الجزائر

قضية اختفاء موسى الصدر تزداد‮ ‬غموضاً



عادت إلى الواجهة مؤخرا قضية اختفاء الإمام موسى الصدر،‮ ‬أثناء زيارته ليبيا قبل أكثر من‮ ‬40‮ ‬عاما،‮ ‬القذافي‮ ‬قتل وانهار نظامه منذ أكثر من‮ ‬7‮ ‬سنوات،‮ ‬ولا‮ ‬يزال مصير الصدر مجهولا‮. ‬وكان الأمل في‮ ‬الكشف عن ملابسات تغييب الصدر قد انتعش بعد سقوط النظام الليبي‮ ‬السابق،‮ ‬إلا أن تصريحات عدد من المسؤولين الليبيين الذين عملوا مع القذافي‮ ‬لم تضف أي‮ ‬جديد مفيد،‮ ‬بل زادت القضية تعقيدا وغموضا‮. ‬من بين أهم التصريحات في‮ ‬هذا الشأن،‮ ‬ما أدلى به محمد بلقاسم الزوي،‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يتولى رئاسة مؤتمر الشعب العام في‮ ‬ليبيا،‮ ‬بعد إطلاق سراحه عام‮ ‬2016‮. ‬الزوي‮ ‬قال في‮ ‬حوار صحفي‮ ‬قبل عامين،‮ ‬إن الصدر زار ليبيا في‮ ‬25‮ ‬أوت‮ ‬1978‮ ‬،‮ ‬مضيفا‮: ‬قمت بالاتصال بالتلفزيون الليبي‮ ‬وطالبتهم بعمل تغطية خاصة للرجل،‮ ‬وإجراء حوارات موسعة،‮ ‬وبالفعل بعد الاحتفال ذهب فريق العمل للفندق،‮ ‬ولكن أبلغوهم بأنه‮ ‬غادر،‮ ‬وحينها خرجت تصريحات عن اختفاء الإمام‮ . ‬وروى المسؤول الليبي‮ ‬السابق الرفيع،‮ ‬أن سفير ليبيا لدى موريتانيا حينها أبلغه بأنه شاهد الإمام موسى الصدر في‮ ‬مطار طرابلس،‮ ‬وكان‮ ‬يتأهب لتحيته،‮ ‬لولا الإعلان عن وصول الطائرة المتجهة إلى موريتانيا‮. ‬أما محمد إسماعيل،‮ ‬مستشار نجل القذافي‮ ‬سيف الإسلام،‮ ‬فقد أدلى في‮ ‬تلك الفترة بتصريح مدو لصحيفة‮ ‬نيويورك تايمز‮ ‬،‮ ‬قال فيه إن الإمام موسى الصدر قتل بعد مشادة مع العقيد القذافي،‮ ‬وإن جثته ألقيت في‮ ‬البحر،‮ ‬مقرا بأن السلطات الليبية كذبت حين قالت إنه‮ ‬غادر ليبيا‮. ‬وقبل عام تقريبا من صدور هذين التصريحين،‮ ‬وضعت السلطات اللبنانية‮ ‬يدها على هانيبال،‮ ‬نجل القذافي‮ ‬في‮ ‬عملية بوليسية،‮ ‬حيث استدرج من سوريا واعتقل نهاية عام‮ ‬2015،‮ ‬ولا‮ ‬يزال في‮ ‬محبسه بعد أن سُلم إلى السلطات الرسمية‮. ‬ونقلت وسائل الإعلام عن هانيبال قوله في‮ ‬جلسات التحقيق،‮ ‬إن عبد السلام جلود،‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يعرف لفترة طويلة بأنه الرجل الثاني‮ ‬في‮ ‬نظام القذافي،‮ ‬هو العقل المدبر لجريمة اغتيال الصدر،‮ ‬بهدف توريط ليبيا‮. ‬وحمّل هانيبال القذافي‮ ‬كذلك فيما نسب إليه،‮ ‬المسؤولية الرئيسة عن اختطاف وتغييب الصدر،‮ ‬إلى اثنين من المسؤولين الليبيين السابقين وهما،‮ ‬عبد السام جلود،‮ ‬المقيم في‮ ‬إيطاليا،‮ ‬ورئيس الاستخبارات الليبية ووزير خارجية القذافي‮ ‬في‮ ‬آخر أيامه،‮ ‬موسى كوسا،‮ ‬المقيم على الأرجح الآن في‮ ‬قطر‮. ‬وروى نجل القذافي‮ ‬السجين في‮ ‬لبنان أيضا أن عسكريا ليبيا‮ ‬يجهل اسمه وموسى كوسا وشخصا ثالثا انتحلوا هوية الإمام الصدر ورفيقيه،‮ ‬وسافروا إلى إيطاليا،‮ ‬في‮ ‬إشارة إلى رواية تقول إن‮ ‬3‮ ‬عملاء للاستخبارات الليبية تنكروا بزي‮ ‬الصدر ورفيقيه،‮ ‬وسافروا إلى روما ودخلوا أحد الفنادق وتركوا أمتعة الصدر ورفيقيه وثيابهم التي‮ ‬تنكروا بها ثم‮ ‬غادرو إيطاليا بهويات أخرى‮. ‬يذكر أن الإمام موسى الصدر،‮ ‬الشخصية الدينية اللبنانية الشيعية البارزة،‮ ‬ومؤسس حركة أمل،‮ ‬قد وصل إلى ليبيا في‮ ‬زيارة للمشاركة في‮ ‬احتفالات‮ ‬ثورة الفاتح من سبتمبر‮ ‬،‮ ‬التي‮ ‬أوصلت القذافي‮ ‬إلى السلطة عام‮ ‬1969‮. ‬وكان برفقة الصدر الشيخ محمد‮ ‬يعقوب والصحفي‮ ‬عباس بدر الدين،‮ ‬وتمت استضافة هذا الوفد في‮ ‬فندق الشاطئ بطرابلس،‮ ‬وشوهد الصدر ورفيقاه لآخر مرة في‮ ‬31‮ ‬أوت‮ ‬1978‮. ‬وأعلنت السلطات الليبية حينها أن الصدر ورفيقيه‮ ‬غادروا طرابلس مساء‮ ‬31‮ ‬أوت على متن رحلة للخطوط الإيطالية متوجهة إلى روما،‮ ‬وعثرت السلطات الإيطالية فيما بعد على حقائب الصدر والشيخ‮ ‬يعقوب في‮ ‬فندق‮ ‬‭ ‬هوليداي‮ ‬إن‮ ‬بروما‮. ‬وانتهت تحقيقات القضاء الإيطالي‮ ‬إلى قرار من المدعي‮ ‬العام في‮ ‬روما عام‮ ‬1979‮ ‬بحفظ القضية بعد أن تأكد بشكل قطعي‮ ‬أن الصدر ورفيقيه لم‮ ‬يدخلوا إلى الأراضي‮ ‬الإيطالية‮. ‬ورأى رئيس تحرير‮ ‬بوابة الوسط‮ ‬،‮ ‬الصحفي‮ ‬بشير زعبية،‮ ‬في‮ ‬تعليق خص به‮ ‬RT‮ ‬على خلفية الأزمة الأخيرة بين بلاده ولبنان في‮ ‬أعقاب إنزال العلم الليبي،‮ ‬ورفع علم حركة أمل محله،‮ ‬أن ما وصفها بالحملة ضد دعوة ليبيا للمشاركة في‮ ‬قمة بيروت،‮ ‬قد وظفت من قبل أطراف لبنانية في‮ ‬اتجاهين‮: ‬الأول هو إحياء قضية الإمام موسى الصدر وهي‮ ‬الورقة الشيعية المهمة التي‮ ‬يحتفظ بها في‮ ‬يده،‮ ‬وثانيها هو مقايضة الحضور الليبي‮ ‬بدعوة سوريا لحضور القمة‮. ‬ورأى الصحفي‮ ‬الليبي‮ ‬المخضرم أن رئيس مجلس النواب،‮ ‬نبيه بري،‮ ‬الذي‮ ‬حمّله مسؤولية ما‮ ‬يجري،‮ ‬لم‮ ‬يراع بموقفه الحالي‮ ‬الظرف الذي‮ ‬تعيشه ليبيا المنقسمة،‮ ‬العاجزة عن التعامل كدولة مع الملفات الخارجية الشائكة‮. ‬وشدد زعبية على أن سلوك حركة أمل التصعيدي‮ ‬والمبالغ‮ ‬فيه،‮ ‬والذي‮ ‬وصل حد إهانة علم بلاده،‮ ‬لن‮ ‬يخدم قضية الإمام موسى الصدر وسيطيل من أمدها،‮ ‬ويجعل الليبيين‮ ‬يتساءلون‮ (‬إذا صبر الإخوة في‮ ‬لبنان على تسوية هذا الملف‮ ‬40‮ ‬عاما،‮ ‬لماذا لا‮ ‬يصبرون قليلا من الوقت،‮ ‬لاسيما وأن من في‮ ‬سدة الحكم ليسوا مسؤولين عن واقعة تغييب الإمام الصدر‮). ‬ورأى الصحفي‮ ‬الليبي‮ ‬أن مثل هذا السلوك سيدفع الليبيين كذلك إلى المطالبة بالإفراج عن هانيبال القذافي‮ ‬المحتجز كمواطن ليبي‮ ‬على ذمة قضية الصدر‮.‬


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)