الجزائر

فرنسا تخرق وقف إطلاق النار؟!



مازال الفكر الاستعماري الفرنسي يواصل مهمته في الجزائر, بشراسة لا تقل شراسة عن زمن تواجدها هنا.

الحرب هذه المرة إعلامية, جندت لها فرنسا كل ما تملك من وسائل إعلام, في فرنسا وفي غير فرنسا وامتدت يدها لتعبث بالتاريخ أيما عبث, فكل الصور والشهادات التي تصبها فرنسا عبر فضائياتها تؤكد شيئا واحدا, أن "الأفلان هو الذي اعتدى على فرنسا والفرنسيين, وجردهم من ممتلكاتهم, ممتلكاتهم هنا في الجزائر"!!

الإعلام الفرنسي اختصر كل سنوات الوجود الاستعماري في سنوات حرب التحرير, وحاول إظهار مجاهدينا أو "الفلاڤة", حسب تعبيرهم, على أنهم همجيون وهم من اعتدوا على الفرنسيين الذين جاؤوا لتقديم المساعدة للشعب الجزائري المسكين الذي كان هائما في الجبال, يعاني القمل والفقر والوسخ, وتناسى الإعلام الفرنسي أن يذكر من السبب الذي جعل الجزائريين يعيشون هذه الأوضاع المزرية قبل أكثر من قرن من اندلاع الثورة.

الإعلام الفرنسي يقوم هذه الأيام بخرق اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة في 18 مارس 1962, بل الحرب لم تتوقف, وكانت مجرد هدنة مؤقتة ما تلبث أن تشتعل كلما جاءت مناسبة كهذه التي نعيشها اليوم.

فمتى توقع فرنسا معنا اتفاقية حقيقية لوقف إطلاق النار, نيرانها الإعلامية علينا وعلى ذاكرتنا, وعلى تاريخنا وثورتنا, على مآسينا التي عشناها تحت ظلم سلطتها, ونيران قنابلها؟؟

الحرب مازالت متواصلة, وهي حرب دعاية وأكاذيب, وحرب مساومات وابتزاز لا تنتهي, لم يتصدق علينا أحد بالاستقلال, بل افتككناه بتضحيات جسام افتكاكا, لكن الاستقلال اليوم مرهون بالحسابات السياسوية, أبطالها حركى أخطر وأسوأ من حركى التحقوا بالضفة الأخرى في جويلية 62 .. حركى يسهرون اليوم في صمت على خدمة المصالح الفرنسية, اقتصاديا وثقافيا وفكريا, والكل يعرف الكل, لكن لا أحد يقوى على إعلان نوفمبر جديد لاستكمال الاستقلال وإجبار فرنسا على احترام استقلالنا, فهي لم تبرأ من وجع اسمه الجزائر, والجزائر موجوعة بأبنائها الذين خانوا أمانة الشهداء, وهم يسعون في صمت لارضاء فرنسا بكل الطرق.

إطلاق النار لم يتوقف, هو متوقف من طرف واحد, من طرفنا نحن الذين لم ندعم استقلالنا بمؤسسات حقيقية, وبترسانة إعلامية تخدم مصلحة الوطن وتحمي تاريخه وهويته, فلا استقلال إلا بديمقراطية حقيقية, وباستقلالية إعلامية, فبعد خمسين سنة من الاستقلال, مازالت حقائق بلادنا ومشاكلنا السياسية تأتينا عبر المنظومة الإعلامية الفرنسية, ومازال أولو الأمر منا يفضلون الإدلاء بالأحاديث والتصريحات والحوارات لتلفزيونات فرنسا وصحفها, ومنعها عنا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)