الجزائر

في حدود الساعة الثانية من زوال أمس، عقب صلاة الجمعة، انطلق الموكب الجنائزي المهيب للفقيد أحمد بن بلة أول رئيس للجزائر المستقلة من قصر الشعب، متوجها إلى مثواه الأخير بمقبرة العالية أين ووري الثرى بمربع الشهداء. وكان في مرافقة الموكب، الرئيس بوتفليقة وعدد من الوزراء والشخصيات الوطنية، فيما التحق الضيوف المعزين مباشرة بمقبرة العالية، وقد نقل جثمان الفقيد الذي كان مسجى بالراية الوطنية على متن عربة عسكرية مكشوفة رصّت أطرافها بأكاليل من الزهور، تجرها المدرعة "الفهد"، محاطة بعناصر من الحرس الجمهوري الممتطية لدراجات نارية، وتتقدمها شاحنة عسكرية على متنها ضباط "رواد" في الجيش، حيث سلك الموكب الجنائزي الشوارع الرئيسية المؤدية إلى مقبرة العالية مرورا بشارع ديدوش مراد، ثم بالبريد المركزي فشارع جيش التحرير الوطني، وقد اصطّفت الجماهير على الرغم من سوء الأحوال الجوية على أطراف الشوارع التي يسلكها الموكب الجنائزي لتوديع الرئيس الراحل. وعقب خروج الوزير الأول الموريتاني، من قصر الشعب، وصل الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز، حيث ألقى بدوره نظرة أخيرة على جثمان الفقيد، وقرأ الفاتحة، وبعدها بلحظات وصل الرئيس التونسي محمد منصف مرزوقي، إلى قصر الشعب، حيث ترحم على روح الفقيد أحمد بن بلة وألقى النظرة الأخيرة على جثمانه بحضور الوزير الأول حمادي جبالي، ورئيس الجمعية التأسيسية مصطفى بن جعفر، ووزير الشؤون الخارجية رفيق عبد السلام. وكان الرئيس التونسي مرفوقا برئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح ووزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي. وفي حدود الساعة الحادية عشرة، وصل رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران، الذي كان مرفوقا بالوزير الأول أحمد أويحيى، وكان مرفوقا بوفد هام يتقدمه الوزير الأول السابق عبد الرحمان يوسفي، الذي كان صديقا للمرحوم ومستشار الملك محمد السادس الطيب فاسي الفهري. وفي حدود منتصف النهار و30 دقيقة، وصل رئيس حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي، كآخر الوافدين الأجانب إلى قصر الشعب مرفوقا بالممثل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم. وتواصل توافد المواطنين والمسؤولين إلى جانب العديد من الشخصيات الوطنية السياسية والتاريخية، وأصدقاء الفقيد على قصر الشعب يلقون النظرة الأخيرة على جثمان الفقيد وقراءة الفاتحة على روحه، إلى غاية حدود الساعة الحادي عشرة، حيث أغلقت الأبواب أمام المواطنين، وتم الاكتفاء فقط ببعض الوزراء، على غرار وزير الداخلية دحو ولد قابلية، وزير المالية كريم جودي، رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، الوزير المنتدب لدى وزارة الدفاع الوطني عبد المالك ڤنايزية، وقائد الأركان قايد صالح، ونائب الوزير الأول يزيد زرهوني، ووزير المجاهدين محمد الشريف عباس، والذين وصلوا تباعا قبل أن يصل الرئيس بوتفليقة في حدود الساعة الواحدة والربع زوالا إلى قصر الشعب وكان مرفوقا بشقيقه السعيد. إنزال تونسي مغربي في الجنازة سجلت العديد من الشخصيات السياسية والدينية الأجنبية، حضورها جنازة الرئيس الأسبق، أحمد بن بلة، وكان رؤساء الجزائر السابقون، باستثناء اليمين زروال، في مقدمة المعزين، فيما بدا الحضور التونسي لافتا، وبدرجة أقل الحضور المغربي. ولم يتخلف الرئيس الأسبق، الشاذلي بن جديد عن الموعد، كما لوحظ علي كافي، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة سابقا. أما الحضور التونسي فكان الأبرز، حيث مثلت بكافة أركان الدولة، بداية برئيس الدولة، محمد منصف المرزوڤي، والوزير الأول، حمادي الجبالي، ورئيس المجلس التأسيسي، مصطفى بن جعفر، إضافة إلى زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي. وحرص الملك المغربي على إيفاد مستشاره الخاص، ووزير الخارجية السابق، الطيب الفاسي الفهري، والوزير الأول، عبد الإله بن كيران، رئيس حزب العدالة والتنمية، والوزير الأول السابق عبد الرحمان اليوسفي، فيما أوفدت السلطات الموريتانية، الوزير الأول، مولاي ولد محمد الأغظف، ونجل أمير دولة قطر، جوعان بن خليفة آل ثاني، إلى جانب الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز. واكتفى التمثيل الدبلوماسي الليبي على السفير، في موقف فسر بالظروف التي تمر بها هذه الدولة، وكذلك الشأن بالنسبة لمصر التي مثلها سفيرها بالجزائر، كما سجل حضور ممثل رئيس اللجنة الإفريقية، مفتاح مصباح أزوان، والأمين العام المساعد للجامعة العربية محمد صبيح، إلى جانب ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر. وتبقى النقطة السوداء، هي الغياب اللافت للتمثيل الرسمي الفرنسي، الذي كلف السفير كسافيي دريانكور بحضور الجنازة.



في حدود الساعة الثانية من زوال أمس، عقب صلاة الجمعة، انطلق الموكب الجنائزي المهيب للفقيد أحمد بن بلة أول رئيس للجزائر المستقلة من قصر الشعب، متوجها إلى مثواه الأخير بمقبرة العالية أين ووري الثرى بمربع الشهداء.  وكان في مرافقة الموكب، الرئيس بوتفليقة وعدد من الوزراء والشخصيات الوطنية، فيما التحق الضيوف المعزين مباشرة بمقبرة العالية، وقد نقل جثمان الفقيد الذي كان مسجى بالراية الوطنية على متن عربة عسكرية مكشوفة رصّت أطرافها بأكاليل من الزهور، تجرها المدرعة
ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة ودموع الفراق كانت تنزل على خذيه لحظات قبل رحيله عن هذه الدنيا.. توفي ولم يسعفه الحظ أن يكون بيننا في الذكرى الـ50 لاستقلال الجزائر التي قال عنها المرحوم إبّان الاستعمار الغاشم، لن أرتاح إلا بعد أن تخرج فرنسا أو أموت أنا...

هي عبارات خرجت من فيه ابنة أخت الراحل أحمد بن بلة، التي تربّت وترعرعت معه في نفس البيت، كانت في حالة يرثى لها بدى وجهها شاحبا مصفرا، وعيناها منتفختان من الدموع التي كانت تذرف كطلقات مدفع، وهي على كرسي متحرك، وتصرخ بأعلى صوتها "رحلت يا أخي وتركتني وحيدة في هذه الحياة، كنت أنيسي الوحيد، ولم يمر يوما دون أن تسمع صوتي وأسمعه أنا كذلك.. لم يحالفك الحظ يا أخي أن تتذوق طعم الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر التي قلت عنها لن تهدأ نفسي حتى يرحل ديغول أو تغمد روحي..

اقتربنا منها وحاولنا مواساتها لنذكرها بأن ما حدث هو إرادة الله ومقدر منه، وكلنا إليها، لكنها لم تستطع أن تتمالك نفسها، كيف لا وهو توأمها الذي لم يفارقها منذ الطفولة، حيث روت لنا بعض التفاصيل عن حياته خاصة عندما كان صغيرا، قائلة: "كان يهرب من المدرسة، وعندما يقوم المعلم باستدعاء أبانا شيخ مبارك، ويقول له أن ابنك غائب هذا اليوم.. ليقوم أبي بعدها بالبحث عنه ليجده عند الشيخ الإبراهيمي، قبل أن يشبعه ضربا، كان يعشق السياسة، بل كانت تسري في عروقه.. وعندما كبر والتحق بصفوف الثورة كنت أزوره في السجن وحينما أقول له خفف عليك المتاعب يرد علي "لن أتراجع عن مبدأ تحرير بلادي، فإما أن تخرج فرنسا منها أو أخرج أنا من هذه الحياة...".

وأردفت الحاجة يمينة قائلة: "الرئيس بوتفليقة سلّم على جيبيني وهو يبكي فراق صديقه، وهمس في أذني وقال لي.. رحل الرجل العظيم وترك في نفسي حرقة كبيرة إنه رفيقي وصديقي ولن أنساه مادمت حيا والجزائر إن شاء الله في حداد لمدة 8 أيام.. وهو قليل على سي أحمد...".

جو رهيب خيّم على المكان وزاده رهبة، بكاء ابنته مهدية التي روت لنا أن والدها قبل أن يلفظ آخر أنفاسه ابتسم لها قبل أن تضمه إلى صدرها، حيث كانت تستقبل جموعا غفيرة من المعزين، وفي نفس الوقت تتابع مراسيم استقبال الوفود التي تأتي لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان والدها على المباشر من التلفزيون الجزائري، فيما كانت ابنته نورية، ينتابها نوع من الهستيريا بين الفينة الأخرى، وسط مدائح تقشعر لها الأبدان لأعمدة الصوفية وكبار زوايا الجزائر. أثناء تواجدنا في بيت الرئيس الراحل أحمد بن بلة أمس، اكتشفنا من خلال حديث سيدات من عائلته أن سي احمد طلب من ابنتيه مهدية ونورية أن تحولا منزله إلى متحف من بعد أن يأخذ الله روحه، وهي أمانة قالت عنها ابنته مهدية من خلال حديثها مع أفراد عائلة المرحوم أنها ستنفذ حرفيا كما أراد...

- كان آخر شخص هاتفه المرحوم، هو أخته "يمينة" المقعدة على كرسي متحرك قبل أن يدخل في الغيبوبة وقال لها "اشتقت إليك كثيرا يا أختي الحبيبة".

- ابتسامته في وجه ابنته مهدية، كان آخر ما فعله المرحوم قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.

- دموع الفراق لحظة موته كانت تنزل على خديه ونظرة أخيرة لابنتيه وأخيه حسب ما سردته أخته يمينة.

- زاره في المستشفى، أحد العسكريين الذي شارك في عملية الانقلاب عليه في 1965 وقال له "إسمحلي يا أخي كنت عبدا مأمورا..".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)