الجزائر

لمن يكون الحسم ؟



لمن يكون الحسم ؟
لم يعد للسياسة القرار الحاسم في تغيير توجهات السوق البترولية وحسم الاختلال الذي يطبعها مثلما كان الأمر في فترات سابقة، حيث استعمل النفط ورقة ضغط ومساومة وتهديد لتأمين مصالح واستعادة حقوق مهضومة وإقرار نفوذ. هناك متغيرات أخرى باتت “ورقة حسم في المواجهة والصراع”. هذا ما توقف عنده الخبير في الشؤون الطاقوية مراد برور من منتدى الشعب مرافعا لبدائل وخيارات تفرض على الجزائر اعتمادها الآن وليس غدا.على امتداد الصراع الدولي الطويل منذ مصدق إيران مرورا بهواري بومدين إلى اليوم، كان القرار السياسي يحسم في معركة النفط التي وظفت من أجل إسماع الصوت وإعلاء القضايا العادلة وانتزاع من الآخر حق الاعتراف والتنازل والقبول.حدث هذا أثناء الحرب العربية الإسرائيلية التي استعمل فيها النفط سلاحا فتاكا إلى جانب أدوات الصراع الأخرى غيرت مجرى العلاقات الدولية. ولأول مرة يدرك العالم الآخر حامل تسمية «المتحضر المتمدن» أهمية هذه الثروة ليس فقط في البناء والإنماء بل في التلويح باستعادة الحق والقبول بدمقرطة العلاقات الدولية.طيلة الأزمات التي عصفت بالبترول بقيت السياسة تحسم دوما في آخر المطاف المخرج باقتراح البدائل والحلول واعتمادها من الدول الأعضاء في المنظمة البترولية “أوبيك” بل ومن دول أخرى منتجة لها خارج هذا الصرح.نتذكر كيف قامت الدبلوماسية الجزائرية في مختلف المحطات بدورها الريادي في اتخاذ القرار الأنسب المعول عليه في تهدئة الوضع المضطرب وإعادة التوازن المختل إلى سوق المحروقات. نتذكر هذا الدور الذي قامت به الجزائر وكررته بمجرد الانهيار المسجل في الذهب الأسود في الظرف الراهن وتحديدا بدءا من 2014 حيث هوت الأسعار إلى أدنى مستوى مهددة الدول المعتمدة على النفط في تمويل مشاريعها فارضة على كثير منها مراجعة حساباتها الإنمائية والبحث عن بدائل مؤمنة لا تقبل المساس والاهتزاز.نسجل بالمناسبة الوفود التي أرسلها رئيس الجمهورية إلى مختلف الدول النفطية بالقارة السمراء وخارجها حاثا إياها على تنسيق المواقف والآراء لتخفيض فائض الإنتاج الذي أغرق السوق النفطية وأبقى على الأسعار في أسفل منحى.أدت هذه الجهود إلى عقد اجتماع الجزائر الذي أفضى إلى نتائج في غاية الأهمية عاكست التكهنات والتحاليل التشاؤمية وكرست التفاؤل بقدرة الدول النفطية على اتخاذ القرار الموحد إذا رأت هناك تهديدا لمصالحها.هذه الأرضية التي اعتمدتها الدول بإقرار اتفاق الجزائر واتخذتها خارطة طريق يستند إليه اجتماع فيينا اليوم للذهاب إلى الأبعد في التعامل مع المحيط المضطرب والسوق البترولية التي يتفق الجميع على تشبعها إلى حد الثمالة ما يستدعي تسقيف الإنتاج مع الأخذ في الاعتبار مصالح دول تعيش ظروفا استثنائية. ذكر بها وزير الطاقة نور الدين بوطرفة عشية لقاء فيينا التاريخي الذي تتجه إليه الأنظار.المؤكد أن هناك متغيرات كثيرة طرأت على الساحة النفطية بدخول دول كثيرة الإنتاج وتحول دول من مستهلك إلى منتج ومصدر مثلما هو الحال مع الولايات المتحدة التي غيرت الموازين باقتحام البترول الصخري. المؤكد أن هناك تراجع في استهلاك البترول جراء نقص الطلب الصيني والهندي بسبب تغييرات هيكلية في اقتصاديات هذين البلدين الآسيويين. المؤكد أن تطور التكنولوجيا الرهيب قد قلص من كلفة الإنتاج وفرض انخفاض الأسعار وفق ما يمليه العرض والطلب، لكن الأزمة الاقتصادية المالية هي التي أدت إلى هذا الانهيار الخطير وعجلت بالسؤال المحير: ما العمل.وهل هو حتمي الإبقاء على التبعية للبترول في تمويل المشاريع والانفاق العام: وكيف السبيل لإقامة اقتصاد متنوع يؤمن مداخيل للجزائر التي رافعت من زمان لهذا الخيار وسطرت برنامجا وطنيا للطاقات المتجددة في الثمانينيات لم يسر بالسرعة المطلوبة ولم يحظ بالرعاية اللازمة نتيجة ظروف صعبة مرت بها ومراجعة بلا توقف للأولويات والرهانات.الجزائر التي تعيش أزمة معقدة بفعل تراجع أسعار البترول محتم عليها الخروج بأسرع ما يمكن وبأقل تكلفة من وضعية الاتكالية على المحروقات. وهذه الأزمة التي تتداولها ألسنة وتعالجها أقلام وتتناولها تحليلات هي التي تحمل المؤشر لضرورة الإقلاع. والعدول عن خيار سياسة وطنية ظل البترول عصبها وقوتها المفصلية.خيارات كثيرة وإمكانات متوفرة تستدعي أخذها في الحسبان قبل فوات الأوان.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)