الجزائر

فرحة السلطة بـ''الأفافاس''



 الأفافاس ليس حزبا عاديا، تاريخه ومواقفه ترشحه، ليكون بارومتر قياس العمل السياسي، وفي تحديد معالم الاتجاه الذي من المحتمل أن يأخذه صناع القرار في البلد.
تلقى الحزب ضربات تشبه إلى حد ما، ضربات تعرّض إليها المرحوم مهري، عام 1996، أو عبد الله جاب الله، الذي اضطر على مرتين إلى تشكيل حزب جديد. وعكس آخرين، لم ينهار بناء الأفافاس. نعم تأثر وربما تعطل في تقدمه. وخسر إطارات، لكنه لم ينفجر ولم يخسر روحه في صفقة سياسية.
من الصعب الثبات في محيط دائم التغير في المواقف وفي الانقلاب عليها.
عندما تم الإعلان عن تغيير كريم طابو من على رأس أمانة الأفافاس، توقعت بعض القراءات دخول الحزب تشريعيات ماي المقبل.
والسبب أن كريم طابو أزعج أكثر من طرف، سواء من جهة السلطة، أو من جهة الأحزاب، بخطابه المباشر والحاد وغير المهادن، وهو خطاب لا يصلح زمن الانتخابات والرسائل الدبلوماسية. واليوم يتساءل جل المتابعين للشأن الجزائري عن السر الذي يجعل حزب آيت أحمد يقرر المشاركة في الانتخابات. فهل تلقى ضمانات من الرئيس بوتفليقة، أم أنه تفاوض على شكل المجلس المقبل وعلى معالم الدستور الجديد؟
تنفي قيادة الأفافاس وجود أية مفاوضات وفي هذه المرحلة لا يمكن توقع أو انتظار اعترافا بوجود اتفاق إن وجد. ويكون النفي والتكذيب الأسلوب الوحيد لتأجيل بروز الحقيقة.
إذا ما أخذنا بفرضية وجود اتفاق بين الأفافاس والسلطة حول ماذا يكون موضوعه؟
القاسم المشترك بين الطرفين أننا نكتشف، ولأول مرة، استخدام السلطة لمصطلح المجلس التأسيسي عندما تتحدث عن مهمة المجلس القادم في صياغة أو في إعادة صياغة، دستور جديد. والمجلس التأسيسي هو مطلب الأفافاس من عام .1963 وما دون ذلك، لا يوجد ما يعبّر عن تقارب بين الطرفين، بل تتزايد الشكوك على خلفية الأسلوب المتبع في الإعلان عن اعتماد الأحزاب، حيث انتقلنا من حالة الإمساك إلى الإسهال ، إضافة إلى حقيقة أرقام المسجلين في القوائم الانتخابية.
فماذا تغيّر ليقرر الأفافاس دخول انتخابات ويكون سببا في فرحة السلطة بمشاركته؟
إن تكرار التزوير وتوريثه بين جماعات الحكم المتعاقبة على التسيير، يجعل من اللاتزوير فرضية ضعيفة. ليس لضعف في الوعود وإنما  لغياب الرادع القانوني الذي يلزم على احترام القانون.
لم يقنع الأفافاس بموقفه ولا بمبرراته. هو سيد في قراره، لكنه اختار الغموض في التعامل مع الرأي العام. ومسؤوليته هي أكبر معنويا من مسؤولية أحزاب الحكم التي تجتهد كعادتها في تبني شعارات لا تعمل بها، كما أنها غير معنية لما ننتظره من نزاهة انتخابية، لأنها تستفيد من التزوير، فلماذا ستتخلى عن هذا الامتياز؟
تكشف المدة التي تفصل عن البداية الرسمية للحملة الانتحابية، عن هشاشة المشروع الذي يعتمد أساسا على تخويف الجزائريين عن صيامهم من الانتخابات. وتتضح أزمة الأحزاب وفي المقام الأول أحزاب الحكم، من خلال اعتمادها على خطاب التهويل والتخويف من انعكاسات مقاطعة الانتخابات. فلماذا تخشى المقاطعة بهذا القدر من الخوف؟ وأين هي الإنجازات التنموية لتستعملها ورقة إقناع؟
أكثر من ذلك، لا تبدي مؤشرات عن وجود ثقة بالنفس. هي تتحدث عن عموميات ولا تقدّم ملامح صورة الجزائر في السنوات الخمس القادمة.
سيمر الإقناع للإقبال على التصويت عبر وجود برامج فعلية تقدمها وجوه تؤمن بشعارات الديمقراطية والتعاون. ولن يزيد الخطاب  القائم على التهويل وعلى  التخويف إلا في مضاعفة الشكوك من نوايا الحكم وأحزاب الحكم.
الأمر المؤكد أن الانتخابات هي أداة تغيير راقية عندما تستخدمها أياد نظيفة. و الخطاب المؤدي إليها هو المعيار الذي يميز بين أحزاب جدية قوية بأفكارها وبين تلك التي تعتمد على الخوف.. 
hakimbelbati@yahoo.fr
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)