الجزائر

"فتوى" الرئاسة في إصلاحات الأمن والسياسة




عادت التغييرات الهيكلية التي أحدثها الرئيس بوتفليقة في المؤسسة العسكرية عموما وجهاز الاستخبارات خصوصا إلى الواجهة ، فقد أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا تشرح فيه الأسباب والخلفيات التي تقف وراء القرارات التي اتخذها الرئيس منذ مطلع الصائفة الماضية، وانتهت بإحالة أقوى رجالاتها على التقاعد .بيان رئاسة الجمهورية وإن لم يحمل أي جديد بشأن ذلك، إلا أنه شرح أسباب التغييرات التي أحدثها الرئيس وفق الصلاحيات التي يخولها له الدستور، وتشير القراءة السياسية في بيان الرئاسة إلى تنفيذ برنامج إصلاحات هيكلية على المؤسسة العسكرية بالتوازي مع الإصلاحات السياسية الأخرى التي أحدثها على قطاع العدالة ، بهدف الوصول إلى مرحلة نهائية تتوّج بالتعديل الدستوري الذي سيكرس استقلالية المؤسسات ودمقرطة الحياة السياسية بوضع آليات تتيح المزيد من الاستقلالية في العمل السياسي والنشاط الحزبي. وتشير الكثير من الدلالات إلى رغبة سياسية تهدف لتجاوز المراحل السابقة بوضع الأطر الصحيحة التي تسمح بإقلاع سياسي بعيدا عن التدخل والوصاية، دون المس بالمقومات والأسس التي ترتكز عليها الأمة، ومن شأن الإصلاحات الدستورية أن توضح ماهية المرحلة النهائية التي يتطلع إليها الكثير في الجزائر، عقب التغييرات الجريئة التي مست العديد من المؤسسات.بيان رئاسة الجمهورية أشار إلى أن التعديلات التي مست المؤسسة العسكرية وجهاز الاستعلامات والأمن على وجه العموم تندرج في سياق إصلاحات سياسية وأمنية واسعة، ومعلوم أن السلطة أقدمت على رفع حالة الطوارئ عام 2011 ، وهو المطلب الذي ظل عنوان العمل السياسي لدى المعارضة، لكن رفع حالة الطوارئ لم يكن يعني التخلي عن المهام الأمنية في مكافحة الإرهاب، بل إن تلك الإصلاحات التي تحدث عنها بيان الرئاسة عزز المؤسسات الأمنية وصلاحياتها في مكافحة الإرهاب، خصوصا مع الانفجار الذي حدث في منطقة الساحل والصحراء، ومن الواضح جدا أن مسألة التعديلات التي أقرها الرئيس بوتفليقة مؤخرا تأتي حسب بيان الرئاسة في سياق الإصلاحات التي بوشرت قبل سنوات مثلما هو واضح أنها ستنتهي بتعديلات أو بإصلاحات دستورية عميقة تؤسس وترسخ لكافة السياسات التي أُقرت سياسيا وأمنيا. ومن المرتقب أن يضع الرئيس بوتفليقة التعديلات الدستورية أمام الشعب للاستفتاء مثلما جرت عليه العادة ، وظل مطلب الاستفتاء الشعبي أحد المحاور الرئيسية التي ارتكزت عليها المعارضة في دعواتها لإصلاحات شفافة، ويبدو هذا تلبية لمطالب جل الطبقة السياسية، ومعلوم أن بوتفليقة سبق وأن احتكم إلى الاستفتاء الشعبي في مشروع قانون الوئام المدني وميثاق السلم والمصالحة، رغم الصلاحيات التي يخولها الدستور لرئيس الجمهورية بعرض مثل هذه المشاريع على البرلمان بغرفتيه. وتعتبر التعديلات الدستورية والاستفتاء الشعبي بشأنها آخر مراحل الإصلاحات النهائية المرتقبة من بوتفليقة الذي سبق وأن وعد بذلك منذ أن قرر رفع حالة الطوارئ عام 2011. وفيما يتعلق بالبيان الرئاسي الصادر يوم الخميس الماضي فهو يعتبر موقف رسمي وتوضيحا رسميا لسلسلة القرارات الأخيرة التي مست المؤسسة العسكرية ولرفع الإلتباس الذي أحاط العملية من طرف بعض الجهات السياسية داخليا وخارجيا. كما أنه جاء للفصل بين تلك التغييرات وتداعياتها وما تعرفه الساحة السياسية من نقاش على خلفية ذات التعديلات التي كانت بحاجة إلى توضيح رسمي قد تتسع دائرته من طرف الكثير من المحسوبين على الرئيس، خصوصا الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني و صديقه اللدود أحمد أويحيى.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)