الجزائر - A la une

قراءة في التعديل الحكومي



قراءة في التعديل الحكومي
عكس ما ذهبت إليه بعض القراءات حول التعديل الوزاري الأخير، فإن هذا التعديل لم يكن مفاجئا، بل كان متوقعا، ولم يبعد خصوم الرئيس مثلما يعتقد البعض، بل مس حتى الوزراء المحسوبين عليه، ثم ليس هناك وزراء خصوم أصلا للرئيس، فالخصومة والأجنحة المتصارعة التي نتحدث عنها إعلاميا ليست موجودة إلا على صفحات الجرائد.فدحو ولد قابلية، وزير الداخلية الذي أبعد من الحكومة هو وزير مقرب من الرئيس ومن جماعة وجدة بحكم أنه كان عضوا في المالغ، لكن إبعاده كان منطقيا جدا، فالرجل ليس فقط كبيرا في السن إذ تجاوز الثمانين، وإنما لأنه ما كان ليحكم وزارة بهذه الحساسية والوضع الأمني هش، ومعروف عليه أنه يهتم أكثر باستثماراته وأعماله أكثر ما يهتم بإدارة مصالح الوزارة. أما وزير الخارجية الذي هو أيضا وزير من وزراء الرئيس مثلما اعتادت الصحافة الوطنية تصنيفه، كان هو الآخر لابد من إبعاده، فقد فشل في إدارة كل الملفات الحساسة، سواء داخل الجامعة العربية التي كان صوت الجزائر فيها ضعيفا ومجرد رجع صدى، حتى وإن كان موقفها تجاه القضايا العربية واضحا ووفيا لمبادئها، إلا أن الرجل لم ينجح في فرضه على الجامعة القطرية، وأيضا الملف المالي الذي أصبحت فيه فرنسا اللاعب الرئيسي وأبعدت الجزائر نهائيا من كل تسوية في المنطقة، رغم أن قضية مالي مرتبطة ارتباطا وثيقا بأمننا الداخلي. ثم إن الرجل الذي عمّر كثيرا في هذه الوزارة السيادية، ليس له ماض ديبلوماسي يمكنه من تسيير الملفات وهذا ما أدى إلى فشل الدبلوماسية الجزائرية على كل الأصعدة، ورغم الحنكة التي يتمتع بها الرئيس في هذا القطاع، فهي لم تنعكس على أداء وزيره، وتعويضه برجل من الخارجية جاء في أوانه لبعث الحياة في علاقاتنا الخارجية التي فقدت الكثير من زخمها مع مدلسي.
أما عن وزراء جبهة التحرير، فكان من المتوقع إبعادهم من الحكومة، لأنهم كانوا خصوما للأمين العام الحالي عمار سعداني وعارضوا ترشحه للأمانة العامة، ومن المنطقي أن يبعدهم سعداني لأنه هو الأمين العام للحزب وله وحده الحق في تعيين وزراء حزبه الذي من المفروض أنه يملك الأغلبية في البرلمان، لكنها أغلبية لم تنعكس على تشكيلة الحكومة، التي غلب عليها الطابع التقنوقراطي حيث الخيار فيه يعود إلى الوزير الأول التقنوقراطي هو الآخر.
فشخص مثل حراوبية كان لابد من إبعاده بسبب المشاكل التي تعانيها الجامعة التي احتلت ذيل ترتيب الجامعات العالمية، ولم تبرحه منذ اعتلاء الرجل هذه الوزارة التي كان دائما يتردد أنه هنا بحكم علاقته بزميله السابق شقيق الرئيس.
المفاجأة ربما هي إبعاد عمار غول من وزارة الأشغال العمومية التي عمر فيها أكثر من 11 سنة، وحامت حولها الفضائح، ولا ندري إن كان هذا الإبعاد راجع إلى حماية الرجل مما ستكشفه الأيام من فساد في مشاريع الطريق السيار ومشاريع أخرى، أم راجع فقط لجمود سير الأشغال في شقه الشرقي، الذي يراوح مكانه منذ شهور.
لا أظن أن للتخوف من تعيين الطيب لوح على رأس وزارة العدل خلفا لمحمد شرفي، المراد منه قبر التحقيقات في فضيحة “سوناطراك 2”، التي أصدر القضاء الجزائري في شأنها مذكرة دولية ضد وزير المحروقات السابق شكيب، ما يبرره لأن الرئيس نفسه سبق وصرح بشأن هذه القضية بأن القضاء سيأخذ مجراه، وبأنه لن ينجو أحد من قبضة القانون إذا ما ثبت تورطه.
هل لهذا التعديل علاقة برئاسيات 2014، مثلما ذهب إلى تفسيره البعض؟!
من غير المعقول أن يغامر الرئيس بخيار العهدة الرابعة، في ضوء وضعه الصحي الحالي، وهو الذي وعد القوى الكبرى في بداية حراك الشارع العربي بأنه سيسعى لتنظيم انتخابات رئاسية حقيقية يكون الفصل فيها للصندوق. وبالتالي فالحديث عن عهدة رابعة أو التمديد لا معنى له، وهو يضر بالرئيس الذي كان يرفض أن يكون في بداية حكمه ثلاثة أرباع رئيس، ولم يكن كذلك.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)