الجزائر

كلام آخر سلطة عاجزة!



إن وزّعت السلطة بعضا من الأموال على بعض من الجزائريين فلا مزية لها في ذلك. لماذا؟ لسبب بسيط هو أنه لا فضل لها في هذه الأموال، إنها إما هبة الطبيعة أو أنها عرق الجزائريين. وأقدم الدليل المادي على ما أقول وما أجزم أنه صحيح.  طبعا يمكن أن نرى دور السلطة وإدارات الدولة في حسن الإدارة ونجاعتها وليس في توزيع المال.  ولكن الواقع يقول إن السلطة تثبت اليوم بعد الآخر أنها عاجزة. دور هذه السلطة كان يمكن أن نراه في أوقات الشدة والأوقات الحرجة، مثل الحالة التي أمامنا بعد تساقط الثلوج، ولكن عجز السلطة وإداراتها وشركاتها في هذه الحالة بائن بينونة كبرى. فهي عجزت عن التكفل بالوضع وعجزت عن التخفيف من معاناة الجزائريين، وليس هذا فقط بل وعملت على تجنيد كاميرات التلفزيون لمحاولة تغطية هذا العجز بـ''مبادرات'' محدودة في أحسن الأحوال ووهمية في حالات أخرى. كما يمكن أن نرى أو نقيس دور السلطة وإداراتها في توفير التعليم والثقافة، ولكنها في الواقع لا توفر إلا المدارس والمعلمين وتدفع لهم أجورا من أموال الجزائريين، ولكن المناهج تعيسة ومستوى التعليم ونوعيته من رديء إلى رديء جدا. ويمكن أن نراه في توفير الصحة، وهذه كارثة الكوارث، فحتى الحصول على بعض الأدوية وللأمراض المزمنة ومن صناعة الشركة المحلية غير متوفرة، فما بالك بحال المستشفيات والمستوصفات وبالخدمات الطبية عامة. ويمكن أن نراه في حل مشكل السكن، وقد صار الشاب الجزائري المغبون يائسا تماما من الحصول على مسكن، خاصة أنه صار من المستحيلات السبع، حتى على موظفين من صف إطارات، شراء مسكن، لأن السلطة تركت سوق العقار للمضاربة والمضاربة وحدها. ويمكن أن نراه في الأمن وما يتعرض له الكثير من الناس ومن النساء بالخصوص من اعتداءات ومن سلب ومن نهب هواتفهن وجواهرهن وغيرها كثير، فضلا عن سرقة المنازل والسيارات أو محتوياتها. ويمكن أن نراه في الخدمات الإدارية التعيسة. هل يمكن تصديق أن أوراقا رسمية تباع في محلات ''الطاكسيفون''؟ وهل يمكن اعتبار ذلك أمرا عاديا؟ ويمكن أن نراه حتى في نقص الأوراق النقدية، فلم يعد مستغربا أن تسمع ''ماكانش الدراهم'' في مراكز البريد أو البنوك. هذا يعني أن كل ما يعتمد على الخدمة المقدمة للناس رديء أو غير موجود أو يقدم بشكل تفاضلي أو مقابل الرشوة أو عن طريق المحسوبية، وهذا من قبل موظفين تدفع لهم أجور من أموال الجزائريين ومن قبل إدارات تخصص لها ميزانيات هامة. هذا القصور وهذا العجز المزمن يبدأ من أعلى السلطة ومن غياب المحاسبة ومن العجز عن تقديم الحلول الناجعة وعن إعطاء المثل والقدوة وعن التحكم في الإدارات التابعة لكل وزارة. نحن في الحقيقة كأننا بلا سلطة وبلا دولة ومؤكد بلا قيادة. ما الذي يمكن أن نضعه في خانة ''المنجزات''؟ السلطة عملت على تعميم خبر أن الجزائر تعد من أقل البلدان مديونية. مرة أخرى الفضل الأساسي هو لثروة باطن الأرض. ولكن قد يقول قائل: ولكن لولا توفر الإرادة في تصفية المديونية لما حدث ذلك. ولكن لولا توفر الثروة الضخمة جدا لما تمكنا بنتائج الجهد البشري من تحقيق ذلك. إن العامل الأساسي دائما هو المال وليس الإدارة ونجاعة الإدارة. ومهما يكن فالكل يؤكد مثلا ضرورة تنويع مصادر الدخل الوطني ولكن ما زالت المحروقات تمثل أكثـر من 97 بالمئة من الدخل، كما مازالت السلطة تفرض ضرائب مجحفة على الجزائريين وتعجز عن مراقبة الأسعار في السوق وتعجز عن التحكم في التضخم المستورد.  أكثـر من هذا ليس هناك ما يؤشر لكون الثروة الضخمة جدا مستخدمة استخداما جيدا ومفيدا للبلاد والعباد. وليس هناك ما يؤشر لكون السلطة تمكنت من الحد من الفساد فقط وليس القضاء عليه. وليس هناك ما يؤشر بجد لوجود رؤية تنموية وأن ثروة البلاد تنمو وتحمى من النهب. طبعا عندما نتذكر كل هذا نستحي أن نتحدث عن ''بناء دولة المؤسسات'' ونشعر أنه ترف نخبوي، على الرغم من أنه الطريق إلى الحل.      mostafahemissi@hotmail.com


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)