الجزائر

لا تطرد الفرح من بابك !



لا تطرد الفرح من بابك !
بقلم: حسين الرواشدة*لا معنى للعيد إذا لم تطرد اليأس من قلبك وتترك لروحك أن تطير في فضاء البهجة بجناحي الحمد والشكر إذا لم تغادر الضيق والحسرة إلى حيث الفرح والابتسامة إذا لم تكسر حدة (الرتابة) وتنفتح على من حولك بدفق المشاعر ودفء المودة.يمنحك العيد فرصة لكي تعود إلى فطرتك الأولى وإلى طفولتك التي تراها في عيون الصغار وهم يفرحون بلباس العيد حاول أن تفرح مثلهم لا بتغيير اللباس وإنما بتغيير الأفكار والمشاعر فالفكرة العابرة هي التي توقظ فيك فطرتك وطفولتك وإنسانيتك وهي التي تفتح عينيك على جمال الكون الذي غاب عن ناظريك أيام السنة الطويلة. أنت أقرب ما تكون إلى دينك وإنسانيتك وعالمك الصغير حين تكون فرحا سعيدا من قال إن المسلم يجب أن يكون عبوسا حزينا أو بائسا منعزلا هذه أسوأ وصفك أُلْصِقَتْ بالدين وهو منها بريء.ربما تشعر بكآبة الفقر والعوز كلنا فقراء إلى الله ومحتاجون له وليس بالمال فقط تتحقق السعادة كثيرون غيرك ممن أعطاهم الله المال يتمنون لحظة سعادة وبعضهم محروم من التمتع بالنوم أو بالطعام أنت بصحة جيدة إذن أنت غني أنت لديك أولاد وبنات وغيرك محروم منهما أنت إذن غني لا تطرد الفرح من بابك هو يحتاج إليك في هذا أكثر مما تحتاج أنت إليه.مفهوم (العيد) ارتبط في الإسلام بالعبادة فعيد الفطر تتويج للصوم وعيد الأضحى تتويج للحج نظرا لما في العبادتين من أسرار وما يجده المسلم فيها من تعب وما يطلب منه من إخلاص وصبر جاء العيد ليكون مناسبة للفرح بقبول الطاعة والشكر على التمكين والاستطاعة واستثمار ما وصلت إليه النفس من اطمئنان في العمل والتأمل والاستزادة من فعل الخيرات.وإذا كان المسلم في موسم الحج قد انفتح على خالقه بالسفر -جسديا وروحيا - إلى بيته الحرام واستعاد لحظة الخلق الأولى واستذكر قيمة التضحية التي جسدها إبراهيم عليه السلام مع ابنه واطمأن إلى سلامة طريقه ومصيره وتحرر من كل شوائب الدنيا ومغرياتها واستشعر معنى المساواة والعدالة فإنه في يوم العيد يعيد مرة أخرى تلك السيرة العظيمة التي تأسس عليه إيمانه وعمله فالعيد شعيرة إيمانية وعمل موصول: إيمان بقيمة التضحية ومعنى الإخلاص ورفض الأنانية والفردية وتجديد لليقين الدائم بالله والاتكال عليه والتوجه إليه كما أنه عمل وإصلاح واستباق للخيرات وتنافس على الطاعات وإصرار على الفوز بمحبة الله ورضاه واستحقاق مغفرته وجنانه.وكما أنه لا يجوز في الإسلام للمسلم أن يعتزل الناس أو أن يشعر بالحزن أو أن يفتعل الإحساس بالاكتئاب فإنه في العيد - من باب أولى - مطالب بإشاعة الفرح في نفسه ومحيطه وبالخروج من دائرة الضيق إلى السعة ومن التعب إلى الراحة ومطالب بأخذ نصيبه من الدنيا هذه التي لم يحرّم الله زينتها على أحد من عباده ولم يخلق فيها إلا ليعبّد طريقه منها إلى الآخرة فهي الحياة وتلك الآخرة وعمارتهما وظيفة المسلم متى فهم دينه واستقامت في ذهنه قيمة خلقه ووجوده ووظيفته في هذا الكون.وفي العيد -أيضا - معنى إضافي للحياة فهو يوم أو أيام مقيدة تعيد للإنسان طبيعة حياته التي انقلبت عن طبيعتها وتعيد إليه فطرته الأولى التي جبل عليها فطرة الإنسان العابد لا العابث السامي لا الحيواني الإنسان الذي تتسع فيه روح الحب والجوار الإنسان الذي تتحرر نفسه من الخوف والغضب والحزن والعزلة الإنسان الذي يضحي ويعطي لا الذي يشحّ ويأخذ ويكنز فقط.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)