الجزائر

فيما وصفت روسيا مهمة عنان بالفرصة الأخيرة لتفادي حرب أهلية في سورياواشنطن وأنقرة مع الدعم غير العسكري للمعارضة




تزداد عزلة الانقلابيين العسكريين في مالي أكثر فأكثر مع مرور كل يوم وهم الذين يتسم موقفهم بالضعف وسط رفضهم داخليا وخارجيا والذي زادته هشاشة تهديدات متمردي قبائل الطوارق والجماعات المسلحة.
فقد تجمع أمس ما لا يقل عن ألف شخص وسط العاصمة باماكو للتعبير عن رفضهم للطغمة العسكرية التي أطاحت قبل ستة ايام من الآن بنظام الرئيس امادو توماني توري والذي يزال مصيره مجهولا.
وجاء هذا التجمع استجابة لنداء أطلقته جبهة شكلها حديثا عدة أحزاب سياسية ومؤسسات المجتمع المدني الرافضة لانقلاب 22 مارس الجاري.
وتضم الجبهة الموحدة 38 حزبا سياسيا من بينها تشكيلات هامة على غرار الاتحاد من اجل الجمهورية والديمقراطية والتحالف من اجل الديمقراطية في مالي إضافة إلى ما لا يقل عن 20 جمعية قطعت العزم جميعها على مواجهة الانقلابيين العسكريين.
وتحت شعار ''جبهة موحدة من اجل الحفاظ على الديمقراطية والجمهورية'' ردد المتظاهرون ''سانوغو ارحل'' باتجاه قائد الانقلابيين الذي أطاح بنظام امادو توري بحجة عدم قدرته على مواجهة تمرد الطوارق في شمال البلاد. كما طالب المحتجون بتحرير مبنى التلفزيون والإذاعة وأكدوا على تمسكهم بالعودة إلى النظام الدستوري.
وتزامن تنظيم هذه الحركة الاحتجاجية مع الذكرى الـ21 للانقلاب العسكري الذي كان قاده امادو توري عام 1991 والذي وضع نهاية لأكثر من عشريتين من حكم الجنرال موسى طراوري.
وبينما قال سياكا دياكيتي الأمين العام لاتحاد الوطني لعمال مالي ''نحن لن نقبل اليوم رهن الديمقراطية التي بلغناها بشق الأنفس'' اكد سومعيلة سيسي مرشح الرئاسيات التي كانت مقررة في 29 افريل القادم والذي التقى قائد الانقلابيين انه ابلغ هذا الأخير ''بعدم موافقتنا وانه يجب احترام الدستور وعلى العسكريين البقاء في ثكناتهم''.
وفي ظل الرفض القوي للجبهة الداخلية المالية للانقلاب يبقى أهم امتحان عسير يواجهه الانقلابيون هو اليوم الثلاثاء أول ايام الاسبوع الذي من المفروض ان تتم فيه العودة إلى العمل في الإدارات والمؤسسات العمومية والقطاع الخاص.
ويزيد الرفض الداخلي للانقلابيين العسكريين في إضعاف موقفهم الهش أصلا بسبب التهديدات الجادة التي تمثلها حركات التمرد لقبائل الطوارق من جهة وتنامي نشاط الجماعات الاسلاموية الموالية لتنظيم القاعدة والتي تتخذ من شمال مالي معقلا لها من جهة ثانية.
وبالتوازي مع الرفض الداخلي تتصاعد حدة الضغوط الدولية لحمل الانقلابيين على إعادة النظام الدستوري حيث أعلن أمس قادة دول إفريقيا الغربية والمجموعة الدولية عن اتخاذهم إجراءات سريعة لإعادة النظام الدستوري في مالي.
وقالت المنظمة الدولية غير حكومية ''كرزيس غروب'' انه بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بنظام الرئيس توري فإن ''اللجنة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة سيشكلون مجموعة اتصال لإرغام الانقلابيين على احترام حقوق الإنسان والحريات المدنية وإحلال الديمقراطية''. وحذرت المنظمة غير الحكومية من ان الانقلاب العسكري يشكل كارثة بنسبة لمالي ولكل منطقة غرب إفريقيا.
من جانبها جددت فرنسا القوة الاستعمارية السابقة لمالي وأول شريك اقتصادي لهذا البلد الإعراب عن انشغالها العميق لمصير المسؤولين الماليين وفي مقدمتهم الرئيس امادو توري واللذين لا يزال مكان تواجدهم مجهولا.

تستمر المساعي الدولية الرامية لإيجاد مخرج لمعضلة سورية دخلت عامها الثاني واستعصى على المجموعة الدولية تسويتها في ظل تضارب مواقف أعضائها بخصوص الطريقة الأفضل للتعامل مع وضع لم يعد يحتمل الانتظار.
وفي هذا السياق التقى أمس كوفي عنان الوسيط الدولي المشترك بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بالرئيس الروسي ديمتري مدفيديف في زيارة اقل ما يقال عنها إنها حاسمة في تحديد مدى إمكانية نجاح مهمة عنان.
وهي المهمة التي وصفها الرئيس الروسي بمثابة ''فرصة أخيرة'' لتفادي اندلاع حرب أهلية في سوريا وأكثر من ذلك أكد الدعم الروسي التام لجهود الوسيط الدولي حيث قال ''بالنسبة لسوريا اعتقد أنها قد تكون الفرصة الأخيرة لتفادي حرب أهلية دامية ومستمرة''.
وأضاف خلال لقائه عنان ان بلاده ستقدم له ''كل الدعم الممكن على جميع المستويات وفي جميع الاتجاهات التي يمكن لموسكو المساهمة فيها''.
والمؤكد ان الدعم الروسي سيجعل عنان يواصل مساعيه بأكثر ثقة وسيبقى على أمله قائما في إمكانية نجاح وساطته في احتواء وضع دام ينذر بمزيد من التشاؤم مع مرور كل يوم.
ويدرك عنان جيدا انه لا يمكن تجاوز روسيا في أي تسوية للمعضلة السورية خاصة وأنها والى جانب الصين كانتا وقفتا حجر عثرة أمام استصدار أي قرار أممي يدين النظام السوري ويطالب الرئيس الأسد بالرحيل.
وهو ما جعل الوجهة المقبلة للوسيط الدولي بعد لقائه الرئيس الروسي ورئيس وزرائه فلاديمير بوتين ستكون بكين الحليف الآخر لنظام الأسد في مجلس الأمن الدولي والتي لها كلمتها في الازمة السورية.
وبالتزامن مع زيارة عنان إلى موسكو اتفق كل من الرئيس الأمريكي باراك اوباما ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اوردوغان أمس على تقديم دعم لكن غير عسكري للمعارضة السورية التي تطالب بتسليحها بدعوى التصدي لهجمات القوات النظامية.
واتفق الرجلان أثناء لقائهما في كوريا الجنوبية عشية قمة الأمن النووي بالعاصمة سيول على ان اجتماع ''أصدقاء سوريا'' الثاني من نوعه والذي سيعقد يوم الاثنين المقبل بمدينة اسطنبول التركية يجب ان يسعى إلى تزويد المعارضة بالمساعدات غير العسكرية مثل الإمدادات الطبية وتجهيزات الاتصال.
ولكنهما جددا بالمقابل دعواتهما لإحداث مسار انتقالي لتشكيل ''حكومة شرعية'' في سوريا التي تجاوزت حصيلة القتلى فيها منذ اندلاع الازمة 9 آلاف شخص.
ويكون الرئيس الأمريكي بهذا الموقف قد اقر ضمنيا رفضه تسليح المعارضة السورية لما له من عواقب كارثية ليس فقط على سوريا بل كامل منطقة الشرق الأوسط.
ثم ان الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية المطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد لم تتمكن من إقناع روسيا بالانضمام إلى صفها وهو ما جعلها تبدي مواقف أكثر ليونة أو حتى تقديم تنازلات في مسعى لاستقطاب الدعم الروسي على الأقل لتمكين الوسيط الدولي في الازمة السورية كوفي عنان من مواصلة جهوده لاحتواء الوضع المتفاقم في هذا البلد.
ويتأكد ذلك كون موقف الرئيس الأمريكي الرافض بتسليح المعارضة تزامن مع وصول كوفي عنان إلى موسكو على أمل إقناع المسؤولين الروس بممارسة ضغوط على دمشق لحمل الرئيس الأسد على تنفيذ مخطط التسوية الذي اقترحه الأمين العام السابق للأمم المتحدة.
بالتزامن مع ذلك تستمر أعمال العنف في هذا البلد بحصد مزيد من الأرواح وسط تضاربت المعلومات حول حقيقة ما يجري على ارض الميدان وتبادل تحميل المسؤوليات بين السلطة والمعارضة في تحميل هذا الطرف الطرف الآخر مسؤولية الهجمات المسلحة وعمليات التقتيل التي أصبحت من يوميات المشهد السوري المتأزم.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)