الجزائر

في تداعيات الصورة



في تداعيات الصورة
كثيراً ما يشدّ انتباهنا الفعل وأثره مع إهمال الصورة التي أنجز بها الفعل... وهو من الأضرار المقصودة المتراكمه على الرؤيا... التي تتحول مع الزمن الى أفعال وليدة... ولهذا قال المتصوّفه.. (لقد رأيت الصورة وغاب عنك المعنى).. فهل تفكّر أحد بصورة ما تفعله أمريكا و الداعشيين كي يستشفّ ما يمرق على النظر...نلحظ أمرين هامّين في معطيات بعض الوقائع لتفنيد صورة السجّان والسجين.. المعذَّب والمعذِب.. القاتل والمقتول.. القاهر والمقهور.. على طرفي ما يبدو صراعا قائماً.. فالسجّان القاهر المعذِب القاتل يرتدي المارينز الأمريكي الصنعه.. والمسجون المقهور المعذَّب المقتول يرتدي زيّه البرتقالي.. سواء تمّ الأمر في الحديقة الأمريكيه لمعاملة السجناء الإرهابيين أو في ملعب إرهابيين لمعاملة مسجوني التحالف... ومنطق الأشياء يقول على الانتقامات الداعشيه أن تذلّ الرداء الأمريكي في ملعبها فيما لو كان الخلاف حقيقياً.. .وتظهر الصورة أيضا أن نمط السلوك الداعشي المنضبط كما يعبرون بالرجعة إلى زمن البداوة الإسلامية الغابرة في القدم باستخدام أسلوبها للعقاب والثواب... ورفض التطور الذي حصّلته البشرية فيما قدّم لها الخدمة.. هذا السلوك مناقض لأفعالها حيث بقي استخدام مماثلاً في ألية التطور الحاصله للتعذيب والقتل... كما حصل للطيار الأردني داخل قفص حديدي أشبه بأقفاص إرهابيين في القبضه الأمريكيه..كذلك عملية الإغراق لأشخاص تم وضعهم في قفص.. مع ابراز الصوره لتمريرها على إيقاعات تظهر القوّة للمرتكبين بالهندام أمريكي وأثاره الأمريكيه الهوليوديه.. وثمّة حبل متصل يتكشّف للعيان بين أطراف تدمير البني المجتمعية المراد لها ذلك من قبل أمريكا وعملائها المنظمين للدواعش.. ليس في دخول حرب حقيقية علىى إرهاب الداعشي الذي يجد له ممراً عبر البّوابه الأردنيه.. فمنطق الأشياء يؤكّد أنّ هذه الحرب تقتضي المشاركه للقوى الفاعله حقيقة في مواجهة إرهاب والمتمثله في الجيش السوري والعراقي وقوى التحالف الوطنيه.. وليس إرسال طيّارين لإسناد العمل المسرحي الأمريكي في بثّ الفوضى السائده لما أطلق عليه ربيعاً يستهدف تدمير البني التحتيه التي تتحرك عليها بيادق أمريكا الداعشيه..والصورة ذاتها تطرح سؤالا لا يقلّ أهميةً عمّا سبق.. (لماذا اللون البرتقالي تحديداً هو المعني بالإذلال)..؟...لست في وارد تناول السياسة الأمريكية القائمة على البراغماتية النفعية واعتبار سكان العالم أشبه بحيوانات التجارب التي تسمّن أو تفنى بما يخدم عالمها المقبوض عليه بإشاعة فوضاه.. . فقد تمكنت أمريكا من استثمار تناقضات الحركات الإنسانية الإيمانية والإلحادية لنسف تلك الحركات.. عبر دعم بوادر التفكك الداخلي بتشجيعها وتعّميقها من جهة وا'نقضاض عليها من جهة أخرى حينما تضمن نتائج فعلها...وكان عليها أن تواجه (السانياسيه).. بعد أن تغاضت عن انتشارها كقّوة تدعّمت في أوربا وأمريكا لمجابهة الشيوعية حين بدت مؤازراً إضافيا للحركات ذات الطابع الديني الرافض للإلحاد....فما هي السانياسية صاحبة اللون البرتقالي الذي عنى للأوربيين والأمريكان الكثير في حينه...السانياسيين أصحاب الرداء البرتقالي هم حركة نشطت في أوربا والهند البريطانية تزعّمها الفيلسوف تشاندرا موهان الملقّب (بأوشو) في أوربا و(راجنيش) في أمريكا...ابتدأت في السبعينيات من.. (بونه).. وانتشرت كالهشيم في نار العالم المتحضر.. حيث تمكّنت من مل'ء الفراغ الروحي فيه وشكّلت حلاً مقنعا لعماء المجتمعات أوربية التي تحوّل فيها الفرد إلى مجرد رقم.. (عزقه).. في السلسله الإنتاجية لمراكمة الثروة.. كانت أفكار الدينيه تلج المجتمعات الغربية العمياء.. كما أحب أوشو تسميتها..وتورث ضعفها فيها إذ أنها عبّرت عن بيئات غابره لا تليق بمجتمع متمدن حديث مرّت عليه الداروينية والسبنسرية فأثبتت ضعفها أمام روحانيات الشباب الغربي المنفتحه على العقل....غير أن شاعر الهند الكبير.. (كبير).. تمكن في دمجه الخلاّق للبوذية والمسيحية من وضع أساس إلغاء تلك المفارقة.. وهو ما نقله أوشو الهندي في نهاية العقد الثامن للقرن العشرين إلى أوربا وأمريكا...عبر شرحه قصائد كبير وإضافاته عليها... وإذا كان (كانت) الغامض عصيّاً على أوربا لو لا شرح (شوبنهور).. .فقد نشر أوشو بشروحه فكر (كبير) شاعر الهند العظيم وحوّل فكره ال' حركة اجتماعية التزمت اللون البرتقالي في ردائها وأطلقت على نفسها.. (سانياسيه).. وتمكنت هذه الحركه من قلب بلدية (أوربون) أمريكية بعد كشفها للعمل (البيو.. إرهابي) الذي أعدّته البلدية للسكان..بتسميم الغذاء (في عام 1981)... وكان من نتائج ذلك طرد أوشو.. أو راجنيش.. من أمريكا ومنعه دخول إحدى وعشرين دولة أوربيه....لقد تمكنت السانياسية بسياستها القائمة على التوافق بين أديان والدعوة للحبّ والتأمل والوعي والشجاعة وإبداع والدعابة من إذلال الطغمة الأمريكية في عقر دارها... متّشحة لباسها البرتقالي المميز من دون صواريخ عابرة..فأصبح من دواعي أفعال الطغمة الرعناء إنتقام من البرتقالي في أقفاصها السوداء.. ليتسنى للبرتقالي نزع دلالات التأمل السانياسي في الحرّية إلى دلالات إهانه.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)