الجزائر

لقد أسمعتِ لو ناديتِ حيا يا غزة


بقلم: الطيب بن إبراهيم
إسرائيل المعتدية بكل جبروتها وبكل عدوانها وبكل عددها وعدتها وترسانتها النووية استغاثت وأسمعت نداءها للعالم ولأمريكا ولكل بني جنسها فقال الجميع لبيك يا إسرائيل لبيك وتسابقوا لنصرتها ولدعمها وللوقوف بجانبها بالمال والسلاح والرجال من أقصى الأرض إلى أدناها من أمريكا وكندا غربا إلى اقصى الأرض شرقا في أستراليا مرورا بأوروبا وزعمائها بريطانيا وألمانيا وفرنسا وجندوا إعلامهم وبرروا إجرامهم الذي لا يبرر خاصة أمريكا الموجودة على بُعد آلاف الكيلومترات ورغم ترسانة أسلحة ربيبتها إسرائيل ورغم تفوق عدد جيشها وعدته قامت بجسر جوي وبحري لتزويدها بالسلاح نهارا جهارا وأرسلت حاملة طائراتها وغواصتها للتعبير عن التضامن والمساندة بل أرسلت حتى القتلة المتمرسين. لقد نادت إسرائيل فأسمعت نداءها للقتلة من بني طبعها وهذا عكس ضحيتها التي نادت للاستغاثة فلم يُسمع بندائها.
مَن مِن رجالنا ونسائنا وأطفالنا وشيوخنا وعوامنا وخواصنا وأقاصينا وأدانينا لم يشاهد مذابح غزة على مدار الساعة بعد أن أكملت شهرها الأول ودخلت شهرها الثاني مَن مِن رؤسائنا وملوكنا وجنرالاتنا ووزرائنا وسفرائنا وعلمائنا وإعلاميينا لم يشاهد ما لا يحتمل المشاهدة أطفال رضع وآخرون في سن الزهور وأباء وأجداد وأحفاد ونساء ومرضى بل وأطباء ومسعفين تحولوا لأكوام من الجثث والأشلاء وعجز الدفّانون عن الدفن. من لم يسمع ويشاهد صرخات ودموع الاستغاثة.
ليست هذه أول مرة نرى ونسمع نداء وصراخ أطفال ونساء غزة يستغيثون من وحشية الصهاينة فلقد تكررت المذابح والمشاهد وتكرر معها الصمت العربي والدولي ولن تكون هذه الأخيرة ما دام الاحتلال موجودا عل أرض فلسطين لكن فضائع مجزة غزة الأخيرة فاقت كل المجازر السابقة والتي لا تحتمل حتى من طرف المشاهد فما بالك بالضحية وفي المقابل هناك صمت كذلك يثير التساؤل والاستغراب من طرف العرب عموما والجيران منهم خصوصا ولا يوجد أي رد فعل حتى ولو بقدر أضعف الإيمان.
عجيب وغريب أمر هؤلاء الصامتين هناك أباعد في الجوار وفي النسب تحركت فيهم مشاعر الإنسانية وقيم البشرية وعبروا عن رفضهم للممارسة الصهيونية ووصفوها بأبشع الأوصاف وهددوا وسحبوا السفراء وقاطعوا اللقاءات والصفقات والمبادلات.
الشعوب تعد بمئات الملايين والأسلحة متوفرة بملايين القطع والجيوش الجرارة بعددها والمتفوقة بعدتها والمتنوعة ببريتها وبحريتها وجويتها والأموال الطائلة بأرصدتها والخزائن المملوءة بذهبها وفضتها والزعماء يجتمعون بقممها والحدود على حافتها والإعلام فوق الحاجة بوفرته لكن ما بميت إيلام.
لقد أسمعت لو ناديت حيا يا غزة بل أسمعت حتى الأموات في قبورهم من عظماء الانتصارات والفتوحات والجهاد لقد أسمعت خالد بن الوليد وطارق بن زياد والمعتصم بالله وصلاح الدين الأيوبي والأمير عبد القادر وأسمعت ألقاصي والداني الجميع شاهد ورأى ومن لم يشاهد سمع والجميع تواطأ وسكت والسكوت علامة الرضا فلا الوازع الديني ولا النخوة العربية ولا المروءة الوطنية ولا الشجاعة العسكرية ولا الموروث والتراث التاريخي ولكن لا حياة لمن تنادي يا غزة.
لكن الأغرب هو من طرف أشقاء وشركاء غزة وعلى بعد مسافة الصفر فلم يتحركوا حتى ولو بكلمة طيبة؟؟!! حتى توقفت إسرائيل من تلقاء نفسها وبعد أن أعياها القتل!! هذه الظاهرة لم تكن موجودة حتى في القرن التاسع عشر عندما كان الوطن العربي تحت سلطة الاحتلال الغربي الفرنسي والإنجليزي والإيطالي ورغم وجود الاحتلال على أرضنا إلا أنه لم يكن موجودا في أنفسنا ولم تكن هناك أنظمة مطبعة تحكم الشعوب ولكن قيادات شعبية تقود من أجل التحرر كان الأمير عبد القادر وكان عمر المختار وكان احمد عرابي وغيرهم كان هذا في وقت احتلال الغرب للشعوب وهذا قبل أن يغير الغرب استراتيجيته ويحتل الأنظمة المُطبِّعة ليترك لها عن بعد حرية حكم وتسيير شعوبها نيابة عنه!!.
لا زال الخلاف قائما بين النظام العربي بين مطبع مع إسرائيل وبين معارض للتطبيع وهي الحالة التي بدأت منذ عهد الرئيس المصري السادات سنة 1978 وهو نفس الانقسام الموجود حتى بين الفلسطينيين فيما بينهم بين مطبع ورافض للتطبيع مطالب بالمقاومة هذه هي حالة النظام العربي المعتل الذي لا يعول عليه في تحرير القدس ولا في ردع عربدة إسرائيل واستهتارها في غزة ولا في نصرة المقاومة. وهو يذكرنا بحالات سابقة في التاريخ ربما أقربها حالة ملوك الطوائف وكيف كان بعضهم يطبع مع من كان يزحف على الأندلس شبرا شبرا حتى ابتلعها كاملة.
بعد مرور خمسن يوما منذ بداية شن الحرب الصهيونية على سكان غزة والمجازر متواصلة على مدار الساعة على مرأى ومسمع من الأشقاء والفرقاء ومشاهد وصور آلاف الضحايا من الرضع والأطفال تصنع الحدث العالمي ولا من مجيب ولا من مغيث حتى توقفت إسرائيل عن القتل تحت ضغط انصار محتجزيها لدى المقاومة وذلك من أجل اطلاق سراحهم بعد فشلها في تحريرهم بالقوة كما حاولت ولم تتوقف الحرب لموقف أو تدخل عربي أبدا!! .
خلال سبعة أسابيع وقوات الجيش الإسرائيلية البحرية والجوية والأرضية تقصف وتقتل وتدمر وتشرد بلا رحمة والعالم يشاهد الأشلاء والأعضاء الآدمية متطايرة والجثث متراكمة والدفن الجماعي متواصل والشوارع مزدحمة بالمعطوبين والمصابين والجرحى والثكالى والكبار والصغار مشردين ومنهم من تحت الأنقاض والعرب صامتون انه ينطبق عليهم قول القائل.
لقَد أسمَعتَ لَو نادَيتَ حَيًّا ولكن لا حَياةَ لِمَن تُنادي
فَلَو نارًا نَفَختَ بِها أضاءَت ولكن كُنتَ تَنفُخُ في الرَّمادِ!
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)