الجزائر

فرطاس صليحة تروي محطات معاناتها مع سرطان الثدي “مرضي غيّر حياة أبنائي وعرّفني بقيمة نفسي”


فرطاس صليحة تروي محطات معاناتها مع سرطان الثدي              “مرضي غيّر حياة أبنائي وعرّفني بقيمة نفسي”
العلاج الكيميائي عذاب على الأرض، وتساقط الشعر حولني إلى شبح فرطاس صليحة، صاحبة الواحد والأربعين عاما، التي تعرفت على الألم في إحدى العيادات الطبية بعد أن كشفت عملية فحص دوري عن سرطان خبيث هاجم ثديها وحكم على أنوثتها بالإعدام، هي أم أخذت موعدا مع المعاناة في شهر أوت من السنة الماضية عندما تنازلت عن رمز أنوثتها تحت تهديد فيروس خطير خيّرها بين حياتها إلى جانب عائلتها أو وسط ذكرياتهم وماضيهم، هذه المرأة انقلبت حياتها رأسا على عقب بعد اجتياح مباغت من سرطان الثدي.صليحة أم لبنتين وولد، إطار سامي في الغابات، كانت تعيش حياة عادية رفقة عائلتها البسيطة وأملها أن ترى أبناءها يكبرون أمام عينيها، لتكتشف بعد فحص طبي عام اعتادت على القيام به كل ستة أشهر أنها تعاني من سرطان في مرحلته الثانية يتربص بثديها، وبطبيعة الحال لم تتقبل هذه الحقيقة بسهولة، حيث عمدت إلى تكرارالفحص عدة مرات وفي مخابر مختلفة.. إلا أن النتيجة كانت سلبية وقادت صليحة إلى عملية جراحية تخرج منها خاسرة في كل الأحوال.لم يكن من السهل على هذه الزوجة أن تصارح شريك حياتها بالمرض الخبيث، وبعد معرفته وجدت فيه الصدر الرحب الذي ساعدها على تقبل الواقع، فهو إلى جانب عائلتها ومن خلال مرافقتهم لها جعلوها تحس بالأمان، فتلك المساندة خففت الكثير من معاناتها.. ومشاهدتها لكل ذلك الحب في أعينهم جعلها تحس ببعض الارتياح والاطمئنان، وشحنها ببعض الصبرو وكان بمثابة سلاحها لمجابهة تبعات هذا المرض الخبيث والتصدي لكل أعراضه المريرة.اضطرت صليحة إلى مواجهة المرض خارج أسوار منزلها وبعيدا عن أبنائها، حتى لا تسمح لصورتها أن تنهار في أعين صغارها، وحتى تتجنب الإجابة عن التساؤلات التي ترتسم في عيونهم البريئة والتي حتما ستسال عن شعر أمهم وحيويتها، وعن هوية ذلك الفراش الذي شغل أغلى الناس عنهم، وجعلها تهمل تفاصيل حياتهم وتمتنع عن ضمهم إلى صدرها الحنون الذي اختار هذا الفيروس أن يسرقه منهم. أصعب المراحل التي مرت بها صليحة كانت فترة العلاج الكيميائي الذي اعتبرته “عذاب القبر فوق الأرض”، الذي كان مرفوقا بالعديد من الأعراض الجانبية، على غرار حالات الغثيان والفشل في العظام، ناهيك عن الحروق التي يسببها العلاج بالأشعة”.كل هذه المرارة جعلتها تقول أقسى جملة عبرت بها صليحة عن نفسها هي “تحولت إلى منتهية الصلاحية بعد أن فقدت ثديي خاصة بعد انقطاع الطمث، ما جعلني أحس أنني غير صالحة للاستعمال”. وعلى الرغم من أن عائلتها استقبلتها واعتنت بها خلال فترة العلاج إلا أن والدها لم يكن يقوى على رؤيتها في تلك الحالة، خاصة بعد فقدانها لشعرها الذي حولها على حد تعبيرها إلى شبح يخيف كل من يراه. كما أن أكبر ما بقي يحز في نفس هذه المرأة هو تخلي البعض ممن كانت تعتبرهم مقربين عنها في عز أزمتها وحاجتها للدعم المعنوي، ما جعلها تعتبر نكبتها الصحية فرصة لتقصي مكانتها في قلوب الآخرين، وكذا دورها المهم في عملها، والذي أحس الجميع بقيمته بعد غياب صليحة لمدة سنة كاملة عن منصبها الذي لم يتمكن أحد من شغله.  وبعد الأوقات الحرجة التي استنزفت من صحة صليحة وحياة كل عائلتها، عادت منذ فترة وجيزة إلى إبنيها اللذين وجدتهما شخصين مسؤولين تعلما الاعتماد على أنفسهما وتأقلما مع غيابها. وفي انتظار أربع سنوات أخرى من العلاج والمتابعة، تبقى هذه المآسي تطبع حياة كل امرأة ابتليت بهذا الداء الخطير. دباري فيروز
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)