الجزائر

كلمات لم يسمعها المرزوقي


الأخ الرئيس
كلمتان أرددهما باعتزاز كبير، ويشتاق الوطن العربي من أقصاه إلى أدناه لسماعهما، في مواجهة طوفان النفاق من ألفاظ الجلالة والسمو والعظمة والفخامة والسعادة والدولة والمعالي والقداسة والنيافة والغبطة والسماحة والفضيلة، وكلها ألقاب مملكة في غير موضعها، وشظايا مخملية ورثها الوطن العربي من العهد التركي، وتخدع بها بطانة السوء من يتحملون أمانة أمة ضائعة بين التاريخ والجغرافيا، سكرى بإفرازات الجيولوجيا، حائرة بين البحر الأبيض شمالا والبحر الأصفر جنوبا وبحور شعر المدح والهجاء، أمة فتحت أبوابها للطلقاء فاستباحوها، وأهملت لغتها فهجرتها الثقافة وأهملتها الحضارة ونسيها التاريخ وتخلى عنها التقدم والازدهار.
ولن أتفنن في سرد كلمات الترحيب بمقدمك، فالمرء لا يرحب به في بيته، لكن هذا لا يمنعني من القول إنك، بكل ما تمثله، صفحة مشرقة في الكتاب العربي، وصفعة يوجهها التاريخ لطغاة الشعوب، وصورك في قصر قرطاج التي رآها العالم تذكر الهارب بأنه لا مفر من غضبة الشعوب، لأنها تعبير عن غضب السماء، وليت آخرين، لم يفروا بعدُ، يتعظون بما حدث معك وبما حدث لجارك وجارنا، وليتهم يتقون الله في أنفسهم أولا قبل أن يتقوا الله في شعوبهم.
ولعلي كنت من بين من أحسوا بالارتياح والسعادة وأنا أسمعك تقول في خطاب التنصيب بأنك سوف تحمي المنقبة والمحجبة والسافرة، وفهمت أنك استبعدت المستفزة بعريها والمستثيرة بتبرجها، كما استبعدت المزايدين والمزايدات بصيحات حق نعرف أنهم يريدون بها باطلا.
ولم يفتنا مغزى كلماتك الرائعة عن ضرورة العمل لكي تكون بلادنا ملاذا نلجأ له لا جحيما نفر منه، بلاد تتمتع بحرية تخضع لقوة الشرعية لا لشرعية القوة، ولسلطة القانون لا لقانون السلطة ولحوار الحناجر بدلا من الخناجر.
ولعلي أسمح لنفسي، بصفتي زميلا في مهنة الطب، أن أقول لك وأنت تعلن إرادتك في العمل لتحقيق وحدة المغرب العربي بأنك قادر على فعل الكثير إذا شجعت على الاقتداء بالوحدة الأوروبية.
وهذا في حد ذاته يفرض، في رأيي المتواضع، أن تحل قضية الصحراء الغربية الشائكة في إطار المغرب العربي، وقد يتطلب ذلك أن يتقدم جيراننا خطوة بعد فكرة الحكم الذاتي، التي رأيتها فكرة شجاعة، لتكون واحدا من اختيارات ثلاثة، يمكن أن تشجع مناضلي الصحراء الغربية على التقدم خطوة إلى الأمام، وهكذا يختفي خطر الصراع المسلح وتحل الكلمات محل اللكمات.
تطور التاريخ، أخي الرئيس، يؤكد أن عظمة الدولة لا تقاس بالمساحة أو عدد السكان أو حجم الموارد بل بعظمة الدور الذي تقوم به خدمة لشعبها ورعاية لمصالح أمتها وأداء لواجبها الإنساني إقليميا ودوليا.
وأنا واثق أنك تدرك هذا، وأثق بأن شعب تونس العظيم الذي فتح آفاق المستقبل أمام الربيع العربي سيكون سندا لك وعونا لتكون واحدا من القافلة التي تضم الأمير عبد القادر ومصالي الحاج وهواري بومدين وعبد الكريم الخطابي وعبد الحميد مهري، ومئاتٍ بل آلافاً من قافلة الرجال الذين آمنوا بوحدة المغرب العربي، تاريخا ومستقبلا ومصيرا وآمالا وتجربة.
هل أقول ختاما: يا ضيفنا لو جئتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)