الجزائر

لن أسامح من همّش زوجي آيت مختار وتنكّر لمساره



قالت جزيلا آيت مختار إنها لا تستطيع أن تنسى ولا أن تسامح السلطات التي تنكرت لزوجها المجاهد المرحوم نصر الدين آيت مختار المدعو السي نور الدين، حيث استعادت جزيلا ، السبت، بمكتبة الشهاب مسار زوجها في صفوف المنظمة الخاصة في فرنسا وما عناه من تهميش بعد الاستقلال في وطن لم يكفل له كرامة المواطن كمجاهد رغم أنه لم يطلب يوما أي امتياز، حيث رفض استغلال ماضيه التاريخي واتجه بعد الاستقلال إلى مواصلة دراسته في الطب حتى صار بروفيسورا في طب النساء.وعلى هامش تقديم كتابها "حرب الجزائر في فرنسا، ذاكرة ونضال 1956- 1962" استعادت جزيلا الألمانية قصتها مع زوجها المجاهد نصر الدين آيت مختار "كنا في نهاية 1959، كنت أنتظر القطار على جسر محطة دوسلدروف، كنا في عز شهر جانفي البارد حيث درجة الحرارة تنزل إلى أقل من عشر درجات تحت الصفر، فجاء القطار الذي كنت أنتظره، لم يبق هناك الكثير من الناس على الجسر. اقترب مني هذا السيد وقال لي عذرا آنستي متى يأتي القطار المتجه إلى كولونيا، نظرت إليه باستغراب كنت متجهة إلى كولونيا كذلك. ركبنا معا في القطار القادم ولم أكن أدري أنه القطار الذي سيقودنا إلى استقلال الجزائر..."، وتضيف قائلة "لم أكن أفهم الفرنسية جيدا ولم يكن يفهم الألمانية جيدا ركبنا متقابلين وفي مقهى المحطة تواعدنا أمام كنيسة كولونيا على الساعة الثامنة، لكني مثل أي فتاة ألمانية وقتها، كنت متحفظة في مقابلة الغرباء والأجانب فلم أذهب إلى الموعد... في الربيع التقينا على جادة الطريق فسألني لماذا لم تأت إلى الموعد؟ الموعد الجديد كان في صالون بيتنا كنت رفقة والدي عندما دخل "السي مراد" نظرت إليه ونظر إليّ لكننا تظاهرنا بعدم معرفة بعضنا البعض. أبي استقبل نصر الدين بحفاوة واحتضنه. لاحقا عرفت أن والدي كان يخبئ في مستودع بيتنا الأسلحة لصالح الثوار الجزائريين. أبي المنحدر من عائلة ألمانية نبيلة خسرت كل شيء في الحرب العالمية كان ينتقم بمساعدته للثورة الجزائرية من الفرنسيين الذين قتلوا أمه في الحرب العالمية بإفراغ المسدس في أحشائها...". تحوّلت جزيلا إلى مجاهدة تحت قيادة نصر الدين آيت مختار الذي صار فيما بعد زوجها إذ كانت تنقل الأسلحة وتهرّب المناضلين عبر التراب الألماني إلى الحدود الفرنسية، حيث كان نصر الدين آيت مختار نائب السعيد بوعزيز مسؤول "المنظمة الخاصة" في فرنسا والتي تفرعت إلى ثلاثة فروع هي ''الاستعلام والإمداد'' و''العمل المباشر والتخريب المستهدف للمنشآت العسكرية والاقتصادية'' و''خلايا مسلحة'' مهمتها التصدي للخونة.
استعادت المتحدثة جانبا من حياة زوجها الذي واصل بعد الاستقلال مساره الدراسي الذي انقطع في الثورة ليصبح بروفيسور في طب النساء إلى أن أصيب بمرض التصلب اللوحي وعانى الكثير قبل أن تنقله زوجته للعلاج على نفقتها الخاصة إلى ألمانيا وبلجيكا. وتوقفت المتحدثة عند محطات أليمة من معاناة زوجها الراحل في مستشفى عين النعجة والمعاناة التي تكبدتها حتى في نقل جثمانه ودفنه في أرض أجداده. تلك المعاناة والتنكر هي التي دفعتها إلى تأليف الكتاب تكريما لنصر الدين آيت مختار الذي رحل منسيا رغم أنه رجل "استثنائي في نضاله والتزامه"، وكذا من أجل المساهمة في تقديم شهادة تاريخية عن المنظمة الخاصة في فرنسا والتي لا توجد بشأنها كتابات كثيرة. جزيلا ما زالت تعيش في الجزائر لوحدها بعد أن رحل أبناؤها للخارج لكنها "فخورة ومقتنعة باختيارها الجزائر وبما قامت به خدمة لزوجا" لم أكن لأستحق أن أكون امرأة وزوجة لو لم أفعل ما فعلت وأنا اليوم مرتاحة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)