الجزائر

غياب الفضاءات يحول دون بروز المواهب الشبانية في الشعر



غياب الفضاءات يحول دون بروز المواهب الشبانية في الشعر
اعتبر الشاعر الشعبي نصر الدين موكاح، أن الكثير من المواهب الشعرية لم تسمح لها الظروف بالظهور; وهذا راجع حسبه إلى نقص الفضاءات التي تأخذها نحو البروز، مشيرا إلى أن الشاعر الشاب الذي يحمل ملكة شعرية في حاجة إلى تأطير ليواصل بنجاح.من خلال تجربتك الشعرية كيف تنظرون إلى واقع الشعراء الشباب في الجزائر؟ أعتقد أن واقع الشعراء الشباب في الجزائر يعكس أصلا راهن الشعر الجزائري، الذي يعرف تراجعا كبيرا مثله مثل المشهد الثقافي، وترتبط عوامل عدة في عزوف الشباب عن الاهتمام بالشعر، مثلا الفصيح الذي يعود إلى عصور قديمة بدأ حديثا يحمل طابع التجديد من طرف شعراء متأثرين بالفكر الغربي.. ليمتزج بأغراض وصور الشعر الغربي (الرمز، توظيف عناصر الطبيعة في الخيال..الخ)، هذا إضافة إلى تأثر اللغة العربية وتراجعها أمام بروز لغات أجنبية وتكنولوجيات حديثة، أفقدت اللغة حرارتها وأصابتها بالبرودة ودخول أنماط إبداعية تصدرت الساحة واستحوذت على اهتمام الشباب. أما فيما يخصّ الشعر الشعبي فقد اقتصرت رسالته في الأغنية التي يكتبها بعض شعراء الشعبي، الذين وجدوا أنفسهم أمام طغيات الأغنية الرايوية التي أفقدت معنى الكلمة.لكن هناك شعراء شباب أبانوا عن قدرات لابأس بها في تظاهرات محلية ووطنية رغم قلتها وتحصلوا على جوائز وتكريمات؟هذا صحيح، لكن الكثير من المواهب الشعرية لم تسمح لها الظروف بالظهور، وهذا راجع حسب رأيي إلى نقص الفضاءات التي تأخذها نحو البروز، فالشاعر الشاب الذي يحمل ملكة شعرية في حاجة إلى تأطير ليواصل بنجاح لأن الشعر له قواعد وأسس يقوم عليها حتى تأخذ القصيدة معناها، ففي البداية تكون عبارة عن صور شعرية تحمل قافية معينة، ويفتقد الشاعر المبتدأ في كثير من الأحيان إلى الوزن والتقنيات التي تلقن عن طريق الاحتكاك والاطلاع، هذا لا يجعلنا ننكر وجود مبادرات وفضاءات ساهمت في بروز شعراء شباب، فعلى سبيل المثال جائزة «علي معاشي» للمبدعين الشباب التي تشرف عليها وزارة الثقافة، تمنح الفرصة للكثير من المواهب الشعرية للظهور وتكون بمثابة انطلاقة جديدة نحو تقديم أعمال في المستوى ونشرها فيما بعد. هذا دون أن أنسى الديوان الوطني للثقافة والإعلام والمجلس الأعلى للغة العربية اللذين ينظمان من حين لآخر أمسيات شعرية لكنها تبقى غير كافية. وماذا عن الجمعيات الثقافية التي تضطلع بمسؤولية كبيرة لإبراز مختلف المواهب الشعرية؟ قبل الاجابة عن السؤال وحسب تجربتي في ولوج هذا الميدان أرى أن على الشاعر الشاب أن يفتح طريقه بنفسه بطريقة أو بأخرى، أي أن يسعى لكل مايراه مفيدا في صقل موهبته ولا ينتظر من شاعر آخر أن يبرزه، كما قال الشاعر «ومن يتهيب صعود الجبال، يعش أبد الدهر بين الحفر».أما فيما يخص الجمعيات فأرى أن بعضها تقوم بنشاطات في هذا الشأن ويحضرها شعراء شباب، لكن في أغلب الأحيان يحتكرها الشعراء الكبار ولا تمنح الفرصة للشباب، وهذا لم أجد له تفسيرا، مع أن الابداع غير مرتبط بالسن أو الأقدمية، وهي فرصة أدعو فيها مسؤولي مختلف الجمعيات والمشرفين على الثقافة فتح المجال للمواهب الشابة في الشعر سواء في الفصيح أو الشعبي، اقتداء بماهو موجود في بعض الدول العربية حتى لا يأتي اليوم الذي تخلو فيه الساحة الفنية من الشعراء.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)