجدة في أغلبية المنازل، ما يجعله غير صالح للاستعمال لمدة لا تتجاوز في الغالب السنتين.
وبخصوص تصليحه، أكد تجار التجزئة للأثاث المنزلي بالعاصمة، أنه ليس بإمكان النجارين القيام بذلك، لأنه صمم بآلات في مصانع الجملة، لا بوسائل تقليدية تعتمد الإتقان. وعن سرّ تهافت الجزائريين وإقبالهم على الأثاث المستورد، قال مسير لوباردو للأثاث والمعروف بجودة أثاثه المسوق وتميز زبائنه، السيد بوعلام، إن أسعار الأثاث المستورد تبقى في متناول الطبقة المتوسطة من الجزائريين، حيث يتراوح سعر غرفة النوم بالنسبة للأثاث الماليزي ما بين 14 إلى 15 مليون سنتيم، في الوقت الذي يصل سعر غرفة نوم ذات الصنع المحلي إلى 20 مليون سنتيم، أكدت تجربة استعمالها أنها تبقى صالحة لمدة طويلة، بينما يتراوح سعر الأثاث الخاص بالصالونات المحلية حسب النوعية من 25 إلى 52 مليون سنتيم.
وبالنسبة لنفس المسير، فإن تميز الشركات الأجنبية في إعطاء شكل جميل للمنتوج النهائي والتنوع في الديكورات، على عكس الإنتاج الوطني الذي سجل هو الآخر تحسنا في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة، دفع المستهلك الجزائري إلى البحث عن المنتوج المستورد.  أما بالنسبة للأسعار الباهظة للمنتوج المحلي، فأرجع نفس المسير ذلك إلى الاعتماد على الخشب المستورد، خاصة بالنسبة للأثاث المصنوع من خشب الزان ذي النوعية الرفيعة.
وعن الشريحة الأكثر ترددا على محلات بيع الأثاث، أكد لنا معظم التجار، أنها تبقى تنحصر على الطبقة المتوسطة المتمثلة خاصة في الإطارات، حيث يتوجب على فردين من الأسرة على الأقل العمل.
من جهة أخرى، كشف صانع الأثاث التقليدي من نوع بربار وحتى الشرقي، السيد علي هاشيم المتواجد بحي بليز باسكال، أنه بالرغم من الأسعار المعقولة لمنتجاته التي تتراوح بالنسبة للأريكة بين 7 آلاف دينار و12 ألف دينار، إلا أن إنتاجه الذي يتم عن طريق الطلبيات ينحصر على السفارات والأجانب المقيمين بالجزائر، وقلة قليلة من الجزائريين الذين يبقون يجهلون النوعية الراقية لهذا النوع من الأثاث.


 العملية موجهة لذوي الدخل المحدود والمقبلين على الزواج
محلات تبيع الأثاث بالتقسيط كبديل للقرض الاستهلاكي
 شهدت تجارة الأثاث بعد إلغاء القرض الاستهلاكي مباشرة، ركودا كانت له تأثيرات سلبية على مداخيل المحلات، بسبب عزوف المواطن عن اقتناء ما يلزمه من مختلف أنواع الأثاث من طاولات المطبخ والأرائك التقليدية، لعجزه عن دفع سعرها الذي غالبا ما يتجاوز 10 آلاف دينار.
وبناء على هذا الوضع، وتجنبا لتكدس السلع داخل المستودعات، اهتدى تجار هذا النوع من السلع إلى صيغة البيع بالتقسيط مثلما هو معمول به في معظم الدول، لتحفيز الزبون على اقتناء أثاث من النوع الجيد وبسعر مرتفع نوع ما، بدل التهافت على سلع بأسعار رخيصة بغض النظر عن نوعيتها، والمادة الأولية المصنوعة منها.
وتعرف هذه الصيغة رواجا على مستوى مختلف المحلات المنتشرة عبر الوطن، بالنظر إلى الإقبال المعتبر للمواطنين عليها، خاصة الشباب المقبل على الزواج، المضطر إلى اقتناء غرف نوم قفزت اليوم أسعارها إلى مستويات قياسية تتجاوز قدرتهم المادية، وتحول هؤلاء بالتالي إلى زبائن من نوع خاص، يتعامل معهم أصحاب المحلات بليونة باستعمال مختلف أشكال الإغراءات بعد انتشار مستودعات داخل أحياء سكنية معزولة، معظمها يعمل دون ترخيص.
ويعمل عدد كبير من هذه المحلات بنظام الطلبيات، بمعنى أنهم لا يصنعون أثاثا للبيع، بل تكون سلعهم موجهة إلى زبائن معينين يتفقون معهم، عن طريق سماسرة احترفوا مع مرور الوقت هذه الحرفة، بالنظر إلى الانتشار الكبير للمستودعات ورواج بيع الأثاث خاصة بالتقسيط.
وأكد شباب التقت بهم الخبر على مستوى هذه المحلات، بأن صيغة البيع بالتقسيط التي يتعامل بها بائعو الأثاث المنزلي، سهلت عليهم تجهيز منازلهم، بفضل اتفاق يبرم مع صاحب المحل، يدفع الزبون بناء عليه، قسطا أوليا من القيمة الإجمالية للسلعة، ويتم بعدها تقسيم ما تبقى منها على مراحل وتكون الصكوك التي تتضمن قيمة كل شطر، هي ضمان هذا الاتفاق.
غير أن المشكل الذي طرحه العديد من الشباب، هو عدم تمكنهم من إيداع الصكوك، خاصة بالنسبة للبطالين أو ذي الدخل المحدود على غرار أعوان الأمن والنظافة ومهن أخرى، لن يتبقى من الأجر الشهري الذي يتقاضاه مهنيوها، شيئا في حال ما تم الاقتطاع منه.


دكتور الاقتصاد محجوب بدة لـ الخبر
السوق  الجزائري يحصي 300 ألف طقم أثاث في السنة  
 أشار دكتور الاقتصاد، محجوب بدة، إلى أن سوق الأثاث مرتبط أيضا بسوق الخشب كمادة أولية وإنتاجه الذي يعرف تطورا كبيرا بعد انحصار الإنتاج المحلي، فقد تراوحت قيمة واردات الخشب ما بين 400 إلى 450 مليون دولار سنويا، يضاف إليها نمو نشاط إعادة الرسكلة للنفايات. وأوضح دكتور الاقتصاد سوق الخشب والأثاث تأثر منذ بداية التسعينيات في الجزائر مع الانفتاح من جهة وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، الذي أدى إلى نقص في العرض المحلي، مع اختفاء المؤسسات العمومية الكبرى، وهو ما ساهم مع سنوات 2000 في بروز كبير للواردات، مع زيادة الاستهلاك المرتبط أساسا بالطفرة في مجال البناء والسكن، وعليه سجلنا زيادة الطلب في الفترة الممتدة ما بين 2000 و2010 بنسب تقدر بـ15 إلى 25 بالمائة، وبلغ الطلب حوالي 300 ألف طقم أثاث في السنة، إذ يظل الطلب مرتبطا بالسكن أيضا ويشمل عمليات التجديد والاقتناء . في نفس السياق، كشف دكتور الاقتصاد عن تنامي ظاهرة الرسكلة في إنتاج الأثاث في الجزائر، حيث يقوم المهنيون في القطاع بالتعامل مع المحترفين في تجميع النفايات بقيمة تتراوح ما بين 2000 إلى 2500 دينار للمتر المكعب، وتعتبر المادة الأولية بديلا عن المادة الخام أي الخشب الأغلى ثمنا بكثير، حيث يقدر المتر المكعب بضعف سعر المادة الخام المعاد رسكلتها، مضيفا أن قطاع الخشب يعرف انكماشا حادا منذ سنة 2011، إذ بلغ المعدل بالنسبة للقطاع العمومي بالخصوص نسبة سالبة بـ4 إلى 3,4 بالمائة.


مدخرات الجزائريين وديونهم تخصص لها
 27 مليون دولار تصرف سنويا لاستيراد غرف نوم من ماليزيا والصين
 أصبح شراء غرف نوم مستوردة من ماليزيا والصين وإيطاليا ومصر، أمرا تتباهى به العائلات الجزائرية على حساب ميزانيتها المحدودة، حيث تضطر هذه الأسر في بعض الأحيان إلى الاستدانة لشراء غرفة نوم لا يمكنها استخدامها إذا غيرت مقر سكناها المؤجر والتي يتجاوز سعرها الـ20 مليون سنتيم. وأكدت الأرقام التي تحصلت عليها الخبر من مصالح الجمارك، الارتفاع المستمر لفاتورة استيراد الأثاث، سواء بالنسبة لغرف النوم أو الأثاث المستعمل في تجهيز المطابخ أو غير ذلك من أثاث المكاتب. ولم تترك الجزائر دولة، إلا ودقت أبوابها لجلب هذا الأثاث الذي أصبح جد مطلوب من الجزائريين كمؤشر ربح قياسي للمتحكمين في استيراده. وتتصدر كل من دولة الصين وماليزيا متبوعة بإيطاليا وألمانيا، قائمة مموني الجزائر من الأثاث المنزلي والخاص بالمكاتب. فالصين لوحدها صدرت للجزائريين، السنة الماضية، ما لا تقل قيمته عن 22 مليون دولار من أثاث لتجهيز غرف النوم، مقابل أثاث ماليزي بقيمة فاقت 5 ملايين دولار.  أما بالنسبة لإيطاليا، فقد أخذت هي الأخرى نصيبها من السوق الوطني، حيث أرسلت أثاثا لغرف نوم بقيمة بلغت حوالي الملياري دولار.
وبالنسبة للأثاث المستعمل في تجهيز المطابخ، وجدت الصين أيضا ضالتها في جيوب ومدخرات الجزائريين، حيث تم استيراد أثاث بقيمة ثلاثة ملايين دولار و600 ألف دولار، مقابل ثلاثة ملايين دولار و200 ألف دولار بالنسبة لأثاث المطبخ المستورد من ماليزيا. ولم تترك الجزائر بابا إلا ودقته لجلب أثاثه، حتى من أنغولا التي استوردت منها سنة 2010، أثاثا لتجهيز غرف النوم الجزائرية بقيمة 4 آلاف دولار، وامتنعت عن الاستمرار في جلب أثاث آخر من هذه الدولة السنة الماضية، بعد توجهها إلى أسواق أخرى مثل باكستان والهند وتايلاندا وسوريا وبلجيكا وبريطانيا والبرتغال وفرنسا وكندا، غير أن أثاث بعض الدول ذا الجودة العالية يبقى حكرا على طبقة الأغنياء في الجزائر.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)