الجزائر

قطف الخطى الكتابة..



قطف الخطى               الكتابة..
كم هو عدد الكتب التي كتبتها بخط يدي؟ وأنا بعمر الرابعة عشر أو الخامسة عشر حتى وأنا أحضر للبكالوريا.. كانت الكتب التي أستعير أو تلك التي تحملها الصدفة إلى عيني حالة حادة من الإبصار المكثف.. أخاف أن تعود إلى أصحابها من دون أن أشبعها.. كيف أشبع من الكتاب الذي يحملني إلى عالمه لأيام فقط.. لم تكن تعني لي القراءة في ذلك الوقت التخطي والامتلاء للحظات، كنت أطمح أن أجعل منها سجنا طويل الإقامة أمام عيوني فلم أملك من حيلة غير كتابتها.  كانت مدينتي صغيرة أصغر من أن أعرف فيها آلة ناسخة، ولا حتى مكتبة تبيع طبعة بيروتية.. "حفار القبور" لجبران كان أول ما كتبت بخط يدي.. النص كان متوسطا ولكني بعدها كتبت ليل الغرباء لغادة كاملا، وعيناك قدري، وأشجار الزيتون لمحمود درويش، وغالبية دواوين نزار قباني، من كتاب ضخم جمع أعماله الكاملة.. لقد استعرته من أستاذة الرسم بالثانوية وطالبتني بإعادته.. حاصرني الوقت، أذكر أنني طلبت المساعدة من زميلاتي بالقسم النهائي.. كنت بالنسبة لهم مجنونة بالضرورة لولا علاماتي الجيدة التي كانت تشفع لي. وليلا كنت أتصور نفسي خطاطا من عصور غابرة عليه بنسخ الكنوز.. فاعتنيت بخط يدي أحب أصحاب الخطوط الجملية وأعشق انحناء الخط.. تماما كما انحناء الحلم..  فيما بعد عرفت أن القراءة ليست قبضا، هي حرية الدخول إلى مسامك، القوي منها سيعيش إلى الأبد، وأنه بداخلنا مخزن لكل هذا هناك عقل باطن وكتاب باطن يتوزع داخلك من دون أن تعيد كتابته. لكنه الفقدان.. لم تكن هناك مكتبة تثير ولا كتب متوفرة فقط، ذاك الذي ليس لك.. خاصة عندما اكتشفت أن هناك قارة بكاملها لم يطأ كتاب منها أرضي، وهو الأدب اللاتيني   ورغم أن الكتاب الجيد كما القدر يسير إليك.. إلا أني أشعر بالغيرة القاتلة نحو هؤلاء الذين يملكون كتابا جيدا.  هاجر قويدري hadlay@hotmail.com


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)