الجزائر

فشل سياسات الإسكان تسمم علاقة المواطن بالحكومة نهاية عهدة نيابية على وقع احتجاجات السكن ومخاوف من مقاطعة التشريعيات



أظهرت احتجاجات المواطنين بشأن السكن في ولايات عديدة من القطر الوطني، مدى هشاشة السياسات العمومية المتعلقة بالقطاع، وإن كانت مثل هذه الاحتجاجات ''روتينية وعادية'' في الجزائر، إلا أن تزامنها مع قرب نهاية العهدة الانتخابية، تحيل إلى ''فشل ذريع'' في التكفل الجدي بانشغالات المواطنين.  صعب على الحكومة إيجاد مبررات العجز في تلبية مطالب السكن، وسجلت خيبة أخرى مع قرب نهاية عهدة انتخابية، تخشى أن تكون بوابة لمقاطعة أخرى في التشريعيات، قياسا بالفشل في السياسات الاجتماعية،  بعدما أدركت أن المواطن، تيقن أن الأزمة أزمة نظام ولا علاقة لها بوفرة الاعتمادات المالية من عدمها.
ولم تزرع الحكومة إلا مسكنات مهدئة في أوصال ممن يحتجون حيال السكن، قابلتها خطابات الوفرة والإمكانات المتاحة لبناء مليوني وحدة سكنية، في عهدة الرئيس الثانية، لكن الواقع أكد بقاء مئات الآلاف من المواطنين إما يقطنون البيوت القصديرية والأحياء الفوضوية وإما من دون مأوى، في وقت يعترف وزير السكن ذاته بوجود أكثـر من مليون سكن شاغر في الجزائر. وقد جربت الحكومة كل الأشكال القانونية في تسيير ملف السكن، (التساهمي والاجتماعي والترقوي وغيرها) لكنها لم تتوصل إلى الوصفة المطلوبة، التي تجتث الأزمة، رغم أن الوصفة يعرفها العام والخاص وليست في حاجة إلى اجتهاد، وتتعلق بعلة المحاباة والمحسوبية التي يعاني منها جزائريون لا يعرفون عن قطاع السكن أكثـر من تصريحات مسؤولين يتبجحون بتوزيع السكنات أمام كاميرا التلفزيون، بينما مئات الآلاف منهم أودعوا ملفات قبل عشرات السنين ومازالوا ينتظرون في طوابير، دون أن يحظوا بـ مربعات سكنية يأوون إليها.
حاولت الحكومة تجاوز أزمة القائمة السكنية، بتجريب صيغة جديدة، بقدر ما فخخت الوضع أكثـر بقدر ما أبعدت المواطن عن مسؤوله الأول رئيس البلدية ، فنزعت من المجلس البلدي صلاحية توزيع السكنات وأسندتها للدائرة، وفي اعتقادها بأنها أجهزت على المحاباة من خلال التشريع الجديد، فإذا به ضاعف الأزمة أكثـر لما أصبح المير غير مسؤول عن القائمة في بلديته، وبالتالي لا يجوز للمواطنين الاحتجاج أمام البلدية وإنما أمام مقر الدائرة التي لا يُعرف رئيسها كما لا يعرف هذا الرئيس مواطني البلدية، كما يعرفهم المير ، هذا الأخير الذي نفض يديه من المشكل ظاهريا لكنه باطنيا ، بقي المتحكم في القائمة السكنية، بصفته عضوا في لجنة التوزيع، هو الوحيد منطقيا من يستطيع إقناع رئيس الدائرة بمنح فلان السكن ونزعه من علان، وهي الثغرة التي يستغلها الأميار لتمرير ملفات الأحباب وإقصاء المستحقين الحقيقيين بينما يظهر أمام مواطنيه بريئا تماما .   المفارقة وجدت ظالتها في بداية نهاية العهدة الحالية، بينما تحول اهتمام الأميار من خدمة مواطنيهم إلى ملء الجيوب قبل انتخابات محلية قد تزيحهم من كراسيهم، بينما تفطن المهمشون لواقع الأمر، ليحولوا نهاية العهدة إلى احتجاجات، هي في الحقيقة مرآة لمعاناة لا تقتصر على أزمة السكن، وإنما تتعداها للتعبير عن سخط من منتخبين ناموا طيلة خمس سنوات وحاولوا إحياء مشاريع ميتة، وقودا لحملة انتخابية. 


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)