الجزائر

كاريـــــــــــــــــــــــ استعمار الألسن



اهتدت وزارة الداخلية في الأيام القليلة الماضية إلى أسلوب جديد وحديث للتواصل مع الشعب، أو بالأحرى إيصال المعلومة السياسية للمواطن. وهو الأمر الذي ظلّ عصيا على الإدارة الجزائرية منذ الاستقلال، حيث قامت وزارة ولد قابلية بإرسال رسائل قصيرة أس أم أس، للمشتركين في شركات الهاتف النقال، تحثهم على "تأدية شرف الانتخاب".. وبغضّ النظر عن اللغة التي بعثت بها هذه الرسائل السياسية القصيرة، لاعتبارات تقنية، لفت انتباهي أمر ظلّ مقدرا على مواطن هذا البلد رغم مرور نصف قرن من انتهاء صلاحيته. لا أدري لماذا تصرّ السلطة في هذا البلد على تسليم مهام وزارة الداخلية المعنية الأولى بمخاطبة الشعب، إلى أشخاص لا يحسنون بناء جملة واحدة بلسان الشعب؟ ولطالما تساءلت عن سبب تشابه ألسنة وزراء الداخلية المقدّرين على هذا الشعب، والمضبوطة على ميزان موليير، في الوقت الذي ساءت فيه علاقة ألسنة مواطني المدن "الداخلية"، خصوصا، مع هذه اللغة التي اعتبرها مالك حداد يوما منفاه. فالمشاهد لوجه ولد قابلية وهو "يتعصّر" لإنجاب جملة مفهومة باللغة العربية أو حتى المعجونة بكلمات باللهجة الدارجة، وقبله زميله اليزيد زرهوني الذي كانت الندوات الصحفية التي نشّطها لإعلان نتائج الانتخابات بمثابة عقوبة قاسية لشخصه، خصوصا عندما يضطر للإجابة بلسان الشعب.. المشاهد لوجهي الرجلين وهما في مخاض لغوي عسير مع لسانيهما، لا يدري أيشفق عليهما أم يلعن الزمن الذي لم يضبط لسانيهما، وألسنة من قبلهما من رؤوس هذه الوزارة، على ميزان الشعب؛ رغم مرور 50 سنة على الاستقلال.. هذا الشعب الذي عندما يلمح في نشرات الأخبار الخالدة في تلفزيونه الوطني، وزير داخلية المغرب مثلا؛ يرصف لغته العربية السلسة على مسامع مستضيفيه.. أو سفير دولة أوروبية وهو يعزف لغته العربية المكتسبة على مسامع مستقبليه، يتساءل: ألم تكن 50 سنة من الاستقلال كافية لترتيب ألسنة وزراء داخلية هذا البلد على مُعطى تواصلي جديد، يحترم أذن الشعب.   يكتبه : رشدي رضوان  


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)