الجزائر

قمة لبعث الهمة..



من صدف التاريخ الحديث للعرب والعالم الغربي أن تأسيس كل من المنظمتين القاريتين الجامعة العربية والأمم المتحدة كان في سنة واحدة ونعني بها ألف وتسعمائة وخمسة وأربعين أي مباشرة بعد أن وضعت الحرب الكونية الثانة أوزارها وتنفس العالم الصعداء بدحر النازية ومن كان سائرا في فلكها وهبت نسائم الحرية على الشعوب ومنها الشعب الجزائري الذي خرج في تلك الفترة يطالب بحقوقه المهضومة من قبل الاستدمار الفرنسي، الذي نكث وعوده كأدبه في الخديعة والمكر المشهودين له بهما، لقد استطردنا هذا لندلل أن الظروف في تلك الحقبة حتى وإن كانت مغايرة عن نظيرتها اليوم هي شبيهة في المبنى والمعنى لأن المستعمرين وإن ألانوا فهم كالحجارة قلوبهم لا ترق على قول أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله..الجامعة العربية اليوم تنتظرها تحديات جمة بالنظر إلى الرهانات الواجب كسبها أولا من حيث توطيد الوحدة العربية والخروج من الصراعات الداخلية التي أنهكت ظهر العرب وهم في غنى عنها.. ثانيا لأنها أكبر تجمع إقليمي دولي من اللزوم عليه إن يجد مكانته المرموقة في العلاقات الدولية المضطربة والمعقدة تعقد المصالح وتشابك الخيوط التي تنسج هنا وهناك لأجل بسط الهيمنة وتعميق تأثيرها على من ضاقت بهم السبل.. ومن ثم فالقمة المقبلة التي ستعقد بالجزائر ستعطي من النكهة السياسية والأثر المباشر على الدول العربية ما يبعث الهمة المفقودة في الذات العربية المعروفة تاريخيا بمقاومتها لكل ضروب السيطرة الأجنبية مهما تعالت وتطاولت في الإثخان..
إن الجزائر البلد الكبير بتاريخه المشرف لم تتخلف يوما عن مثل هذه المواعيد الإقليمية الحساسة ولنا في قمة سنة1973 البرهان الساطع على مدى قوة الجزائر في لم الشمل وتوحيد الكلمة العربية على قلب لسان رجل واحد.. ففوجع العالم الغربي التي تقوده أمريكا بالصدمة البترولية، وأغلقت ينابيع النفط على أوروبا المساندة للكيان الصهيوني الإجرامي وتحضرنا الصور الساخرة لعربات الجياد وهي تجوب اكبر الجادات الأوروبية لان البنزين نفد وأصبح يتيما من الأبوة النفطية.. هذه من الذكريات العزيزة على كل عربي أبي في قوة العرب عندما يجدون البلد الذي ينفث فيهم الحماسة والبطولة والإباء. فالرئيس الراحل هواري بومدين كان دائما يقول في خطبه في القمم العربية السالفة أن الدول العربية لم تستعمل جميع إمكانياتها المادية وهو أدرى بما يقول كسياسي محنك يدرك جيدا ألغاز المعادلة الاستراتيجية التي هي اليوم قائمة ولو تلونت بنوع من الليونة والتمدد بيد أنها لم تتبدد. فدائما للجزائر شرف قيادة الأفكار الأصيلة الدالة على النخوة والكرامة وتجديد النشاط العربي الذي حتى وإن يخبو نجمه فلا يافل أبدا لان العالم العربي قلب الدنيا بكل ما تحمله هذه الدلالة من مغزى.
ولئن كان هنري كيسنجر أحد منظري السياسة الأمريكية المعروف بالدهاء والمكر يقول أن الدبلوماسية هي مثل لعبة "البينغ بونغ" فان قمة الجزائر القادمة ستكون كرة مضرب للتأكيد والتدليل أن الدول العربية ليست المرمى الذي يتلقى دائما الأهداف بل يسجل في هذه السانحة بتوقيع وتوقيت جزائري كالعادة أو فوق العادة..


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)