الجزائر

قفف الخزي



من العادات الجميلة التي تميز شهر رمضان في بلادنا صور التكافل الاجتماعي التي أصبحت السمة الغالبة على المجتمع في هذه الفترة من السنة، حيث تخصص الدولة منحا للمعوزين تساعدهم بها على التغلب على غلاء المعيشة الذي لم يعد لعامة الناس الاستطاعة لمواجهتها حتى العمال الأجراء.وإلى جانب الدولة تعمل أيضا الكثير من مؤسسات المجتمع المدني على تجسيد هذه الصور، من خلال تنظيم زيارات للمحتاجين وتوزيع قفف مليئة بالمؤونة عليهم، وملابس العيد وفي بعض الأحيان تسليمهم أغلفة مالية.
لكن هذا النوع من التآزر أخذ منحى ينتقده الجميع على كل المستويات سواء في الواقع أو على منصات التواصل الإجتماعي، وأصبح نوعا من الخزي والعار على بعض الجمعيات الخيرية التي لم تعد تستر على هؤلاء، ولا تقدم لهم تلك الصدقات في السر كما أمرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى في كتابه العزيز كما جاء في الآية 271 من سورة البقرة﴿ إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.
فبعض المتصدقين يقومون على التشهير بمن بهم «خصاصة» من خلال أخذ صور و«السالفيات» معهم، وهم يتسلمون هذه المُؤَن، وتطور الأمر إلى تصويرهم بالفيديو على المباشر وبثه في الفايسبوك، وبعض القائمين على هذه الجمعيات يطلبون من هؤلاء المحتاجين الدعاء لهم. هذا النوع من التصرفات نرى فيه فضحا لنفوس عزيزة أذلها العوز لصالح ضعاف النفوس ومحبي البهرجة و«المَنِّ» على غيرهم. كما أن منح قفة رمضان للمساكين والمعوزين لا ينبغي أن تكون من أجل منحها وفقط، دون مراعاة ما تحتاجه العائلة الجزائرية بالفعل خلال هذا الشهر الكريم من مواد أساسية، فما أصبحنا نلاحظه للأسف الشديد هو أن بعض القفف مليئة بمواد لا يحتاجها هؤلاء من عجائن ذات نوعية رديئة، ومواد لا تسمن ولا تغني عن جوع.
ولهذا فمن أراد فعل الخير فعليه أن يصرف ميزانيته على قفة دسمة، ويسترها بمنحها لصاحبها في الخفاء بعيدا عن التزلف واستجداء «دعوة الخير» بالكاميرات على المباشر.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)