الجزائر

في الصميم في أعماق المفارقة الجزائرية


من خلال هذه المساهمة، أود أن أوجه رسالة مفادها أنه في ظل غياب أدنى احترام لقواعد الحكم الراشد، فإن الجزائر ترزح في أتون فخ المرحلة الانتقالية الدائمة، وبالتالي فهي تتقدم لا محالة نحو الوقوع في فخ الفقر بشكل دائم. وفي غياب أدنى احترام لقواعد الحكم الراشد أيضا، نجد أن الأفراد هم من يتخذون القرارات عوض الهيئات والمؤسسات المخولة بذلك، وليسود بذلك منطق اللاحكم أو انعدام الحكم، ما ينتج عنه تعطل الإصلاحات وضمور المؤسسات وضعف نوعية النمو. لكن فشل الإصلاحات وضمور المؤسسات في سياق التحول المزدوج أو المرحلة الانتقالية المزدوجة، سيؤدي حتما إلى الوقوع في فخ المرحلة الانتقالية الدائمة، وهذا هو حال الجزائر التي تعيش منذ عشريتين في مرحلة انتقالية سياسية من نظام شمولي سلطوي بحزب أحادي إلى نظام ديمقراطي بأحزاب متعددة وتحول اقتصادي من اقتصاد موجه أو مسير إداريا إلى اقتصاد السوق. ونلاحظ أن جزائر اليوم، رسخت وجودها في فخ المرحلة الانتقالية الدائمة والتي تتمثل في كونها لا نظام سياسي شمولي مهيكل ومنظم ولا ديمقراطية ولا اقتصاد موجه ومسير إداريا بمنظومة تخطيط صحيحة ولا اقتصاد سوق. إضافة إلى ذلك، تساهم نوعية النمو السيئة وضمور المؤسسات وانكماشها في ترسيخ فخ البؤس الدائم، فسوء النمو غالبا ما يقود إلى عدم الرضا، ثم إلى الثورة، لتتبعها مرحلة عدم استقرار سياسي وركود سياسي، يؤدي إلى حالة عدم رضا وسخط وتنتج دورة غير متناهية، وهو ما يؤدي إلى إبراز فخ البؤس الدائم. وتجدر الإشارة إلى أنه في ظل غياب حكم راشد ومؤسسات مستقلة في مجال اتخاذ القرار، فإن التمرد لن يتحول إلى ثورة. بالمقابل، فإنه في ظل وجود مؤسسات قوية، فإن عدم الرضا يمكن أن يتحول إلى ثورة تقود بدورها إلى التغيير، ودون المؤسسات يقود التذمر وعدم الرضا إلى التمرد الذي يؤدي بدوره إلى دورة فخ البؤس الدائم. وعليه، نستنتج أن الجزائر أضحت حاليا تعيش في كنف فخ المرحلة الانتقالية الدائمة وتتقدم لا محالة باتجاه فخ البؤس الدائم، فالرشوة والاستبداد أو الحكم الصادر عن الفرد، يفتح المجال أو الطريق المؤدي إلى الدولة الفاشلة على نحو متزايد، وبالتالي التعرض لأحد الأخطار التالية:  أـ التمرد دون حدوث ثورة، مع حضور ووجود وقت واحد لمظاهر العنف الاجتماعي والعنف الإرهابي. ب ـ التدخل الأجنبي البارز أو المقنع، بالنظر إلى الموقع الجيواستراتيجي لبلدنا وللقيمة الاستراتيجية للمحروقات بالنسبة للقوى الأجنبية.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)