الجزائر

في الهزيعِ الأوَّلِ من اسمِ بختي الشفيفِ...



وليَ أنْ أستعيدَ بهاءَ وهران، وإنِّي إلى اسمها الممتلئ بالتِّحنانِ ظمآن، وقدْ جئتها، ذاتَ فرحٍ مغتالٍ، والحبيبُ المقيمُ في دمي والذاكرة الشاعرُ بختي بن عودة يدعوني إليها، أغادرُ بونةَ ليلاً رصاصيًّا، من ذلك الزمنِ الدَّمويِّ، ولن أنساهُ، وسيدي إبراهيم بن تومي في الأسحارِ يدعو لي، والليلُ حولي بهيميٌّ والغدرُ في الظلمةِ منهُ ذئبٌ عيناهُ منْ شرَرٍ ونار، والحافلةُ تئنُّ وتبكي، والقلبُ يهفو للوصول إليها، والنبضُ منِّي يركضُ حصانَ شوقٍ، والصهيلُ في براري الصَّدرِ حريق، وبختي عندَ الفجر، مديد الحضورِ، معقوف الشاربين، مبتسِم الرُّوح، كان في الموعدِ الحاني، هذا اسمرارهُ في الامتلاءِ من التاريخِ، يحتويني إلى صدرهِ المنتشي فرحاً بوصولي، وقصرُ الثقافةِ ممرَّدٌ بالشوقِ ولمْ أكنْ قطُّ هدهدَ النبإِ العظيم، يرتفعُ الوجيبُ في الرَّجفةِ العاشقة، والأصدقاءُ الأحبةُ في وهجِ اللقاء منْ فرحِ اللِّقاءِ، و"احبارة" دليلي إليهمْ، ويعرفونني، إنِّي في الحبورِ الكُبَّار، وبختي سعيدٌ بي وبها، وهو يقدِّمُني لهمْ ولي، وكنتُ أجهلُني، فعرفتُني في صوتهِ النقدي العارفِ، وإنِّي مذْ ذلك مفتخرٌ ومغتبطٌ، وإنِّي وإياهُ في القلبِ منْ وهرانَ، وقلبي في الفرحِ من الخفقان، ها هما الأسدان، هذا الهِزبْرُ يحاورُ هزبراً، والسماءُ قريبةٌ منَ الذاكرةِ، والقلبُ بالشغافِ ممتَنٌّ، وبختي يرافقني إليَّ، والعربي بن مهيدي يمتدُّ في دمي وأفتخرُ، هنا صبايَ وطفولتي، يهجسُ بختي، وهنا تاريخي وقراءاتي هنا، وهنا قهوةُ الصباحِ، والسماءُ أراها كما أراكَ، يا جمالُ، في الفنجانِ فتتَّسعُ السماءُ وتزدادُ ازرقاقاً، وهنا العشقُ الأولُ وهنا الأغاني، وعندَ الكورنيشِ يعانقها البحرُ في الأقاصي من الأمداءِ البعيدة ، يشرعُ في الترتيلِ، والصوتُ حُداءُ :"كمْ كنَّا غرباءَ في أعيادِ المدينة..؟!" هذا الدَّمُ الشهيدُ شهيدٌ، أنَّى لهُ أنْ يتوقَّفَ؟ وقدْ سالَ مدراراً، مغدوراً بهِ ومذبوحاً، في الشوارعِ وفي الأزقةِ والحواري، وعندَ التلالِ وفي القرى والأريافِ، ولمْ يكنِ النبضُ يعرفُ أنّكَ، يا بختي، الدّمُ الآتي الذي أينعَ ريحاناً في السماءِ التي أحببتَها فوهبتكَ الشعرَ كي تبقى أبديًّا في البقاءِ، مرتبطاً بوهران في الواوِ منها وفي العودةِ من اسمكَ الأنقى، وقدْ صعدنا معاً، والعرقُ من جسدينا يهمي ، وإنِّي وإيَّاك في الأعالي من الرَّبْوةِ، منَ القلعةِ الصاعدة باتجاه السماءِ، هذي حجارتها وقدِ انغرستْ في التاريخ من وهران ، كأنِّي أسمعكَ بختي، أمْ تُراني أسمعُني: يا سيدي الهواري جيتك زايرْ والهديُ حزني... فارتجَّ الصدرُ، وقدْ شفَّتِ الرُّؤيا، والرُّوحُ اصَّاعدتْ في مجدِ التعالي، إنِّي في الملكوتِ منَ الأنوارِ منْ بهاءِ وهرانَ البهيج...


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)