الجزائر

لوحات تنبض أملا في حاضر جميل رغم الصعاب


خفيفة الروح، طيبة المعشر، هي الفنانة الطبيبة نسرين هلالي، التي برهنت على موهبتها في الرسم، مثل ما أبرزت قربها من المرضى؛ باعتبارها عضوا في خلية الإصغاء والتوجيه لمرضى السرطان بالشراقة، لترسم أكثر من لوحة، تدفع فيها المرأة بالخصوص، إلى الصمود أمام أهوال الحياة بما فيها المرض.تعرض الفنانة الطبيبة نسرين هلالي 21 لوحة بالمركز الثقافي الجامعي، تنوعت مواضيعها حسب الحالة النفسية للفنانة حينما كانت ترسم، في حين توحدت في تقنية الرسم التي اختارتها الفنانة العصامية، وهي الباستيل الجاف.
فنانة عصامية وموهبة أكيدة
وفي هذا، قالت نسرين ل "المساء" إنها لم تتعلم أبجديات الرسم. وقد اختارت تقنية باستيل الجاف؛ لأنها وجدتها الأفضل للتعبير عما تريد رسمه، في حين لا يجب أبدا أن تخطئ في رسمتها؛ لأن هذه التقنية لا تغفر الأخطاء، ولهذا عليها تخيل الرسمة قبل وضعها على الورقة.
وهكذا لا تستعمل نسرين الريشة في أعمالها، بل ترسم، مباشرة، بيدها مستعملة أقلام الباستيل الجاف التي تشبه الطباشير، لتنجز، بذلك، أعمالا راقية فعلا، ومفعمة بالحياة والأمل والحب.
هي نسرين المرأة المتفائلة، التي رغم أنها تعمل في جو قد يكون كئيبا بحكم احتكاكها بمرضى السرطان، إلا أنها اختارت أن تكافح رفقتهم في زرع الابتسامة، وفي التأكيد على وجود الأمل رغم كل شيء، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، من خلال رسمها لوحات، أبرزت فيها قوة المرأة التي إن لم تُسقطها ضربات الحياة، لن يميتها المرض ولو كان مميتا.
لوحات مفعمة بالأمل
قبِلت نسرين أن تحدّث "المساء" عن لوحاتها واحدة تلو الأخرى، فقالت عن لوحتها التي رسمت فيها غروب الشمس، إنها وضعت فيها ألوانا ساخنة؛ رمزاً للأمل، وتشجيعا للمرأة على أن تكون أكثر قوة واعتزازا بنفسها. أما في لوحة أخرى فقد أظهرت نسرين حبها للفنان ميرو، فرسمت لوحة تكعيبية لامرأة إوزة، جميلة رغم كل شيء.
وفي لوحة أخرى مرعبة؛ لأنها تضم رسمة عين، تبدو كأنها تراقبنا بكل ريبة، قالت عنها نسرين إنها رمز لنظرة المجتمع غير الرحيمة وغير المتفهمة للمرأة.
وبالمقابل، رسمت في لوحة "الروح والذات" هيئتين لامرأة ورجل يحاولان إيجاد توازن بينهما ليسعدا في الحياة.
وغير بعيد عنها لوحة عن العشق، غمرتها الفنانة بالألوان الزاهية، بينما في لوحة "توأم الروح"، رسمت فيها شخصين يحبان سماع نفس النوع من الموسيقى؛ تعبيرا عن تناغمها الشديد.
ودائما مع الموسيقى، تعرض الفنانة لوحة عن المرأة الكمان، علما أن نسرين عاشت في أسرة فنية، فأخوها عازف على البيانو، ووالدها البرفسور هلالي ومستشار المنظمة العالمية للصحة، كان عاشقا للفن أيضا.
وعودة إلى الحنين والالتقاء بعد فراق طويل، حيث رسمت نسرين هيئتين ملتصقتين ببضعها البعض. أما لوحة "الأم وطفلها" فقالت عنها نسرين إنها رسمتها تكريما لامرأة تعرفها، ضحت بكل شيء؛ من أجل مرافقة والدتها إلى غاية اللحظة الأخيرة لها، مؤكدة أن الأمومة صفة يمكن أن نطلقها على هذه المرأة رغم أنها لم تنجب.
«نساء إفريقيات" هي لوحة تكريمية للبروفسور المالي باكيتة، الذي كان صديقا لوالد نسرين، وكان ممثلا للمنظمة الصحية العالمية بالجزائر، وكان دائم الحديث عن قوة المرأة الإفريقية في تحمّل مشقة الحياة، بينما أكدت في لوحة "المرأة الزهرة" والتي شاركت بها في معرض نظمته السيدة محمصاجي مديرة رواق الكنوز والمشجعة دائما للفنانين العصاميين، ضرورة أن تكون المرأة قوية ولو واجهتها ألف صعاب، بالإضافة إلى أنها لوحة تكريمية لامرأة لم يمنعها مرضها عن مساعدة المصابين بمرض السرطان.
أما لوحة "امرأة ...أحب نفسي"، فهي عن أهمية أن يحب المرء نفسه؛ لكي يستطيع أن يمنح هذا الحب من حواليه، بينما رسمت في لوحة أخرى، ثلاث نساء يرتدين القبعة؛ تكريما لجدتها التي كانت تغني لها أغنية تراثية، علما أن نسرين صاحبت كل لوحة لها بأبيات شعرية لتمزج الفن التشكيلي بالشعر.
ورسمت الفنانة لوحة عن شمعة تحترق لتنير ما حولها، فقالت إنها تحب كثيرا مفهوم الشمعة، التي تبكي في وقت تنير فيه محيطها، وهو ما يمكن أن يدل على قوة المرأة في الصمود رغم كل شيء.
كما كرّمت الفنانة، مجددا، جدتها برسمها أزهار "البونسيه" المفضلة لها، والتي قالت إنها غير معروفة مثل الوردة والتوليب. وعن التوليب رسمت نسرين لوحة لهذه الزهرة، التي لا تحتاج إلى فتح بتلاتها لكي تُظهر جمالها، وهذا رمز للإنسان الخجول، الذي يمكن أن تكون له قدرات كبيرة إلا أنه يصعب عليه إبرازها أمام الآخرين.
ودائما مع لوحات نسرين وهذه المرة مع لوحة عن "زوج سيامي" لهما نفس النظرة والتوجه في الحياة. أما لوحة " حضن" فهي مثل عنوانها، رمز للحب والعناق، بينما استعملت ألوانا كثيرة في لوحة" تشتت الألوان". وعكس هذه الأخيرة، استعملت الفنانة ألوانا قليلة في لوحة رسمتها عن المرأة الإسبانية الأنيقة والمتميزة.
اللوحة الأخيرة لنسرين التي قدّمت عنها شروحا ل«المساء"، هي في الأصل، عماد هذا المعرض، رسمت فيها فراشة أكبر بكثير من اليدين، اللتين ترتفعان إلى السماء؛ رمز آخر للأمل في هذه الحياة.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)