الجزائر

في وقت بقي فيه الكونغرس الأمريكي سيد كلمة الحسم للمأزق السوري تحركات دبلوماسية مكثفة لترجيح كفة الضربة العسكرية


في وقت بقي فيه الكونغرس الأمريكي سيد كلمة الحسم للمأزق السوري تحركات دبلوماسية مكثفة لترجيح كفة الضربة العسكرية
رغم أن طبول الحرب بدأت تقرع بوتيرة متسارعة داخل دوائر صناعة القرار الأمريكي، إلا أن كل خطوة باتجاه الحسم النهائي ضد سوريا تبقى مرهونة بما يقرره نواب الكونغرس خلال الجلسات التي يعقدونها بداية من اليوم لبحث هذه المسألة الشائكة.ولأجل ذلك، فإن أنظار مؤيدي الضربة العسكرية ضد سوريا والمعارضين لها على السواء ستبقى مشدودة إلى مقر الهيئة النيابية الأمريكية لمعرفة نتيجة التصويت داخل البرلمان الأمريكي والذي ستكون نقاشاته دون شك محتدمة أيضا بين أعضائه المؤيدين والمعارضين لمثل هذه الخطوة.
والمؤكد أن نقاشات أعضاء الكونغرس ستأخذ في الحسبان توجهات الرأي العام الأمريكي الذي أكدت آخر عمليات استقراء للرأي العام أن غالبيته سارت في الاتجاه الرافض لكل ضربة عسكرية ضد سوريا.
وإذا تكرس مثل هذا التوجه في عملية التصويت فإن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيجد نفسه في حرج كبير وأول نكسة سياسية بالنسبة له في عهدته بعد أن سار من نقيض مواقفه إلى نقيضها عندما تبنى خيار القوة العسكرية ضد سوريا وهو الذي قرر في مواقف سابقة عدم الزج بقوات بلاده في أزمات خارجية أخرى بعد المأزقين الأفغاني والعراقي.
وهي الورقة التي رفعها الرئيس الأمريكي ليؤكد، أول أمس، أن الأمر لا يعدو أن يكون عمليات عسكرية "جراحية" تكاليفها ستكون "صفرية" وأنها لا تستدعي اللجوء إلى قوات برية كما حدث في التجربتين الأفغانية والعراقية.
وحتى وإن احتمى أوباما وراء فرضية اللجوء إلى استعمال السلاح الكيماوي في سوريا الذي لم يتأكد بعد إذا كان النظام السوري قد لجأ إليه ضد المعارضين له إلا أنه قرر السير في سياق التصعيد العسكري لتقليم أظافر النظام السوري دون أن يضمن التأييد الداخلي اللازم لمثل هذه المغامرة.
وربما ذلك هو الذي جعله يراهن على الدعم الخارجي وخاصة الأوروبي لتأييد خيار الضربة العسكرية المحدودة ضد مواقع يعتقد أنها مكمن قوة النظام السوري وأن تدميرها سيعجل برحيله دون الحاجة إلى قوات برية للقيام بمثل هذه المهمة.
والمفارقة أنه في الوقت الذي كثفت فيه الإدارة الأمريكية تحركاتها من خلال زيارات وزير خارجيتها، جون كيري، إلى عواصم أوروبية من أجل حشد الدعم الغربي للنظرة الأمريكية ومنطق تعاطيها مع الأزمة السورية بقي المسعى مبتورا إلى حد الآن على اعتبار أن الحكومات الأوروبية بقي موقفها النهائي مرهونا هي الأخرى بما يقرره نواب الكونغرس نهاية هذا الأسبوع.
وأكدت مثل هذه الوضعية مدى تبعية مواقف الدول الأوروبية المؤيدة لخيار الضربة لما تقرره الإدارة الأمريكية وهو ما جعلها عرضة لانتقادات حادة في أوساط الرأي العام فيها وقلل من هيبتها لديه كما هو الشأن بالنسبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي اعترف صراحة أنه مازال في انتظار قرار الكونغرس الأمريكي.
وهو ما يؤكد أن هذه الدول غير مستعدة للتحرك عسكريا في حال أخلط نواب الكونغرس حسابات الرئيس أوباما وهي التي تراهن على جعل الوحدات الأمريكية رأس حربة كل قوة تتحرك لضرب الأهداف العسكرية السورية.
ولكن وزارة الدفاع الأمريكية وعلى نقيض الترقب الذي يطبع المواقف لم تنتظر معرفة موقف النواب الأمريكيين بعد أن سارعت إلى وضع كل الخيارات وفق معلومات عمد إلى تسريبها لصحف أمريكية والتي أكدت أن الضربات ستتواصل لمدة ثلاثة أيام متلاحقة يتم خلالها ضرب الأهداف الخمسين التي يتعين تدميرها وتكرار الضربات في حال لم تدمر عن كاملها في اليوم الأول باستخدام صواريخ "توماهوك" انطلاقا من البوارج الأمريكية الراسية في مياه شرق المتوسط والتي عادة ما توجه لضرب المواقع العسكرية الأكثر تحصينا حتى وإن كانت على عمق كبير.
ولكن مخاوف البنتاغون تبقى كبيرة في حال أخطأت عمليات القصف الجوي والبحري أهدافها بما يعني وبصورة تلقائية سقوط مئات الضحايا المدنيين السوريين إن لم نقل الآلاف في عمليات غير محسوبة النتائج وحينها ستنقلب أهداف العملية من مكاسب آنية إلى خسارة دبلوماسية تنعكس سلبا على صورة إدارة سعت من أجل "حماية" الشعب السوري إلى إبادته.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)